ملاحظات حول رفض نواب الجبهة الشعبية التصويت على قانون المساواة في الإرث



محمد نجيب وهيبي
2016 / 5 / 7

ردّا على مُبرِّرات "ولد الشعب " المزعوم : معركة المساواة والحرياة من صميم الاشتراكية الديمقراطية .

راودتني شطحة ان أكون مع تقسيم الميراث بشكل أكثر عدالة وأكثر شمولا من التقسيم الكلاسيكي أنثى-ذكر ، أصول-فروع ... الخ أقترح الاخذ بعين الاعتبار الحاجة والقدرة على الاعالة وعلى مُجابهة مصاريف الحياة ، كأن يكون توزيع الإرث مُتناسبا عكسيا مع حجم الدّخل مع التعديل بضوارب مرتبطة بعلاقة العائل-المعول ..
ومع هذا أساند بشكل مُطلق مبادرة المساواة في الميراث بوصفها مدخلا لعقلنة النقاش في جزء من واقعنا الاجتماعي والتشريعي المقصي والمنسي ، من ناحية ، ومن ناحية أخرى لكونها تدفع في إتجاه تعزيز منظومتنا القانونية المدنية الوضعية ، كما أنّها تضعُ لبنة أخرى في طريق نزع الفوارق في الحقوق والواجبات بين المواطنين وُتقلّصُ من مساحة التمييز السّلبي .
وأرفُضُ بشِدّة الموقف اللاعقلاني و المُعادي لقضية النضال الديمقراطي والمنتقص من قيمة معركة الحرياة والمُجزّءِ لها إعتباطا ... الخ الذي إتّخذته الجبهة الشعبية ، تحت مُبرّرات انتهازية غير منطقية ، أفلا يُدرِكُ رفاقنا في الجبهة أنّ عليهم أن يكونوا أكثر بكثير من مجموعة من النوّاب في برلمان ليبرالي كسيح ، يتلقّوْن الاوامر والمخطّطات وما يجوز طرحه أو عدم طرحه في هذه المرحلة أو تلك ، من رأس المال وخدمه ومشائخه ، ينكصون أمام معارك الحرياة في أدناها الليبرالي ، نزولا عند حسابات إنتخابية ، برلمانية ، سياسيويّة وإنتهازية !! بينما الأجدر أنَّ الاوضاع المُتحرّكة اليوم تُعطيهم الامكانية والفرصة التاريخية لرفع المطالب والطروحات أعلى بكثير من السقف الليبرالي المُمكن سابقا ، لتثوير النقاش والنضال السياسي والاجتماعي والتنظيمي في كل مجالات الفعل الانساني وفي كُلِّ تمفصُلاته ، حتى أكثرها إستثناءا وراديكالية ، فإن لم يَكُن لتحقيق هذا المكسب أو ذاك ، أو لتأصيل هذا الحق أو الآخر ( من ما تم انتزاعه ) ، أو لتحصين الحركة من النزول تحت الأدنى المُمكن ... الخ من كُلِّ ما هو مُمكن ومقبول من زاوية النظر السياسية "السياسوية " البحتة ، إن لم يَكُن من أجل هذا ! فمن أجل تعرية كُلِّ التتاقضات الثانوية في المجتمع ، تعرية كُلّ أشكال بؤسه وشقائه ومساوئه التي خلّفتها وزرعتها أنظمة الاستغلال والاستبداد والاظطهاد الطبقي ، عبر منظوماتها الاخلاقية والتشريعية والقانونية البائسة والمُحافظة ، وأجهزتها المعرفية التي تُقَدّسُ الملكية الخاصّة لوسائل الانتاج ومعها إظطهاد قوّة وإغراقها في تقسيمات ثانوية ، تمنعها من التوحُّد التاريخي الموضوعي حول مصلحتها الجوهرية المُشتركة في أن تتملّكَ نتاج فعلها الاجتماعي وفق قاعدة من كل "حسب طاقته ولكلّ حسب حاجته "، خارج القوانين الاستغلالية لنمط الانتاج الرأسمالي .
رفاقنا في الجبهة الشعبية (التي أغلقت أبوابها مُبكِّرا ، وإنحرفت بشعاراتها الى شُعبويّة مقيتة فكفّت على تكون جبهة ، وكفّت على أن تكون شعبيّة) إنّ معركة رفع سقف الحُريّاة ودفع الديمقراطية البرجوازية الى أقصاها في كل نواحيها وفي كل أجزائها ، ليست بأي حال ترفا فكريا أو رياضة ذهنية كما يُروِّجُ البعض من الرفاق الرموز ! ، هنا وهناك ، إنّها من صميم النضال الاشتراكي الديمقراطي ، من صميم النضال الطبقي ، من صميم البراكسيس ، إنّها ببساطة تُهَيِّئ الظروف الموضوعية للمجتمعات حتى تتعرّى أمام واقعها وحقيقة المنظومات الفوقية التي تَحكُمُهُ ، حتى تعي الطّبقات والشرائح الإجتماعية المُظطهدة "بذاتها ولذاتها " عملا بمقولة "أضيفوا للقمع وعي القمع " .
