عيد الام وسجن الأمومة , وعبودية المرأة العربية



فؤاده العراقيه
2016 / 4 / 4

كثُر الحديث في شهر ’’مارس’’ عن المرأة ,وكثُرت كلمات التمجيد يحقها والتعظيم لدورها , مجرد كلمات هي مُقززة للآذان القادرة على التمييز والتأمل في المشاهد جيدا بفكر متوقد تجاوز كل تأثيرات المحيط عليه, فصارت تلك الكلمات غريبة عليهم وتشمئز آذانهم من سماعها وتأبى السنتهم من نطقها كونها مجرد كلمات بعيدة عن واقع المرأة المزري وصارت تتكرر كل عام في نفس الشهر وكأنها مجرد عادات تعودت عليها فئة هي الغالبة اليوم , هذه الفئة قد عُميت بصيرتها وصُمت آذانها عن السمع سوى من تلك الكلمات المكررات التي تعوّدوت على سماعها كل يوم دون تفكير بها وأصبحت مألوفة لديها , ومن كثرة التكرار انقلبت موازينها وصار الطبيعي غريب والغريب هو الطبيعي لديها .
فما نفع ان تكون اعيادنا مجرد عادات نكررها دون غاية تذكر ؟
ففي الوقت الذي فيه تضيع اعمار النساء سدى وهي تذرف الدم بدلا من الدموع وتعاني الأمرين من ظلم الاب المستبد ومن قهر الزوج وسلطة الأخ , يتوجوها بشعارات لا علاقة لها بواقعها .

فهل انتهينا إلى فكرة التكريم ببضع كلمات محصورات بقالب القوارير الضيق والذي يجعلها لا يتعدى كونها وعاء للإنجاب,وحاضنة للأبناء دون وعي منها كأي حيوان ؟

