الفتى..كل هذا الجسد



الطيب طهوري
2016 / 3 / 8

إلى نساء الجزائر المكافحات

الفتى عنق تتلوى، ذراعْ ..
الفتى قورب تائه وشراعْ..
موجة تتقدم نحو الصخور العنيدة، ترجمها..
الفتى طرق لا تتحددُ..
لا تتوحد..لا تتجددُ..
ليس لها نفق أو جسورٌ..
وليس لها شارع للعبورْ
***
شجر السرو وجه الفتى..
رجله الموجُ..
كفاه تلك السفوح التي تتزين بالعشبِ..
والسهل أسماءهُ..
فمه القبرات تزقزق ملء الحقولْ..
كتفاه السهولْ..
الفتى سدرأسراره الرملُ..
أترابه حمحمات الخيولَ
***
هو أيضا غبار الأزقة حين تعانق صبيانها..
والغديرُ الذي يشرب الفقراءَ..
حليب النياق التي تعبر الظُّهر هذا السراب الذي يرتمي ساحلا من مياه الجفاف اللعوب..
وصوف النعاج التي تحتمي بالرعاة مساء الخريفِ..
ورعد الشتاء ..
الفتى حجل للربيع البهاء
الفتى كوخنا في الضواحي وخيمتنا في لظى الصيفِ ، عنزاتنا الذكرياتْ..
الفتى بابنا للصلاةْ
***
كانت الجُرجرية تحرس أشجارها، تينها، زيتونها..
الفتى غيمها كان يعلو السماء..
كانت الباتِنية تقطف برقوقها ..
الفتى كان أوراسها..
كانت الطارِفية تفتح حقل الكروم على ظلهِ..
الفتى عنب الذاهبات إلى شط أوتارها..
كانت العاصِمية سهلَ الحوامض يمتد أعمق من وهجها..
الفتى عطر ليمونها ..
كانت الشلَفية تجمع أصنامها صنما صنما في الضفافِ..
ترتل واديَها ماءَهُ..
الفتى كان أحزانَها اللولبيةَ ، رجتها في الغروبْ..
كانت البسْكرية دجلة نور تضيء البواخر عابرةً بحرَها..
الفتى كان عرجونها..
كانت الورْقلية وجها يلوب على رمله..
الفتى كان أهدابها..
كانت الباهيات رذاذا يعانق أسماءهنَّ..
وكان الفتى حجلا غرَّد وهرانهنَّ وفتَّح أعينهن على فتنة الليل بابِ الكمالْ
الفتى كل ذا..
الفتى كان كفي التي تزرع الريح سيل السؤال..
***
الفتى حجر يتدحرجُ..
والأرض دائرة في المتاهْ..
كيف لي أن أراهْ؟..قالت النائلية ثم اختفت في الصدى
الفتى شارع حامل ظلهُ..
النوافذ أحزا نه العامرية والليل أوتارهُ..
كيف لي أن أعانق أسرارهُ؟.. قالت الساحلية ثم اختفت في المدى
الفتى غازه الصخرُ والنخل أوجاعهُ ..
رئة الأرض في صدره ِ..
كيف لي أن أضم يديه إلي هنا؟.. قالت الصالحية ثم مشت في اتجاه خطاهْ..
الفتى جهة الريح آتيةً..
كيف لي أن ألاقيَ أشجارها؟..سألت طفلة لم تر البحر بعدُ..
ولا النهُرَ..
لم تركب الحافله..
وكانت كما يشتهي الرمل أجفانها..
تشتهي حدوَها القافله
***
الفتى شاهقا كان في زمن من ندى..
الفتى عانقت زهرة الله فيه الردى..
الفتى، الفتى..لا أحدْ
وحده الكل هذا الجسدْ
وحده الكل ريح الأبد