قد تنتهي الحرب على النساء إذا حررنا الرجال جنسيًا



مارجريت كورفيد
2017 / 2 / 19

ترجمة: أنديل


كامرأة ذات ميول جنسية محبة للسيطرة، يأتيني الرجال ليستكشفوا ميولًا جنسية محرمة اجتماعيًا. طالما النظام الأبوي الذكوري مستمر، لن تكون لديهم أبدًا حرية التعبير عمن هم، أو معاملة النساء كما يجب أن يُعاملوا.

يبدو لي أن الرجال لم يكونوا حقًا هم العدو - كانوا زملاء وضحايا، يعانون مهابة ذكورية عفى عليها الزمن أشعرتهم دون داع أنهم غير ملائمين لعصر لم يعد فيه دببة ليقتلوها
ألم يكن الرجال يموتون مبكرًا، كابتين رعبهم ودموعهم وحنانهم؟ (By أنديل)
عندما أصبحتُ مُسيطرة جنسية محترفة بعد سنوات في المشهد الجنسي غير المعتاد (kink)، توقعت أن يتضمن عملي الكثير من الصفع، الجلد والتقييد. ويا لسعادتي! فقد تضمن بالفعل. ولكني في أغلب جلساتي أوجدُ للرجال مساحة لاستكشاف مناطق من حياتهم الجنسية يعتبرها المجتمع غير رجولية؛ يأتوني ليُخترقوا ويُستعملوا، ليخدموا، ليخضعوا، ليعبدوا، أو يؤخذوا أخذًا. قد يكون لدى العميل أي من الخيالات الجنسية المذهلة الشهيرة، أو كلها، لكنه غالبًا يأتيني ليختبر شيئًا خارجًا تمامًا عن الحدود شديدة الضيق لمعنى الرجولة بالنسبة للمجتمع.

عندما يدخل رجل غرفتي السرية، فإنه يخطو إلى عالم آخر، حيث تابوهات وقواعد وتوقعات العالم الخارجي مُزالة، أو ملتوية لتخدم فقط متعتنا المشتركة. مشاهدة وجه الرجل يتغير وهو يدرك هذا، ويتحرر من توتر اضطراره لإخفاء خيالاته المنحرفة - مشاهدته بينما يشعر أن أحدًا يفهمه أخيرًا - هو واحد من أعظم متعي في الحياة. إلا أن عالمنا المشترك ينتهي على عتبة بابي. عندما أُخبر رجلًا أن يتجرد من ملابسه، أنزع أيضًا أثقال التوقعات الاجتماعية عنه؛ وعندما ينتهي وقتنا سويًا، يضع ملابسه من جديد، قطعة قطعة، ويعيد وضع هذا الثقل على أكتافه مجددًا.

الرجال يأتونني أيضًا لأنني أبحث عن أسرارهم، أعثر عليها وأحافظ عليها. أنا فضولية ومتكلّمة، وبينما يضع الرجل ملابسه أحيانًا أسأله ما الذي أتى به عندي. كل إجابة مختلفة. بعضهم، بالطبع، متزوجون، ويبحثون عما تعجز زوجاتهم أو تأبى عن تقديمه. بعضهم مدمنو أدرينالين. الكثير من الرجال خجولون أو مرتبكون، أو ببساطة مشغولون أكثر من اللازم عن العثور بسهولة على أي شريك، فما بالك بشريك يشاطرك الاهتمام بالجنس غير المعتاد؟ إلا أن كل رجل تقريبًا أخبرني أن كونه غير معتاد – أي كونه مختلفًا بأي شكل من الأشكال - هو شئ عليه إخفاؤه عن كل من يعرفونه.

هذا السبب في حد ذاته هو مبرر وجود مهنة مثل مهنتي. هناك سوق رائجة لخدماتي السرية لأن الرجل إذا خطا خارج حدود ما يسمح به المجتمع، لن يُرى كرجل. إنه ليس مجرد إشباع جنسي بسيط يطمح له الرجل من مشتغِلة بالجنس، ولكنه أيضًا فرصة لاستكشاف ميول جنسية محرمة اجتماعيًا. إذا أراد الرجل أن يُخترق، أو يشعر بالضعف، أو يخدم ويُتحكم به من قبل شريك مُسيطر جنسيًا، أو إذا أظهر صفات يعتبرها المجتمع أنثوية، سيُنبذ ويتعرض للتحرش. المرأة المثالية التي يحثُه المجتمع على الفوز بها تبدو حلمًا مستحيلًا، وأحياناً حلمًا غريبًا عنه. ولذا فهو يترفع عن ميوله الجنسية، ينغلق عليها ويخفيها؛ ثم يأتي لرؤيتي.

