الإخوان المسلمون إعادة تصور حول التأسيس ((الحلقة الأولى))



محمود جابر
2016 / 7 / 30

من البهائية إلى جمال الدين الأفغاني:

بعد قرابة عشرين عاما من القراءة والكتابة حول جماعة " الإخوان"، أجد نفسى مدفوعا للكتابة مرة أخرى عنهم، وليس السبب هو الحديث عن مصالحة تتم أو لا تتم مع الحكومة والنظام المصرى الحاكم، ولكن لان ما تحت يدي من معلومات اليوم تحتاج للنشر وهى كفيلة بإعادة التصور حول تأسيس تلك الجماعة برمتها ومن هى تلك الجماعة ؟!
تلك الجماعة التى تستطيع أن تعقد الصفقات فى البيت الأبيض، ويخطب أعضائها فى مجلس اللوردات البريطانى، ولها قاعدة فى كل أوربا، كما أن لها علاقة وثيقة بإيران لدرجة تجعل طهران تفضل علاقتها مع الجماعة على علاقتها مع الدولة المصرية.. وتحرص على اقامة علاقة مع النظام الاردغانى التركى وتنتصر له وكان طاعته والتحالف معه أمرا واجبا شرعا وفرضا مفروضا . وحتى لا نطيل فى طرح الأسئلة... نقول:
إن جماعة الإخوان المسلمين صناعة لندنية؛ أنشئت لتكون حاملا للواء الهرطقة والخرافة وابتلى بها الدين الإسلامي.
على أن القصة الحقيقية للجماعة أكثر خيالا مما قد تجود به قرائح كتاب روايات الجاسوسية. إنها جماعة تقوم على المؤامرة يتبادل أعضاؤها تحيات وكلمات مشفرة وكلمات مرور سرية.
ينتظم أعضائها فى صورة خلايا هرمية أو " محافل" تشبه الجمعيات والتنظيمات الماسونية الأوروبية، ولا تتقيد هذه التنظيمات بأي حدود جغرافيا أو دولية أو إقليمية. يعمل العديد من أعضائها مسئولين حكوميين أو دبلوماسيين أو رجال فى الجيش، بينما يعمل آخرون كقطاع طرق ورجال عصابات، وبينما كان زعماء الجماعة يجلسون فى بيوتهم وغرفهم المفروشة بأرقى أنواع السجاد وحوائطهم مزينة بأبهى أنواع اللوحات، كانت الجماعة فى مستوياتها الدنيا عبارة عن جيش – ميليشيات- شبه نظامى يتألف من السفاحين والقتلة المأجورين .
وفا للنظرة المعلوماتية العلمية لا تعد جماعة الإخوان المسلمين من المسلمين، كما أنها ليست مسيحية أو يهودية أو جزء من أى دين، ففى مستوياتها العليا رجال يغيرون دينهم بالسهولة ذاتها التى يغير بها رجال آخرون قمصانهم !!
وعند النظر للجماعة على الإجمال، يمكن القول بأن جماعة الإخوان المسلمين العامة لا تنتمى للإسلام، بل إلى القبائل الهمجية من عباد الآلهة الوثية القديمة، وما نقوله ليست دعوة للتكفير ولكنها دعوة للتأمل فى سلوك الجماعة.
ما كان بإمكان الإخوان المسلمين التواجد اليوم لولا حقيقة مفادها أن مستشرقى جامعات أكسفورد وكامبريدج البريطانية قاموا بتتبع العناصر الأكثر تخلفا فى الثقافة الإسلامية وتدوين ملاحظات عنها وغرسها بعناية، ومن ثم جاءت جماعة الإخوان نتيجة التنظيم الصبور من جانب عملاء لندن فى العالم الإسلامي ، من أمثال ت . ى. لورنس الشهير بـ " لورنس العرب"، وويلفريد سكاوين بلانت ، وإ.ج. براون، و هارى سان جون فليبى، و أرنولد تونبيى، وبرتراند راسل .
والقضية تدور حول محورا استراتيجيا هو أن لندن تريد الحفاظ على مستعمراتها فى حالة من التخلف . وفى الشرق الأوسط وعموم الشرق، فقد سعى البريطانيون لإفساد قادة القبائل العربية ورجال الدين المرتشين لقيادة حركات بدت أهدافها على الدوام متوافقة مع الأهداف البريطانية . وفى ظل جماعة جامعة جديدة تسمى " الإخوان المسلمون"، ومن هنا تم تحويل السياسة البريطانية الامبريالية إلى شكل مؤسسي يأخذ صور منظمة منضبطة مخصصة لإعادة الشرق الأوسط إلى عصور الظلام، ومن أجل هيمنة لندن على الشرق بحث واضعو لاستراتيجيات الاستعمارية البريطانية عن تيارات فى العالم الاسلامى تتوافق مع المصالحة البريطانية لمنع التطور. وبدلا من التعامل مع الملوك والأمراء الذين يحكمون مناطق واسعة، شجع البريطانيون المئات من المجموعات القبلية والعرقية، بحيث يحكم كل منهم دويلة صغيرة. وبهذه الطريقة، يكون من السهل على البريطانيين منع ظهور المعارضة السياسية لحكمهم.
كانت أفراد العائلة المالكة والعديد من رؤساء الحكومات ومساعديهم هم الرعاة الرئيسيين للمشروعات البريطانية لبناء الطوائف والجماعات، ومن أمثال هؤلاء بنجامين دزرائيلى ولورد بالميرستون ولورد شافتسبيرى، وادوارد بالوير- لايتون. وكانت هذه الطبقة من الأرستقراط يحكمها عصبة من أكثر الرجال والنساء الذين عرفهم العالم انحلالا وفسادا جنسيا وشرا. وفى النموذج الذى تبنوه، واقتبسوا صورة المركز الطائفى المخيف المتمثل فى بمباى، وفى روما القديمة حيث عبادة الحيوانات والانغماس فى الشهوات هى قاعدة السلوك " المتحضر".
كان أول مشروع مسجل للطبقة الارستقراطية فى القرن لتاسع عشر هى الحركة البهائية فى بلاد فارس. ورغم أنها بدأت كغزوة بريطانية تجريبية فى الطوائف الماسونية غير الدينية، إلا أن الحركة البهائية أفرخت منظم الحركة الإسلامية الشاملة – جمال الدين الافغانى والذى يمكن ان نؤرخ منه للإخوان المسلمين .
وخلال الفترة الأولى للإنشاء حافظت البهائية على علاقتها بالمذهب البريطانى الاسكتلندى، وبالانتشار فى الهند وبلاد فارس وفى عموم المملكة البريطانية، وفى عام 1868م، قررت الحكومة التركية وضع البهائيين تحت الإقامة الجبرية فى مدينة " عكا" السورية . وبمعونة أصدقائهم من أصحاب النفوذ فى لندن نجحت البهائية مجددا فى الظهور .
ومع مقدم السنوات الأولى فى القرن العشرين، كان من المعلومات الشائعة أن البهائية منتجا من وحى بريطانيا. وتم التحقيق معهم وفرض الإقامة الجبرية مجددا وهى الفترة التى تم تحديد إقامة جمال الدين الافغانى فى اسطنبول حتى مات هناك متهما بأنه على علاقة بالمنظمات البريطانية البهائية والماسونية .