رويدة -6-



نادية خلوف
2016 / 6 / 5

دينا الجميلة هربت مع مسلم. هذه الأخبار كانت بعد مغادرتها البلد، وربما كان أهلها يبحثون عنها كي يقتلوها. انتقلوا من المنطقة لأنّهم لم يتحمّلوا الضّغط الاجتماعي.
التقيت بها قبل أن تموت ابنتها بأيّام. كانت طبيعيّة جداً.
قالت لي: دافعت عن أسرتي حتى النّهاية، لكنّني هزمت. . .
دينا ذات السّابعة والثلاثين عاماً والتي هربت مع شابّ إلى لبنان عندما كانت في العشرينيات من عمرها ، ثم إلى فرنسا، أنجبت ثلاثة أطفال.
كتبت لي مرة واحدة في عام 1997 عن وضعها مع زوجها المسلم.
قالت في رسالتها:" كنت ساذجة. لا أشعر بالحبّ، بل إنّه لم يكن حبّاً، كانت نزوته التي وقعت ضحية لها. هو بكلّ بساطة ضحك علي. أرغب أن أتركه لكنّني أمّ لطفلين. هناك فرق كبير بين مفهومي عن الحياة ومفهومه . أنجبت الأطفال كي أنسى من أنا. أذهب إلى الكنيسة، أجد فيها ملاذاً. ابنتنا في الرّابعة عشر، علاقته معها كانت جيدة أو ربما يحاول أن يجاملها. لكنهما اليوم ليسا على علاقة جيدة مع أنّها لا تصرّح لي بذلك. قالت لي مرّة واحدة أشعر بالغيرة إلى حد الموت عندما كنت أراه يجامل أبناء أقاربه ، لذا لم أعد أذهب معه إليهم. هم لا يحبونني. لا أعرف إن كنت سأمضي حياتي وحيدة.ولا ماذا سأفعل . أخطأت في ذلك الزّواج كنت مندفعة"
أتت في عام 1998 إلى دمشق، وكنت في دمشق. ذهبنا معاً إلى الشام القديمة. بدا على ابنتها ابنة الرّابعة عشر اكتئاب شديد.
تحدّثت لي فيما بعد بالتّلفون بأن ابنتها أقدمت على الانتحار، وأنقذتها في اللحظة الأخيرة، ولا تعرف كيف تسيّر الأمور مع أولادها.
قالت: الأزواج يأكلون الحصرم، والأبناء يضرسون.
وتابعت: تزوجته وانتهى الأمر، وكنت سوف أقتل من أجله. لم أكن بوعيي، على أمّي وأبي أن يعاملانني كإنسان ويهتمان لأمري كي أستطيع الخلاص، لكنّني أعذرهما. تسببت لهما بالعار.
أجبتها:
أنت في بلد الحقوق والحريّة. ابحثي عن عمل وساعدي نفسك وأولادك، وبعد أن تضعي رجلك على الدّرجة الأولى . ابحثي عن شريك يناسب طموحاتك.
-لا. لن أخوض تجربة زواج، ولن أنغّص حياة أولادي. أرغب فقط أن أخرج ابنتي من الأزمة .
عادت دينا إلى فرنسا خفية كما أتت خفية كي لا يعرف أهلها عنها شيئاً. بعد أيام توفيت ابنتها، وبدأت مسيرة حزنها من جديد ، ولم أعد أعرف أخبارها رغم أنني راسلتها إلى أن أتى صديق وأخبرني أنّها في حالة حداد شديد. تلتّف بالسّواد.
سألته : ألم يحضر زوجها لتقبّل العزاء؟
-لا يعرف أين هم. غيرت البيت والعنوان، وحتى لو حضر لا أظنّ أنّها سوف تسمح له بتقبل العزاء. تعتبره قاتلاً.
بقيت لمدّة طويلة وكلّما تذكّرتها أبكي، ثم نسيت الموضوع ، وقد سمعت حديثاً أنّها توفيت منذ خمس سنوات تحت تأثير الحزن.
قد لا يعتبر البعض نفسه قاتلاً، لكن في مثل هذه الحالة فإنّ الزوج قد ضحى بابنته، وتنكّر لزوجته.
ليس الحالة عامّة بين الرّجال، لكن البعض منهم لا يهتمّ لعاقبة الأمور .. .