شئ من الالم -قصة فتاة غيرت العالم-



محمد فاضل
2016 / 5 / 6

ملاّلة يوسفزي طفلة جميلة لا يتجاوز عمرها 14 سنة، تعيش مع شقيقيْها ووالديْها في مدينة منغورة بوادي سوات شمال باكستان
والد ملاّلة شاعر وصاحب عدد من المدارس الخاصة، قال بفخر في تصريحات صحفية إن طفلته تحب السهر حتى ساعات الصباح الأولى وتمضي معظم وقتها في القراءة والحديث عن السياسة، وأفاد أنه سمـّاها ملاّلة تيمنا بالشاعرة البشتونية والمقاتلة "ملالي أنّا" التي تزعمت قوات البشتون في حربها ضد القوات البريطانية سنة 1880 ضمن ما يُعرف بمعركة "مـَيووند".

ملاّلة، برغم صغر سنها، كانت العدو رقم واحد لحركة طالبان في وادي سوات: فهي ترفض القرار الذي اتخذته الحركة سنة 2009 بمنع البنات من التعليم. لم تكتف ملاّلة بالتعبير عن رفضها القرار عبر مواصلتها الذهاب إلى المدرسة رفقة زميلاتها القليلات اللواتي قررن التمسك بحقهن في التعليم رغم قرار طالبان، لكنها أمعنت في تحدي هذه الحركة عبر مدونة كانت تكتبها باللغة الأردية لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".


كل صباح، كانت ملاّلة ترتدي اللباس الباكستاني التقليدي بألوانه الزاهية وتضع طرحة مطرزة على رأسها، وتحرص على مرافقة صديقاتها يمشين معا إلى المدرس يؤنسن بعضهن البعض.
وفى يوم ، كانت ملاّلة عائدة إلى بيت أسرتها رفقة بعض الفتيات في حافلة المدرسة، وفجأة توقف السائق وركب مسلّحان مجهولان الحافلة وسألا الراكبٍين عن ملاّلة، فلما أشارت فتاة إلى مكانها في الحافلة أطلق المسلحان النار وأصابا ملاّلة برصاصة في الجمجمة، كما جرحا واحدة من رفيقاتها قبل أن يلوذا بالفرار

كانت ملاّلة تؤكد في مدونتها أن رغبتها في التعليم أقوى من خوفها من طالبان، وحذرت من تداعيات ازدياد نفوذ هذا التنظيم في وادي سوات حيث احتل أطرافا شاسعة من الإقليم وأقفل المدارس، ما دفع السلطات الباكستانية للتدخل عسكريا والحد من وجود مقاتلي طالبان ودفعهم لمغادرة المنطقة.

شعرتْ ملاّلة إثر ذلك بأن جرأتها وحماسها قد تغلبا على الخوف الذي زرعه طالبان في نفوس سكان المنطقة التي تعيش فيها، فبدأت تدعو الأسر الباكستانية إلى إرسال بناتها إلى المدارس، بل وقررت جعل التعليم قضية وطنية في باكستان وفازت بفضل ذلك بجائزة السلام الوطنية، لكنها كانت في قرارة نفسها تخشى بطش الحركة وانتقامها، فقد كتبت في مدونتها سنة 2009 عندما كان عمرها لا يتجاوز 11 ربيعا "لقد حلمتُ بكابوس رهيب أمس. رأيتُ طائرات هيلوكبتر عسكرية وحركة طالبان. لقد بدأت تراودني هذه الأحلام منذ بدء العملية العسكرية في وادي سوات.. قدمتْ لي أمي الإفطار وذهبتُ إلى المدرسة، لقد كنتُ أخشى الذهاب إلى المدرسة لأن حركة طالبان أصدرت قرارا بحظر جميع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة. حضرتْ 11 طالبة فقط من أصل 27 وانخفض عددهن تدريجيا بسبب طالبان. اختارتْ عائلات صديقاتي الإنتقال إلى بيشاور ولاهور وروال بندي بعد هذا القرار.. في طريقي من المدرسة إلى المنزل سمعتُ رجلا يقول: سوف أقتلكِ. سارعتُ خطاي وعندما التفتُ ورائي كي أتأكد مما إذا كان الرجل مازال يتعقبني، اكتشفتُ بفرح أنه كان يتحدث عبر هاتفه المحمول وأنه كان يهدد شخصا آخر وليس أنا".

منذ 2012. عملت صحافية براديو سوا منذ انطلاقته سنة 2003، وحصلت على درجة الماجستير في الإعلام من جامعة جورج تاون بواشنطن و على شهادة البكالوريوس في الصحافة من المعهد العالي للإعلام والاتصال بالعاصمة المغربية الرباط. فازت فدوى بجائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب سنة 2002 عن مجموعتها القصصية "شيء من الألم" وهي بصدد طبع مؤلفها الثاني تحت عنوان موعد مع العم سام" "