مناضلات بفساتين سهرة حمراء



نادية خلوف
2016 / 6 / 13

ابتسم فأنت في الوطن العربي !
قهقه فأنت في سورية !
متْ من الضحك فأنت من الأقليات السّورية الطّائفية أو القوميّة المتحرّرة.
اجلس قرب حفرّة لو شئت، وسوف تدفن حتماً.
في أوطاننا نصنع الدّكتاتور، نصنع المعارضة، نصنع حركات شبابيّة، ونسائية، ثم يتمّ تقديمهم ببدلات أنيقة بعد الخروج من صالون تصفيف الشّعر.
تقدّم النّساء على صينيّة بفساتين سهرة حمراء تشّع بالثّورية خلال برنامج على فضائيّة ما، وتبقى حسرة في قلبك أن تعرف كيف وصلت تلك النّسوة إلى تلك المرحلة من الثّورية، تسأل نفسك عن إنجازك، وتصغر أمام نفسك.
أمنية الطّفولة التي ترافق الأنثى حتى النّهاية. أن تشتري ثياباً ملوّنة للعيد، وترقص مع الأطفال، يشاهد رقصها الأهل والمعارف، يصفقون لها، تطير من الفرح.
تبقى الأمنيات عالقة في الذّاكرة إن لم تتحقّق، وتبقى المرأة في انتظار ليلة العيد في طفولتها، ولا تعرف كيف سوف يمرّ العيد فيمرّ بلا هويّة وربما دون رقص أو فرح.
تلك الثورة المشتعلة في قلوب النّساء احتجاجاً على تجاهلهنّ في الحياة تبدأ منذ صرخة الولادة الأولى التي لا يسمعها أصحاب الشّأن في الأسرة.
نحن دول ليس فيها قانون سواء للمرأة أو للرّجل، لكنّ القانون يكتبه العامّة على صفحات دينيّة، أو أخلاقيّة ، أو اجتماعيّة، كلّها تبرّر عبوديّة المرأة. هي عبد في الجنس، وفي الحياة، فالجنس لديها واجب عسير تجاه زوج يصدّر لها كلّ سلبياته إلى درجة أنّها تعتبر أنّ الجنس قد خلق لإذلالها، فهي لا تمارسه بمزاجها، لأنّها إما مرغمة، أو خائفة وفي مرحلة ما تصل إلى احتقار هذا الموضوع لكثرة ما تكرّر انتهاك جسدها، وعقلها.
السجن السّياسي يبدو طبيعيّاً أمام ذلك السّجن الذّكوري الأبديّ والذي يحكمه العرف أكثر من القانون أو الدّين فالكثير من الأعراف يكون الموقف الدّيني متطوّراً عليها، ولو أنّه يتماهى معها.
المرأة المقبلة سوف تكون كما دميّة الجنس. هي مجرّد دمية ليس لها حاجات.
مع صرخات النّساء من أجل حقوق المرأة بدأت المرأة ترى أنّ المستقبل قد يكون بخير، بدأت تحسد أولئك النّسوة اللواتي يطالبن بحقوقها، ويلبسن الحرير، ويصرخن من أجل حرّية المرأة ليصدمها المشهد فيما بعد حيث ترى تلك النّسوة المخملّيات اللواتي يناضلن من أجل حرّية المرأة يهللّن لمستبدّ، ويتمسّحن بحاكم، ويحصلن على مناصب يحسدهم عليها الرّجال الذين قدمّوهن للمهمّة النبيلة في أن يكونوا صوت المرأة.
لا فرق بين القيادات النّسائية، والقيادات الحزبية، أو السلطوية. فتلك المرأة التي تحصل على منصب ومال وجاه من قبل سلطة ما هي ليست امرأة حرّة رغم أنّها قدّمت بعض الشّعارات المعقولة، والتي لا تسمع بها المرأة الفقيرة، وفي أقصى الرّيف، أو البيوت الفقيرة.
الحرّية لا تعني رفع الحجاب، ولا وضعه، الحجاب قد يكون زيّاً شعبياً أعطي له الطّابع الدّيني، وهناك بعض الفئات لا تضع الحجاب أصلاً وفق معتقداتها ، لكنّ عبوديّة المرأة فيها ربما أشدّ من تلك المناطق التي تضع فيها المرأة الحجاب، العادات والتقاليد تقف جنباً إلى جنب مع السّلطة وتعاليم رجال الدّين من أجل استمرار العبودية بشكل عامّ، والمرأة بشكل خاص حيث يتمّ إسكات نصف المجتمع عن المطالبّة بحقّ ما في الحياة..
قد يسأل البعض: وما هو المطلوب؟
المطلوب كثير جدّاً ،وبخاصة من المرأة. مطلوب أن تكون مستقلّة في تفكيرها، قوية اقتصاديّاً وهذا مفهوم نسبي ، ففي أجيال سابقة لم تكن المرأة ضعيفة اقتصاديّاً ، وجودها في الحقل، وفي العمل المأجور في الزّراعة كان يعطيها القدرة على تأمين مونة الشّتاء لعائلتها.
على النساء أن ينسين القصص المثيرة عن الحبّ، وعن نجاحات النّساء في قنص المناصب، ويتوجّهن إلى العمل على رفع إمكانياتهن الاقتصادية، ولا شك أن تشكيل مجموعات صغيرة تضمّ عدة نساء من أجل العمل في مشروع صغير هو من صمن الخيارات، فلا ثقافة حقيقيّة دون الانخراط في العمل، وتحقيق الاستقلال في الدخل، والحريّة في الإنفاق.
عندما نتحدّث عن الحبّ لا يعني أننا ندعو إلى العزوبية، فالحياة لا تكتمل إلا بالذّكورة ، والأنوثة ، وهذا يحتاج إلى اعتراف جريء من الأنثى بنفسها، وإلى احترام ذاتها في تلك العلاقة التي تدعى علاقة حبّ. لأنّ البشر يقعون في الحبّ، وعليهم أن لا يكونوا ضحيّة له.