المرأة التونسية تقدم الجديد لليوم العالمي للمرأة



هيثم بن محمد شطورو
2016 / 3 / 13

امتـزج القـتل الميداني للدواعـش مع القـتل الرمزي للظاهرة الداعشية الكابوسية و لجميع محمولاتهم النـفـسية و الفكرية. بلغ هذا القـتل غايته القصوى بحادثة مشاركة فرقة قناصة نسائية تابعة لفرقة مقاومة الإرهاب و التي انطلقت في مهمتها على الساعة السابعة والربع صباحا، لتبدأ قـنصها في الشوارع والمفترقات التي تحصّن بهذا الإرهابيون لتـقضي بذلك على 9 دواعش وتعـود إلى قواعـدها سالمة الساعة التاسعة صباحا. فالمدة الزمنية تعبر عن الكفاءة العالية و عودتهن جميعا سالمات تدلل على رباطة الجأش و الشجاعة و الاحترافية، اما كونهن نساء فهذا ابداع تونسي لنساء تونس المتواجدات في كل الميادين التي يشتغل فيها الرجال بنـفـس المستوى او افضل. انها المرأة التي اخرجها الزعيم الراحل بورقيبة بالقوة في بعض المناطق الريفية لتدرس و تغدو كفاءة وطنية، انها المرأة التي نـزع عنها الحجاب او "السفساري" امام عدسات الكاميرا في الخمسينات من القرن العشرين، و انها المرأة التي وضع لها مجلة الاحوال الشخصية التي تضمن حقوقها المدنية. انها المرأة التي تحمل مسئولية البناء في الاسرة و الوطن لأنها فاعل اساسي فيه. انها المرأة المضادة تماما للمرأة في الممتـن الداعشي الاخواني للإسلام التـقليدي.
من هنا و الآن و من قناصات بن قردان في معركة اولى لإبادة التوحش البربري الهمجي لمحاولة الاحتلال الداعشي الاسلاموي المكبوت الجاهل الظلامي، تضيء زياتين تونس بنور التحرر عبر اشراقات حسناواتها من قواتها المسلحة في درب التحرر معلنة زهوها و مضيفة تاريخا آخر لليوم العالمي للمرأة الذي صادف اليوم الموالي لمحاولة احتلال مدينة بن قردان من جحافل الظلامية للقرون الوسطى المنحطة اخلاقيا و قيميا و انسانيا.
حلت عليهم لعنة النساء في شهر مارس الذي يحتـفل بالمرأة بما انه شهر الربيع و أي ربيع بدون المرأة و أي ارض بدون اشجار مورفة الاوراق و بدون ازهار و ياسمين و خضرة انـثـوية تـنعـش الوجود و تحبب الناس في صانع الوجود. الحسناوات و الانثى هن طريق من طرق الله في الارض. فبأي آلاء ربكم تكذبون ايها الدواعش المخزيـين.
فالمرأة تجعل الوجود الذكوري اكثر شجاعة و لكن اكثر انسانية كذلك. المرأة ليست مجرد رمز للأرض و الوطن بل هي الارض و الوطن. انظر ماذا قالت رقية المري، والدة الجندي عبد الباسط المري (35 عاماً)، الذي قُتل في هجوم بنقردان. رقية خاطبت المشاركين في جنازة ابنها بالقول: "لا تصرخوا ولا تبكوا... زغردوا، فابني روى بدمه تراب بلده الغالية".
هذه المرأة الام و لكن شهدت بن قردان كذلك المرأة الابنة. والد الفتاة سارة (14 عاماً)، التي قـُتـلت بالمواجهات، وهو الذي أطلق مقولته الشهيرة في وسائل الإعلام التونسية: "بلادي قبل أولادي ووطني قبل بطني".
و انك هنا امام ملحمة تاريخية بكل ما في الملحمة من واقع ملحمي و لكن كذلك فكرة ملحمية. لا نقول انها ملحمة النساء و لكنها ملحمة النساء و الرجال سواسية. و كما انهم سواسية فان الوجود المجتمعي انساني قيمي و ثوري بمعنى الانسانية في التحامها لدحر البربرية و التوحش. في دحر الجهالة و الاغتصاب و اكراه الناس و محو ارادتهم و بالتالي وجودهم. انسانية بمعنى كوننا احرارا لا نهاجم احدا و لكن في وجه من يهاجمنا فجميعنا بنسائـنا و رجالنا كائن انساني واحد يـسحـق البربرية و العـدوان، لنعود في اليوم الموالي للاحتـفال باليوم العالمي للمرأة. المرأة الاصل. المرأة الكون...