نظرة المجتمع الى المطلقة



دينا ناصر الدين
2016 / 5 / 30

الطلاق من أعقد المشكلات النفسية والاجتماعية التي تصيب المرأة بسهامها المسمومة في مجتمعنا الذكوري بسلطته المستبدة -ونظرته السلبية الملوثة للمرأة المطلقة التي تحتاج بعد طلاقها الى كل لمسات العطف والحب والدعم النفسي من الأسرة خاصة والمجتمع عامة لكونها تعاني مشاعر الوحدة والفراغ والخوف الرهيب الذي تخلقه ردة فعل هذا المجتمع تجاهها -بدءا من أسرتها التي تعتبر وجود مطلقة بها هو مصيبة -والتي تخاف منها أو عليها-فيعتري هذه الأسرة قلق دائم -ورقابة شديدة للمطلقة -فيضيقون حريتها-وفي الحالات التي تضطر بها هذه المرأة الى الخروج للتعامل مع المجتمع-والعمل لتلبية احتياجاتها المادية وبخاصة اذا كانت مسؤولة عن نفقة أولادها وهم في حضانتها-فتتحمل عبء أثقله عليها المجتمع من كل الجهات-ولم يرحمها بعيون اللوم والشك وبلسان الافتراضات الكثيرة التي تلتف حولها حتى تنطرح تلك المظلومة للأمراض النفسية والكبت الذي سيولد يوما انفجار -وعلى المجتمع أن يتحمل مسؤوليته لانها من فعله-في الوقت الذي يعيش فيه الرجل المطلق حياته بشكل طبيعي جدا-وتبقى المرأة هي المسؤولة عن فشل العلاقة الزوجية في نظر الأغلبية من المجتمع وبخاصة الرجال-حتى أن الرجل المطلق يتزوج مرة ثانية بشكل سريع سهل-بينما لا يرغب الأغلبية من الرجال الشرقيين بالزواج من مطلقة لأنهم وضعوا عليها علامة استفهام- بل يفضل الفتاة العذراء افتراضا منه ان عذريتها تكفل له عفتها وطهارتها-مما لا تستطيع المرأة المطلقة أن تؤكده له-فهي امراة من الممكن أن يمارس الرجل معها علاقة كاملة مما يثير خوف وشك بداخل الرجل تجاهها-ولكن---في الحقيقة لم يكن غشاء البكارة يوما هو دليل عفة الفتاة لانها تستطيع أن تأتي بفاحشة بشتى الطرق-مع حفاظها على هذه العذرية-اضافة للتأكيد فلقد صنع غشاء بكارة لمن فقدت عذريتها وتود شراء العفة ليطمأن الرجل اليها-بينما هناك مطلقات عفيفات عرفن كيف يحافظن على شرفهن فأصل العفة ايها الرجال هو الأخلاق-والمبادئ-والوازع الديني-حتى الرجل في أسرة المرأة المطلقة-أب كان أو أخ لا يستطيع أن يصون عفة المرأة بتقييدها-بل عفتها تصونها رغما عن كل شيء- فهي التي تصون نفسها-لكنها تحتاج الى هذا الرجل ليحميها-ويثق بها-ويدعمها نفسيا- ويحترمها- ويقف لجانبها -- فمن حقها أن تبدأ حياة جديدة كما بدأها الرجل المطلق مع أخرى-ولكن هنا أيضا لا يرغب الرجل الأعزب في مجتمعنا من الزواج بمطلقة-مما يقلل فرصتها بالزواج -فاما أن تكون زوجة ثانية او تتزوج رجل كبير السن أو أرمل حتى وان كانت صغيرة جميلة-ويستمر المجتمع في تضييق حياتها وبخاصة هؤلاء الرجال مريضي النفس-ضعيفي الايمان-يجدونها فريسة سهلة للصيد-وتتعرض لاغرائاتهم الكثيرة-فيلتفون حولها ينهشونها بلا رحمة بما يطوقون-بعيونهم-بلسانهم-بايديهم-كما تلتف الأفعى حول فريستها الضعيفة-أضعفوها-وأسقطوها-ولم يرحموها-وتكون في النهاية هي الساقطة في عيون الجميع-ينظرون لها باستصغار واحتقار-وترصدها العيون أينما ذهبت-حتى يزيد اضطرابها النفسي فتفقد التوازن-وقد تنزلق في الهاوية المحرمة كما أرادوها هؤلاء الضعفاء النفس والدين -حتى تقع بالفاحشة في دائرتهم التي حاصروها بها-اضافة الى أنها انسانة أنثى لها رغبات جنسية تحتاج الى الاشباع بشكل قوي-ووضعها بدائرتهم يجعلها تضعف-ولن يرحمها المجتمع بل ستوجه دائما أصابع الاتهام الى المرأة - على انه عليها أن تصدهم-وتواجههم-ولكن من أين لها هذه القوة التي سلبها منها المجتمع؟ومتى تتغير نظرة المجتمع اليها لتدعمها وتعطيها الثقة والقوة والاحترام-فترفع من معنوياتها وتجعلها قادرة على تحدي كل الصعاب -وصد كل الطعنات - ففاقد الشيء لا يعطيه.
ينبغي أن يعيد المجتمع نظرته السلبية الخاطئة الى المرأة المطلقة وأن ينظر اليها باحترام وثقة -ويدعمها لتكون قوية في مواجهة صعوبات الحياة-وأن يعطوها فرصة أخرى في حياة جديدة-وينظروا لها بعين الرحمة فهي انسانة لا حجر-فارئفوا بها.