المرأة العربية 7: يوم المرأة وأمومة الأم العربية



سندس القيسي
2016 / 3 / 7

المرأة العربية 7: يوم المرأة وأمومة الأم العربية

بمناسبة يوم المرأة، ليس أجمل من الإحتفاء بالأم العربية، التي ظلت محتجبة عن الأضواء مدة قرون وبالتأكيد خلال العقود الماضية. فلماذا اختارت الأم العربية البقاء في الظل وأن تكون الجندي المجهول، تعطي بلا حدود وتبالغ في التضحية، دون أن تصدر عنها أنّة تذمر. لماذا ظلت أمهاتنا معلقة في حناجرنا، حتى أننا بين كلمة وأخرى، ننطق يا أمي، وتكاد تصبح مقدسًا نصلي ونركع له، بل إننا نقبل أياديها وقدميها بكل شغف. ما الذي تفعله الأم العربية أكثر من غيرها من الأمهات.

ليس سرًا أن المرأة العربية تفني نفسها في بيتها ومن أجل أبنائها الكثر، وهي من تجعلهم معتمدين عليها إعتمادًا شبه كلي. فمنذ الصباح، توقظ هذه وتلك وذاك، ليجدوا فطورهم جاهزًا دون أن تنسى برامجهم اليومية، تناقشهم فيها على مائدة الإفطار. ثم تأخذهم إلى مشاويرهم، فمنهم من يذهب إلى الجامعة والمدرسة والعمل، والأم تقوم بكل شيء من التدبير المنزلي، إلى أعباء المنزل وسياقة السيارة.

لكن ليس لهذا كله، نقدر الأم العربية، القوية العنيدة، الصامدة كصخرة صلبة والتي تتكيف مع الظروف الطالعة والنازلة بليونة وحكمة. إن الأم العربية كانت تتربى على أن تكون سيدة منزل من الطراز الرفيع، فهي تعرف كل شيء عن أعمال المنزل واللياقة والأناقة والذوق حسب التقاليد العربية. وتعرف ماذا تلبس لكل مناسبة، وماذا تقدم وما تقول. وفي الليل، تعرف كيف تبدي زينتها لزوجها حتى بعد أن يكبر الأبناء. وهي كالجبل، زوجها يعرف أنه يستطيع أن يستند إليها وكذلك أبنائها، الذين تحرمهم من مشاهدة دموعها وهي تنهمر على خديها، كي لا يتسلل الوهن والضعف إلى قلوبهم، ولكي يبقوا أقوياء محاربين في وجه الحياة غير مأمونة الجانب. إن إمهاتنا وجداتنا كن يسعين للكمال.

وإذا كسرتك الحياة أو دهستك عجلة المِحنة، تجد أمك أول الناس إلى جانبك، تلملم قطعك المتشرذمة والمتباعدة. ورغم الحب والحنان والدفء الذي تمنحه لك، فقد تصرخ في وجه ضعفك وانهزامك لكي تفيق من الوقعة وستكون أول من يمسك بك لتقف على رجليك مرة ثانية، وقد تصبح أمك قاسية جدًا معك إن لم تفعل، فهي لم تلد أبناءً خاسرين في الحياة، ولن تقبل بأقل من صمودك وستمدك من ماء جبروتها وصلابتها الشديدة، فهي أمٌ عربية لا تعرف الفشل والهزيمة والتردي. لكن لا أحد يعرفها جيدًا غيرك وغير أخوتك وأبيك الذي يردد بأنها كاملة الأوصاف ولن يبدلها بألف إمرأة، لأنه كيفما تلفّت، رآها ملكة في عينيه وسيدة منزله وأخت رجال وإمرأة حقيقية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

ولهذا أتساءل هل حقًّا أم عربية كهذه هي إمرأة مقموعة ومضطهدة ومكبوتة؟ أم أن هذه شعارات قمّصها الرجل الغربي للمرأة العربية، من شدة جهله بها؟ ولأنه لا يعرف أي شيء حقيقي عن المرأة العربية، خاصة من الأجيال السابقة. وأعتقد أن الرجل الغربي جاهل تمامًا بالمرأة العربية، التي تساوي ألف رجل، ولذلك تصور خاطئًا كل هذه الإتهامات الباطلة التي حاول تلفيقها. والمرأة العربية ليست كيان وكائن سلبي، بحاجة إلى وبانتظار من يحرره. بل إنها تعطي الآخرين دروسًا في العطاء والتضحية والإباء والصمود وفي حسها الأنثوي الرفيع. كل عام والأم العربية بخير. نرفع لك قبعاتنا يا ماجدة الماجدات.