بالنسبة لي، فرصة مشاركة هذا العالم مع رجل هي متعة في حد ذاتها. بالنسبة له، الرغبة في إخفاء كنوز قلبه وعقله الجنسية عن كل الناس سواي هي جزء من عبء شنيع. مثلما أظهرتْ النسوية بوضوح للعيان، وعن حق، الإخضاع المنهجي الذي تتعرض له النساء في كل أركان المجتمع، بجعلها كلمة "امتيازات الذكور" كلمة مثيرة للانتباه على مستوى عالمي، أرتنا النسوية أيضًا كيف أن النظام الأبوي الذكوري يشكِّل ويحدد حيوات الرجال. يُنتظر من الرجل أن يكون كسّيبًا مع وظيفة ثابتة، يكسب ما يكفي لإعالة أسرة نحو ترقٍ اجتماعي مثالي لم يعد متوفرًا لدى معظمنا اليوم. يُتوقع منه أن يكون له حضور ذكوري المظهر، الذوق والعادات. يُتوقع منه أن يكون واثقًا، غير متحفظ واجتماعي، ويعلم كيف يُقاتل. يُربَّى الرجل اجتماعيًا الانجذاب لنوع محدد من النساء، الزواج، إنجاب أطفال يوفر لهم نوعية حياة وآفاق أفضل مما تمتع بها هو شخصيًا. يُنتظر منه أن يكون مُحبًا للجنس المغاير فقط، وبشكل كامل، وأن يكون في علاقات أُحادية فقط، وبشكل كامل. ورغم أن المجتمع يسمح له بمساحة مناورة أوسع من تلك المتوفرة للمرأة فيما يتعلّق بالميول الجنسية، يُتوقع من الرجل أن يكون فحلًا، نشطًا جنسياً، وغير معقّد في أذواقه. مسموح له أن يخترق، ولكن لا يُخترق، أن يتحكم ولا يستسلم، أن يتمتع برقة وحسية وجاذبية المرأة الجنسية، ولكن ألا يعبر عن نفسه بنفس الطريقة أبدًا.

بشكل أو بآخر، فمجتمع اليوم يطلب من رجاله نفس المعايير التي كانت مطلوبة في الخمسينيات، إلا أن فرصة رجال اليوم في تحقيق نفس استقرار وأمان هذه الحقبة أقل بفارق شاسع. قضت العولمة على معظم الوظائف ذات الأجور الجيدة التي لا تطلب تعليمًا متقدمًا. هلاك القوى الاتحادية، التقشف الدائم، والتقدم الذي أحرزته النساء في أماكن العمل، كل هذا جعل النموذج القديم للأسرة المربوطة جينيًا غير مستدام للرجال والنساء على حدٍ سواء. والرجال بالطبع يُربُّون مع قدر هائل وشامل من الإحساس بالتفوق الذكوري، الذي يُذكَى بشكل دائم، إلا أن هذا يجري تحديه أكثر وأكثر مع حصول النساء على المزيد من الحقوق والترقيات الاجتماعية. في هذا الموقف، بدأ شعورٌ عويصٌ من الارتباك والقلق في الاستحواذ على مشاعر الكثير من الرجال. وعند بعض هؤلاء الرجال، تحوّل القلق إلى غضب.

نسبة إلى العالم السوسيولوچي مايكل كِمِل، فللرجال الحق في الغضب. كتب في كتابه، "رجال بيض غاضبون" ٢٠١٣:

"لدى رجال أمريكا في نظري، الحق في الغضب. لديهم الكثير من مسببات الغضب. أغلب رجال أمريكا يعيشون في نظام يعدهم بالكثير من المكافآت إذا التزموا بقواعد اللعبة، إذا امتثلوا، وأصبحوا رجالًا دمثي الخلق ومجتهدين، إذا تحملوا الأعباء، أو يمكن، لنكن أكثر دقة، قبلوا بالسخرة، عندها سينالون احترام زوجاتهم وأطفالهم. إذا حاربوا حروب أمريكا وخدموا بلادهم كإطفائيين لحرائقها ومجابهين لجرائمها، سينالون احترام مجتمعاتهم. والأكثر أهمية، إذا كانوا أوفياء لزملائهم وكسبوا قوت يومهم بشرف، فعندئذ سينالون أيضًا احترام الرجال."