هل خلصنا إلى تكريمها بإقصائها عن الحياة واقتصار دورها كخادمة لذكور امتلكوا كيانها وعقلها كأي إنسان آلي ؟
هل عملها (ان حالفها الحظ)وشقاؤها خارج المنزل لتحسين الوضع المادي مع انعدام اي حق لها وكثرة الواجبات الملقاة على عاتقها وكأنها دابة ,هو تكريم لها؟
وان لم يحالفها الحظ بإيجاد فرصة للعمل فمصيرها سيكون سجن البيت حيث تسخّر كل جهدها لخدمة افراده وانتظار ما يتصدق به الزوج عليها وان ذهب الى دار حقه أو رماها إلى الشارع بكلمة واحدة فستكون نهايتها حتمية بفعل شغف العيش الذي ستواجهه وهذه معاناة جديدة حلّت بالمرأة .
هذه هي المرأة الأم الفاضلة التي صدّعوا رؤوسنا بالكلمات الرنانات التي تمجد دورها وبأجمل العبارات التي تغنّى الكثيرون بها , المرأة ,الأم الأخت , الزوجة , الحبيبة , تبدأ الأغاني وتصدح بتمجيد دور المرأة ,ويقوم البعض بتكريمها بالهدايا والورود ,وتتلقى الأم بدورها كلمات التهاني ويظهرون تقديرها واحترامها ويستذكرون الحديث القائل بأن الجنة تحت أقدامها ..
ولم يطرح أي من هؤلاء السؤال الذي صار يفرض نفسه وهو ماذا عن جنتها في ألأرض ولما صارت بعيدة المنال ؟
وما السبب الذي من وراءه لم نعد نفكر بأن نجعلها مُكرّمة في حياتها الآنية ؟
فبالرغم من إنها تحترق بنار الدنيا لكن دنياها لا تهم لديهم بقدر آخرتها حيث يريدون لها ان تحلم وتستند على الآخرة لتنسى قهرها أو تتعود عليه وتنسى عبوديتها لتشعر بها طبيعية ولا تفكر بتغيير واقعها وأن فكرت بالخروج عن قطيعهم البائس يُنصب لها العداء وتتلقى من الأذى الكثير.
فما الغاية من الاحتفالات بيوم المرأة لدينا وما الغاية من عيد الأم وأغلب النساء العربيات يعشنّ حياة التبعية الفكرية بفعل الكم الهائل الذي تتلقاه يوميا من مفاهيم تُحقر جنسها وتهمش دورها كانسان ,هو متساوي بالأصل مع الرجل, لكنه صار ادنى بفعل ما تلقت من مفاهيم تبغي اذلالها والسيطرة عليها ليتم السيطرة على المجتمع بأكمله , هكذا تخطط السلطات المأجورة في إضعاف شعوبها حيث تبدأ بالمرأة كونها الأضعف سياسيا واجتماعيا واقتصاديا , فأينما ذهبت المرأة تتلقى فكرا معاديا لإنسانيتها لتحد من قدراتها وتشل امكانياتها ,فمن المحيط والمجتمع سواء بالتعليم والإعلام الذي يضُخ بعقلها وبعقل الرجل مفاهيم ورؤى تحط من قيمة ألإنسان نساء ورجالا ,ولكن حظ النساء ومنذ اقدم العصور كان اكبر بكثير من حظ الرجال كونهنّ المغضوب عليهنّ في الدنيا قبل الآخرة .
تلك المفاهيم والرؤى المسخّرة لإدلجة عقل الشعوب ليتناسب مع مصلحة فئة معينة لسلب قدرتهم على الحياة الحرّة لتكون الشعوب عاجزة وتحت رحمة هذه الفئة القليلة التي تسلطت على رقابهم , وهذا ما يفسر كثرة النساء اللواتي شوهت طبيعتهنّ لكونهنّ ارغمنّ على قبول فكرة بأنهنّ ناقصات عقل ,فتغيرت تلك الطبيعة والفطرة لديهنّ , لكون الإنسان السوي سواء كان امرأة أو رجل يرفض وبشدة كل انواع العبودية لو اعترضت طريقه , ولكون الرجل استطاع عبر العصور من السيطرة على المرأة فقد حرر نفسه من قسم من هذه الضغوطات وأفرغ شحناته السلبية وقهره بالمرأة, أما هي فحوصرت من قبله بعد ان وضع الرجل قوانينه التعسفية لتكون لصالحه وضد انسانيتها , فتم قمع النساء اللواتي ناضلنّ ضد عبوديتهنّ واللواتي رفضنّ الظلم ومنذ قرون بتهمة السحر والشعوذة , حيث ناضلت النساء منذ القدم ولم يتوقفنّ عن نضالهن ,وهناك اسماء من القياديات كثيرة وقفنّ يوجه الطاغوت بكل صلابة ولكن دفنت اسمائهنّ تحت الرمال وطواها النسيان وذهبت جهودهنّ في ادراج رياح السموم والظلام التي جلبت لنا كل البؤس الذي نحن به اليوم .

فأتأمل اليوم وضع المرأة بعيدا عن مفاهيم مجتمعنا وتأثير المحيطين بنا والذين سيقوا حسب قيود وضوابط دون ان تُحترم عقولهم , واسأل عن الكيفية التي أخذوا بها هؤلاء في التغيير بهذه السرعة التي ماثلت سرعة البرق قياسا بالخراب الذي لحق بهم .
وأين المنظمات النسائية وما هي انجازاتها التي تُظهر مدى وعي هذه المنظمات بقضية المرأة ؟
وما السبب الخفي وراء تغيير وجوه النساء والتي صارت تحاكي وجوه الاموات وتكشف وتفضح عن تلك المؤامرة الخطيرة التي خططت ولا تزال تخطط لها السلطات ضد الشعوب المنكوبة بالجهل وبالتخلف التي ابتليت به ؟

نحن كنساء نحتاج الى تكثيف الجهود لنعيد امجادنا الضائعة , لا تحتاج لكلمات خداع بل للاعتراف بإنسانيتنا المكتملة من الحقوق وليس فقط من الواجبات كما هي للرجل بل وتزيد عليه كوننا نلد الحياة نتتحمل الشقاء اكثر منه .

كما كانت النساء الحقيقيات اللواتي ناضلنّ بإيمان حقيقي ودافعنّ عن قضيتهنّ ؟


ودمتم بوعيكم مستقيمين
~~~~~~~~~~~~~