المراة والصغير والوحش



مارينا سوريال
2016 / 6 / 4

يقف من خلف ذلك الباب يراقب من بعيد كان يخاف ان يلمحه ،يضع يديه على اذنه كلما ارتفع الصراخ من جديد يغالب النعاس فى عينيه ،بعد وقت يحل الصمت اختفى الصراخ والغضب يرحل الظل الضخم يرتج جسد الصغير من صوت الباب ينغلق ...يغلق الباب ويعود للنوم ..لم يكن النوم سهلا يتعرق يتقلب فى فراشه يسمع صوت الباب من جديد ام انه يحلم يسمع اصواتهم من جديد يسمعها تصرخ ثم تتوقف ..يسمعه يرحل ..يستيقظ كان ضوء الشمس قد تسلل الى فراشه من جديد ..ركض نحو المطبخ يبحث عنها بعينه كانت هناك فى تلك الزاوية جالسة اقترب من وجهها لم ترفعه ..تراجع عنها بهدوء ..بحث بعينيه عن مكان طعامه واخذ يعده سندويتش بهدوء كان ياكل وينظر اليها ثابتة على حالها ...سمع ذلك الصوت الذى يخبره ان عليه الركض للحاق بمدرسته ..ركض ليخرج من المطبخ ثم عاد يركض وضع قبله على خدها ثم اسرع ليستقل اتوبيس مدرسته ..وجد كرسيه فارغا جلس جوار نافذته ..كان من خلفه يسمع صوت الصراخ واللعب وضع يد على خده الايمن بينما الاخرى ثبتت سماعته الخاصة ....كان يراقب الساعة طوال الوقت ..ماذا اذا عاد من جديد ؟...فى اخر مرة ركض م يكتفى بالمراقبة وحسب تعلم كيف يشعر بالخطر !..وحينما يراه يركض نجوها فيتراجع الضخم عنهما ويرحل وهو يغلق ذلك الباب بعنف ...كان يعلم انهما ليسا من هنا انهم من تلك البلاد البعيد لا يهم ان كان اصله اسمر ام خلاسى ام ابيض لكنهم ليسوا من هنا لم يكن لديه اقارب مثل الجميع ولم يصادقا احدا من الجيران تعلم ان عليه البقاء بمفرده .فاحب ذلك !..او هكذا اعتقد وهو بعيد صغير ...حينما يدق الجرس يكون متاهبا للركض والانصراف لا يهم ان تعثر باحدهم فى الممر بل ينهض سريعا ليكمل ركضه ...يركض حتى يصل لمنزله من بعيد لا يسمع صوتا ..يخفض حركته يتنفس بصعوبه وهو يضع قدمه على الدرج ويفتح الباب ..يتجول بعينيه فى تلك الفوضى ...فى الاتربة التى تعبا المكان يذهب حيث المطبخ حيث هى جالسة تعد الطعام بهدوء ..كان الكل متسخ من حولها ...ألم تحب هذا المكان يوما ؟..سمعهم فى مدرستة يقولون ان من يحب الشىء فعليه ان يهتم ..وهى لم تكن تهتم ...هل تهتم له حتى ؟..خاف الصغير وذاك السؤال يراود عقله وهو يبدل ثيابه ويهبط لينظف ذلك المكان وما استطاعت يده ان تصل اليه فهو بعد صغير .....
سمع صوتها تدندن ركض الى حيث هى انزلت شعرها على جانبى وجهها ..لم يكن الطعام شهيا لكنه كان جائع فاكل ....كان يرمقها حين انتهى اسرع خارجا من المطبخ عاد الى غرفته من جديد ..راقب النافذة سيعود قريبا ...جلس ينظر الى اوراقه البيضاء ..كان حائرا لم يعرف هل عليه ان يشعر بالخوف ام بالراحة اذا تاخر قليلا ؟...ماذا اذا لم يعد ؟...
