عيد المرأة عيد البشرية التقدمية لإنجاز الحقوق المشروعة



مصطفى محمد غريب
2016 / 3 / 6

اكتب هذا العام عن عيد 8 آذار عيد المرأة العالمي بشكل مختلف نسبياً عن مقالات سابقة تخص هذا اليوم الرائع ونضال المرأة الأروع في سبيل حقوقها المشروعة ولا أريد أن اكرر أو اعدد الحقوق ولا أراجع الواجبات فقد أصبح العيد عبارة عن يوم يشهد للمرأة كفاحها وصراعها وحياتها بمثابة مرآة تعكس حقيقة دورها وما يقع على عاتقها وعاتق الرجال ولولا نضال البشرية التقدمية والقوى الديمقراطية بالتضامن مع كفاح المرأة لما تحقق البعض من هذه الحقوق غير المكتملة التي تحتاج إلى نضال عنيد لإتمام المهمات التي تقع على عاتقها وعاتق هذه البشرية وقواها التقدمية والديمقراطية، مهمات مازالت تنتظر الإنجاز لكي تتمتع المراة بجميع الحقوق الطبيعية في حياتها العملية كونها تشارك الرجل في أكثرية الأعمال والوظائف الحياتية لكنها أكثر منه لأنها أم الحياة البشرية وديمومتها التي لا يمكن أن يضاهيها عمل أو وظيفة أو علم أو اجتهاد، إنها التي تقوم بكل تضحية في سبيل أن تكون للحياة البشرية رونقها واستمرارها واحتضانها للأجيال القادمة.
آذار الربيع هو ربيعها الخاص الذي يجب أن يقوم الرجال حصراً ليس الاحتفال معها فحسب بل أن يضعوا نصب أعينهم النضال من اجل حقوقها ليس عن طريق الكوتا ( 25 % ) وكأنها فضل على النساء العراقيات، بل يجب الاعتراف العلني غير الناقص واستكمال التشريع القانوني الذي يقر أن المراة تشكل عماد المجتمع ونصفه الآخر وان تكون حقوقهن متساوية مع الرجال إلا في قضايا تنحصر بجنس المراة فقط ، لقد عانت المراة العراقية وما تزال من الغبن وإهدار الحقوق والتجاوز عليها وعلى كرامتها وتعامل كأنها من الدرجة الثانية أن كان في البيت أو في أكثرية الوظائف والأعمال بالرغم من عدم الإعلان عن ذلك والتمشدق من قبل الكثير من الرجال بكلمات الحقوق والحرية والمساواة إلا أن الحقيقة تكشف زيف الادعاءات والكذب وتمويه الحقيقة حتى أن الكذب فيما يخص حقوق المراة والحديث عن نظام الكوتا وكأنه ملهمة سماوية يتفنن البعض من المسؤولين بطرحها وكأنها منحة من منحات القوى المتنفذة في السلطة والتي أصبحت نوادر يسخر منها الناس، ولهذا لا يمكن اعتبار ما تقدمه الحكومة باسم الدولة عبارة عن منّة لان حقوق المراة المُشرعة في القوانين الدولية والموثقة بإعلانات حقوق الإنسان وبخاصة " الإعلان العالمي 1948 والعهدين في 1966" والمنظمات الدولية في مقدمتها الأمم المتحدة عبارة عن إلزام بالتنفيذ وأي محاولة للتجاوز عليها أو عدم التنفيذ بسبب المصالح السياسية أو تحت طائلة الدين أو الأعراف والتقاليد البالية يعتبر خروجاً عن القوانين والمعاهدات وإعلانات حقوق الإنسان، ولهذا صنف العراق باعتباره ثاني أسوأ مكان في العالم العربي وبينت الكثير من الاستطلاعات وفي مقدمتها مؤسسة " تومسون رويترز " أن ثلثي العراقيات يطلبن إذن أزواجهن للذهاب إلى العيادة الصحية" كما أشارت الاستطلاعات على"آلاف النساء اضطررن للعمل بالدعارة في بلدان مجاورة بسبب النزوح الجماعي والاقتتال الطائفي"
كما أشار الاستطلاع أن التمييز بين الجنسين ظاهرة ملموسة فعلى مستوى العمل فان ( 14.5 % ) من النساء العراقيات لديهن أعمال أو وظائف لكن يوجد حوالي ( 1.6 ) مليون أرملة فضلاً عن الأعداد الهائلة من العاطلات أو ربات البيوت المحرومات من ابسط الحقوق المدنية.
