الطلاق صورة واضحة لهشاشة المجتمع



نرجس عبد الحسن الكعبي
2016 / 4 / 21

الطلاق ... صورة واضحة لهشاشة المجتمعات العربية

حينما نتناول أي قضية علينا ان نوليها اهتماها التي تستحق ويعد الطلاق من القضايا الاساسية التي كلما اردنا حصرها كموضوع او ظاهرة ونحد من انتشارها نعود بجبال الخيبة والصدمات الكبرى فالطلاق اليوم بارقامه الهائلة يعد من القضايا التي تثير الفزع والخوف ففي وسط شرقي تحكمه العادات والتقاليد نادرا ما تلاحظ وجود ظاهرة انفكاك اسري تحت أي ظرف لكننا نلاحظ في السنوات الاخيرة ارتفاع معدلات الطلاق بكل البلدان العربية بشكل بارز جدا يعبر عن هشاشة المجتمعات العربية وكثرة المآسي فيها وانعدام الامن المادي والعاطفي .
فقد أكد الدليل الإحصائي لوزارة العدل السعودية أن مجموع عقود الزواج بالمملكة العربية السعودية بلغت 64.339 عقدا خلال العام الحالي، يقابلها 15.697 حالة طلاق مما يعني أن نسبة الطلاق في المملكة تبلغ 24% ، بمعني أن كل ثلاث حالات زواج يقابلها حالة طلاق. أما الكويت فتشهد وصول نسبة الطلاق إلي 35% أي يحدث طلاق كل ساعتين و45 دقيقة.
وأكدت دراسة تناولت الطلاق في المجتمع القطري وجود 319 حالة طلاق مقابل 978 حالة زواج، وأن أكبر نسبة من المطلقات حوالي 34.72% تتركز في الفئة العمرية من 20 إلي 24 عاما. كما أوضحت الإحصاءات أن حالات الطلاق بمدينة الرباط المغربية تصل إلي 23% من حالات الزواج وترتفع هذه النسبة قليلا في مناطق أخري بالمغرب.
وقد تفاقمت هذه الظاهرة في العراق خصوصا بعد السنوات الاخيرة و التي عاش فيها العراقيون ازمة اقتصادية وانعدام الامان والانفتاح الواسع على العالم الغربي وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقد بلغت نسبة الطلاق
حسب الأرقام الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى إلى أن دعاوى الطلاق لعام 2004 كانت 28 ألفاً و689، ارتفعت إلى 33 ألفاً و348 في 2005، ثم ارتفعت مجددًا إلى 35 ألفًاً و627 في 2006، وارتفعت مجدداً في العام 2007 إلى 41 ألفًاً و536 حالة طلاق وحققت نسبة الطلاق انخفاضاً في الأشهر الأولى من العام 2008، إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 82 ألفاً و453 حالة طلاق وفي عام 2010 ارتفعت لتكون 113الفاً و312 ازدادت في عام 2011 الى 133الفاً و869 حالة وفي السنة المنصرمة 2012 كانت الحصيلة 160الفا و260 في عام 2013 65%، بواقع 820 ألف و453 حالة طلاق. مع تباين بين محافظة واخرى وهذه النسب الخطيرة تعد تهديدا لمجتمعنا العراقي اذ ان الحضن الدافئ يبدأ من الاسرة .
كما صرح احد القضاة من أن صغر عمر الأزواج، سواء الإناث أو الذكور، يؤدي إلى فشل الزيجة، بسبب عدم الالتزام وقلة الإحساس بالمسؤولية، فضلاً عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والخلافات العائلية وتدخل الأهل، وكذلك فإن تعدد الزوجات ساهم في ذلك، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة. وخلاصة الموضوع: ان المجتمع الاسري يعاني بعد عام من تدهور رهيب لازدياد حالات الطلاق فهل هو السبب الزواج المبكر حيث لاحظت ان اكثر حالات الطلاق هم باعمار دون الـ25 سنة وهناك من لم يبلغوا الـ 20 عاما،
وفيما يصف القاضي وسائل التواصل الاجتماعي بمواقع التباعد ، يؤكد أن هذه الوسائل تجعلك تتواصل مع غرباء لكن على حساب العائلة، من غير أن ينسى دور القنوات الفضائية وما تبثه كالدراما التركية التي تصور الحياة الزوجية مثالية جدا وتملأها السعادة ولكن بعد الزواج يصطدم الزوجان بالمجتمع العراقي بظروفه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يكون الزوج فيها مُكبت المشاعر بسبب سعيه المتواصل لتحصيل لقمة العيش.
ومن خلال عمله في محاكم الأحوال الشخصية يجد القاضي سامي أن عدة قضايا طلاق ترد إلى المحكمة موضوعها اكتشاف الزوج علاقات في الفيس بوك لزوجته، أو العكس بالنسبة للمرأة.
وقال القاضي المطلع على قضايا الطلاق لمست حالات كثيرة لنساء يشكين من تغير سلوك الزوج بعد الزواج عما كان في فترة الخطوبة، إضافة إلى التدخلات الخارجية من أهالي الأزواج التي تؤثر سلبا.
وأشار إلى أنه في حالات كثيرة يأتي ذوو الزوجين يطلبون الطلاق، وما على الزوجين سوى النطق به، وبرغم جهود المحكمة لإصلاح ذات البين ولكن 95% من حالات الطلاق تصل المحكمة والأمر منتهٍ تقريباً.
وبوصفنا مجتمع يصرخ باسم الدين والحضارة فلا ينبغي بنا ان نفتخر بما وصلنا له من التفكك والانحلال والتبرير بأسباب واهيه للفساد الاخلاقي الذي يكون السبب الاساس لتهديم أي رابطة أي كانت ومن واجب كل شخص ان يعلم ان الزواج له قداسته وان للعاطفة والارتباط مواثيق لا تأسرها كلمة فقط وان حجم المسؤولية الزوجية اثقل من ان تستهين به وان ما وهبت نفسك من حياة هي امانه الله لديك وعلى الطرفين مراعاة الانسانية والصدق والتفاهم وتذكر الآية الكريمة ( ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك آيات لقوم يتفكرون) الغد بين ايديكم فابنوا مجتمع يليق بكم.