كانت تجلس هى ايضا بعد ان اطفئت اضاءه المطبخ جلست تنظف فى الظلام !..كانت تكرهه الضوء ايضا كان ضوء النافذة الخافت يضىء اليها من بعيد ...فكرت ان كان عليها الرحيل ؟..ولكنها تسمرت فى مكانها مرارا قالت انها ستترحل ولكنها ابدا لم تجرؤ على فعلها ..كانت تمتلك قدرة على الصراخ تمنت لو تفعلها ..لكنها كانت تفكر ماذا بعد؟ذلك الصغير ماذا سيصنع اذا رحلت ؟..ستاخذه معها ولكن الى اين ؟..هل عليها القاء؟...منذ سنوات قليلة ذلك الضخم كان يعد ويعد بالكثير ..اطمئت لان هناك من يعد ...رحلت لانها صدقت ان هناك حلما ما وان عليهما اتباعه كان خاصا به لكنها ادعت لنفسها انه لهمالذا لم تقبل ان تقول لا الان بعض من كبريائها المحموم يمنعها لتقل لا لتطلب المساعدة ..هل كان عليها ان تعاقب نفسها اذا اخطئت؟..ااذا عادت لتلك العجوز التى تركتها ورحلت عنها منذ زمن ستخبرها ان عليها ان تتحمل العقاب ؟..ستصرخ هناك الكثير لتتحملى العقاب هذا لاجله ؟هل تظنى بان السماء سوف تغفر لكى هذا !....لن تنظر لوجها المنتفخ وحواجبها المضمومة فى تلك اللحظة حتى لا تسدد لها نظرات الغضب التى لطالما تملكتها منها ....لا ليس عليها الرحيل ولا وعود اخرى كاذبة من بعد اليوم حينما ياتى هذا المشاء ستقولها هكذا بوضوح ..سترحل والصغير ولكن الى مكانا اخر جديد ...انتابتها نشوة مفاجاة من فكرة الذهاب لمجهول لم تراه ستجرب من جديد فحسب.....سمعت صوت المفتاح يدور فى الباب من جديد ...عادت لتنظيف سريعا !...ولكن الى اين ذلك المكان الذى سترحل اليه من قال ان لا يوجد من هم مثله ايضا هناك ...ربما هنا هى صارت تعرفه ولكن هناك؟...مجهول ..ربما ضاع منها الصغير ؟...شعر بوخز يجتاح معدتها امسكتها بشدة ....مر من بعيد وامل طريقه واوصد بابه ربما هو نائم الان هل عليها ايقاظ الصغير والرحيل ؟..الا يكون هذا افضل لن يعرف الى اين ذهبا؟.. ربما شعر ببعض الندم وتعير وسيعود حينها كل شىء كما كان..تطلعت الى صورتها التى انعكست وهى تنظف ..نظرت لوجهها راجعت بيدها تلك الاثار التى تركتها اصابعه على وجهها وتلك الندوب التى ستيفى اثر اظافره ...يالخساره ذلك العمر الذى سيمضى هباء هكذاقالت ...كان الصغير يراقبها من بعيد اطمئن ان الضخم قد رحل الى غرفته وتاكد انه ذهب فى سباته بينما وقف هو ينظر اليها ...
يسمع صراخا من جديد لا يدرى ان كان يحلم يركض من فراشه نحو الصوت ..كان يسمع الصراخ يشتد اكثرمن السابق ..يقف من بعيد يراقب ..ولكن الصراخ يتصاعد اكثر..كان الضخم لا يزال غاضبا لكنه لم يراه هكذا من قبل ..سمعها تقول بألم :لن ارحل ..لن ارحل ... لكنه لم يتوقف ..تشبثت قدمى الصغير بالارض ..شعر بهما مخدرتين هل يركض ام يظل ؟..هل يقترب ماذا اذا تالم هو الاخر من الضخم ؟..هل عليه ان يقف ام يتحرك ؟..ليت كان احدا هنا ليخبره ماذا عليه ان يفعل ؟فبكى ....لكن بكاءه لم يوقف الراخ ولا الغضب بل اشتد اكثر ..فكر هل عليه الذهاب واحضار ضخم اخر من لدى احد الجيران ولكن هل سيقبل احدا ان ياتى ليساعده ؟...فكرهم بمن حوله جميعا لا لم يكن ولا واحدا منهم يصلح ...كان يبكى اكثروهو يفكر ماذا عليه ان يفعل لكن الضخم ابدا لم يتوقف...هدا الصوت قليلا لكن الغضب لا حمل كرسيه ورفعه عاليا هنا كانت قدماه الصغير قد استيقظتا من جديد فركض ولكن باتجاهها هى وجلس جوارها ايضا ... تشبث بها ..تراجع الكرسى والضخم عاد الباب ينغلق بقوة ولكن اكبر تلك المرة هل انكسر الباب ربما ...لكن الضخم لن يعود هكذا قال الصغير لنفسه وظل يرددها.....