رفاقنا من عُشّاق السُّلطة المطلقة للحقيقة المطلقة (المثالية ) للدولة ، والأخلاق ، والقيم ... الخ الرجوازية في أشكالها الأكثر رجعية أي المشائخية (الكهنوتية ) و الوطنية الواهمة و القاصرة (أي وفق ما ضبطته الامبريالية والرأسمال المُعولم ) ، كُفّوا لغوكم الميكانيكي عن الظُّروف المواتية فهي لا تتغيَّرُ ولا ترتقي ، كميا ونوعيا ، وفق ارادتكم ووعيكم البرلماني السياسيوي وحده ، أو بشكل ميكانيكي ، إنّها تتغيّرُ وتتطوّرُ قدُما أو القهقرى على حدًّ سواء ، بفعل التأثير والتأثُّرِ المُتبادل بين الوعي وحركة الواقع الموضوعي ، بين التثوير الفكري والحراك الجماهيري (الانتفاض ، الثورة الشعبية ... الخ ) ، وأي تنازل فكري ، أي نكوصٍ نظري ، مهما كانت مُبرّراته سيقودنا الى الارتباك وسيقود الشعوب والطبقات المظطهدة الى هزيمة تاريخية ، تليها أخرى وأخرى وهكذا دواليك .
الم ينخرط الرفيق "ولد الشعب" مُبكِّرا في إضراب جوه 18 أكتوبر 2005 جنبا الى جنوب مع رموز الاخوان مُمثِّلة في حركة النهضة تحت يافطة مشروع الحرياة والمساواة ومنها (المساواة التامة بين الجنسين ومنها الميراث ) حينها الم تُسانده مُختلف القوى الاشتراكية الديمقراطية والمدنية رُغم إعتراضها على إطار التحالف الملغوم وشكله وقتها، لأنّه بالذات وبالتحديد ، رفع سقف مطالب الحرياة ، دفع مسألة النضال الديمقراطي البرجوازي إلى أقصاها في تلك الظروف !! فهل كانت حال وعي الشعب حينها ارفع !!! أم أن الظُّروف كانت مواتية أكثر !! أم أنّها كانت قضايا ذات أولوية !! أم تُراهُ بريق السُّلطة وموائد السِّفارات !!؟ أو تُراها تقلّصتْ درجات الوعي والادراك الثوري !! رفاقي هل عندما عارض السّادة الرِّفاق مشروع حُكم "مرسي العيَّاط" في مصر وقابلوه بالالتقاء مع حركة النهضة الإخوانية في تونس ، او عندما عارضوا مشروع "الجهاد الاسلامي " أو " حماس " من منطلق رجعية التوجُّهات وإنخراطها في منظومة تقديس السَّائد ، ولكِنَّهم وفي نفس اللّحظة التاريخية يُساندون " حزب الله" و يرفعون راياته ويُكبِرون دوره القتالي في سوريا ضد التنظيمات المُسلّحة المُعادية للنِّظام الرسمي السوري ، رُغمَ أنَّهُم (نفس الزُّعماء الجبهاويين ) كانوا قد دعموا الثورة المزعومة للشعب العربي السوري في مارس 2011 ، بدعوى إسناد الثورة الشعبية اللتي إتّضح في ما بعد لنفس السّادة رموز "الجبهة" أنّها حرب إمبريالية بهدف تقسيم سوريا !!!.
أما تلك البرجوازية الجبانة التي تخلّت عن معاركها مُبكّرا ، فأُكبِرُ فيها أنّها كانت أجرأ من إشتراكيينا ومن "ولد الشعب " في خوض معاركنا الظرفية ذات الاولوية المُطلقة المزعومة أي البطالة والتنمية الاجتماعية و الجهويّة ... الخ رُغم أنّها جبُنت أيضا ( تماشيا مع طبيعتها ) عن خوض معركة الُحريّاة التي قد تُكلِّفُها أكثر مِمّا تُكلِّفُها حربها ضدَّ "داعش" على المدى البعيد خاصّة وأنّ شيوعيينا تخلُّوا عن شيوعيتهم وأن "جبهتنا " اليسارية سبتقهم في تبييض الاخوان وفرعهم التونسي (النهضة) عند طاولات سُفراء الدول الإمبريالية وصنائعهم من أمراء البترودولار .
----
وللحديث بقية