ونذكر في هذا المجال ما قدمه وزير العدل العراقي ما يسمى مشروع قانون لمجلس الوزراء الذي حاول فيه إضفاء الشرعية على زواج الأطفال وأطلق عليه ( مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري) وأعجب ما فيه منح الحق للمراة حق الطلاق فقط في حالة أن يكون الزوج عاجزاً أو يبتر " قضيبه " وكأن المراة عبارة عن مشروع للجنس لا أكثر ولا اقل بينما أعطى الحق للرجل أن يطلق المراة في العديد من قضايا التمييز أو حتى إذا كان لديها طفح جلدي، فضلاً عن مواده التي تبيح للرجل أن ينفذ رغباته الجنسية وغير الجنسية فضلاً عن منعه خروجها من البيت إلا بإذنه، ثم قضية الأطفال واستحواذه عليهم وحضانتهم حين يبلغ الطفل عامين في حالة الطلاق، كما أباح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري زواج الفتيات في التاسعة من العمر بموافقة الوالدين، وزواج الفتيان في سن الخامسة عشر، وهناك الكثير من المثالب والتجاوز على المراة العراقية، ومنذ أول لحظة ظهر مدى التجاوز على المراة العراقية والفتيات العراقيات مما أثار السخط والغضب والاستنكار والمطالبة برفضه لأنه يعتبر أسوأ مشروع لقانون الأحوال الشخصية إذا قيس بالقوانين الأخرى وبخاصة قانون الأحوال الشخصية في العراق الذي يعد من القوانين التقدمية التي تمنح الكثير من الحقوق على جميع المستويات تقريباً.
لقد عانت المراة العراقية من القوانين الرجعية والقوانين التي خصها النظام الدكتاتوري السابق وبخاصة التي جاءت بعد الإعلان عن " الحملة الإيمانية" الكثير من التجاوز على حقوقها بحجة التشريعات الإسلامية بينما في واقع الحال فان المشكلة الأساسية التي تعاني منها المراة العراقية هو الواقع الاجتماعي المتخلف الذي تقيده التقاليد الرجعية وغياب الوعي وتشريع القوانين الذكورية التي تحدد وتحيد مشاركة المراة في الحياة السياسية، وتعتبرها ثانوية في خلق القيم الروحية والمادية في المجتمع، كما تجدها غير مؤهلة للعب الأدوار الرئيسية في مرافق الدولة وفقدان الفعالية في الحياة السياسية أي " السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية " على الرغم من الاتفاق على نسبة ( 25 % ) التي تمثل الكتل والأحزاب السياسية وأحزاب الإسلام السياسي على الرغم من انه جاء بعد كفاح مرير للمراة العراقية والمنظمات الحقوقية والأحزاب الديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي فضلاً عن منظمات المجتمع المدني وفي المقدمة رابطة المراة العراقية.
تبقى حقوق المراة هاجساً مستمراً لدى البشرية وقواها التقدمية ولا يمكن المهادنة أو الركون على هذه الحقوق المشروعة وتبقى المراة العراقية وحقوقها المشروعة قضية ليست محددة بقضايا المراة فحسب بل كونها قضية إنسانية شاملة يجب أن تُحَققْ بمزيد من الوعي الاجتماعي ونضال القوى الوطنية والديمقراطية التي تقف إلى جانب كفاح النساء العراقيات لتثبيت حقوقهن والمساواة مع الرجل في فرص العمل وفي الوظائف وكذلك المشاركة في الحياة السياسية في العراق.