آثار هجرة العائلة السّورية



نادية خلوف
2016 / 6 / 12

الكثير من العائلات السورية هاجرت إلى أوروبا عبر البحر والبلم، والكثير من تلك العائلات كانت تقتصر على النّساء والأطفال بينما الرّجل بقي على أساس أنّه سوف يعمل إلى أن ترسل له زوجته معاملة لمّ الشّمل. طبعاً بعض العوائل غرقت كما عائلة آلان المعروف والذي لم يبق من العائلة سوى والده، وبعض النّساء غرقن مع أطفالهن، وقضى الرّجل مرحلة العدّة وتزوج بأخرى، وبخاصة من المتعلّمين، أو ميسوري الحال.
أتى بعض الرّجال دون عائلاتهم ، وقاموا بإجراءات لمّ الشمل الذي يستغرق من سنة إلى سنتين ، هي مدة طويلة لا يستطيع الرّجل الصبر عليها فقد اعترف الشّرع بحاجاته لذا تدبّر أمره مع امرأة ما إلى أن تأتي عائلته، وبعضهم استمر بالعلاقة حتى بعد مجيء عائلته.
هذا هو الواقع موت ودمار وطلاق رسمي، وطلاق عاطفيّ.
من قصص الطّلاق التي لم تمرّ على المحاكم قصّتان معروفتان من قبل السّوريين، وآلاف القصص غيرها. الأولى تتعلّق بزوجين ذهبا إلى مصر بعد الثورة السّورية وهما في بدء زواجهما. ذهب الرّجل إلى ألمانيا عن طريق البحر، وغرق الكثيرين من المركب الذّي أقلّه، نجا بالصّدفة، وبعد وصوله بيوم واحد. أرسل إلى زوجته رسالة على الفايبر: أنت طالق.
القصة الثّانية هي قصّة رجل غنيّ في السّتين من عمره، وزوجته في الخمسين، لهما أربعة أولاد نصفهم متزوّج، ونصفهم رحل مع الأمّ إلى ألمانيا، بعد وصول الأمّ قال لها الزّوج: لا تقومي بإجراءات لم الشمل" شوفي حياتك"ودعيني " أشوف حياتي"
وهو الآن يشارك فتاة في العشرين من عمرها داخل سورية، وتسأل المرأة عن معنى تعبير " شوفي حياتك"
هناك نسبة من النّساء أيضاً فاجأت الزّوج بأنها لا ترغب بالاستمرار معه لكنّ أغلب النّساء قمن بإجراءات لم الشّمل لأزواجهن، وأبلغنه أن الموقف إنساني.
الحرب دمّرت القيّم، فقبل مئة عام كان الرّجل يعيش مع زوجته حتى نهاية العمر، وتعدّد الزوجات لم يكنّ عاماً، بل إنّ الرّجال يتفاخرون بطعام زوجاتهم، ويسامحونها على كل ما تفعل شرط أن لا تقوم بالخيانة، وهناك مثل شعبي يقول :" بس لا توصل للنّاموس"
لا ندري إن كان تأثير الثورة إيجابياً أم سلبياً، فقبل الثّورة لم تظهر كل تلك الفضائح، وهذا لا يعني أنّها لم تكن موجودة، لكنّ قيم العار الاجتماعي كانت تدفع المرأة إلى الصّمت كي لا يتشفى بها النّاس، والمقرّبين، وكان الزوج يعرف ذلك فيمارس إبداعه في التنكيل إلى أن تصبح المرأة مكتئبة تميل إلى الجنون، وقد حضرت طلاق امرأة أمام المحكمة اشترط عليها زوجها أن يكون الطفل له كي يطلّقها. سألها القاضي: هل صحيح أنّك تنازلت عن حقّك بالحضانة؟ أجابت :نعم، وإن كان يرغب بأيّ عضو من أعضائي سوف أعطيه إياه. اسأله إن كان يريد شعري. ليجلب مقصّاً يقصّه ويأخذه.
الحياة لا تستقيم دون ذكورة، وأنوثة، والأسرة لا تكون أسرة بدون أمّ وأب، لكنّ الكثير من الأزواج يبرّرون هروبهم من المسؤولية بسوء معشر المرأة، ويتباكون على أطفالهم بينما يبتسمون في سرّهم فالمسؤولية هي بالدّرجة الأولى تتعلّق بالأطفال.
لا يمكن أن توضع الحلول في العلاقات الزّوجية إلا عندما يصبح الذّكر رجلاً وإنساناً ، وينفتح على العلاقة الزّوجية بتفهمّ ودون إهمال أو ترصّد للخطأ، فمهما كان ذنب النساء كبيراً هو لا يعادل بالتأكيد تهرّب الذّكر من مسؤوليته، والمسؤولية ليست ماديّة فقط رغم أن الأمر المادي هام جداً.