في الكتاب، يوصل كِمِل الخطوط بين هذا الغضب وبين السياسيين، الأحزاب والإعلام، ويرينا كيف توجه هذا الغضب نحو النساء والأقليات. بالنسبة للكثير من الرجال البيض الغاضبين، فإن لوم المهاجرين، مستغلي المعونة الاجتماعية والنساء، أسهل من تدارس تواطؤهم الشخصي في نظامٍ قائم على الانتفاع، أو مخاطبة الجذور الاقتصادية للتغيرات التي ضاءلت آفاقهم. بالتفاتهم لأحزاب ذات ردود فعل شعبوية، مثل "يوكيب" و حركة حفلة الشاي الأمريكية وجماعات النازيين الجدد مثل "بريطانيا أولًا"، غيَّر هؤلاء الرجال شكل السياسة الحديثة.

اجتذبت حركة متطرفة أخرى أقل شهرة، هي الحركة المسماة بـ"حركة حقوق الرجال"، الكثير من الرجال الغاضبين القلقين. بتأسسها على الإنترنت، وبتسميتها أيضًا بـ"الذكورية الجديدة" لدايڤد فيوتشرل، الذي يكتب المدونة النسوية القاطعة، "نحن اصطدنا الماموث"، تستقطب حقوق الرجال حشودًا من رجال بيض صغار السن نشئوا على الإنترنت. نشطاء حقوق الرجال يؤمنون أن التقدم المنهجي للنساء والأقليات عبر الإجراءات الإيجابية، وغَلَبة الخطاب النسوي، قد وضعا الرجال في موقف غير عادل. من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر منتديات مكرسة على مواقع مثل رِدت، وعلى مواقع متخصصة، يخفي نشطاء حقوق الرجل كراهيتهم وراء لغة عاقلة مسطحة، مدعين أنهم يطالبون بمساواة حقيقية. أعداد من أعلنوا عن أنفسهم كـ"نشطاء مدافعين عن حقوق الرجال" صغيرة، إلا أن الفكر الأوسع وراء حقوق الرجال يبدو منعكساً في الـ"محيط الذكوري"، على مواقع مشهورة مثل صوت للرجال A Voice for Men ، وعودة الملوك Return of Kings، فضلًا عن مواقع تشان الأناركية ’chan، وفي معتقدات مؤيدي جيمرجيت GamerGate. نشطاء حقوق الرجل والمحيط الذكوري الأوسع، كلاهما يبجل الذكر الألفا، ولكن نظرة لمواقعهم توضح أنهم يستهدفون الرجال والصبية الذين يشعرون بعدم التحقق في حياتهم، وبالتحديد، الشباب الذين يشعرون بحرمان جنسي. في منشور قريب يقول فيوتشرل:

"الغضب لدى الكثيرين من ن.ح.ر (نُشطاء حقوق الرجال) صغار السن يبدو نابعًا من مصادر سيكولوجية جنسية متشابهة. هؤلاء هم الشباب الذين يثورون ضد (الفريندزوننج) ويتفجر سخطهم ضد ادعاءات الاغتصاب الباطلة ومفهوم (نعم تعني نعم.) في عقولهم، النساء هم الحراس بينهم وبين الجنس، وهذا يُحبطهم ويملأهم أحيانًا بغضب عارم.

إلى حدٍ ما يشعرون أن النساء بشكل جماعي يحرمونهم من الجنس الذي يستحقونه، ويسيئهم اضطرارهم، على الأقل في تصورهم، للقفز عبر الكثير من حلقات النار ليصلوا إليه. البعض، في اعتقادي، يتصورون أنه لا طريقة للحصول على الجنس دون بعض الاختصارات فيما يتعلّق بالتراضي المتبادل بين الشريكين، ويسيئهم أن النسويين يصعِّبون الأمر عليهم أكثر”.

يوفر المحيط الذكوري المأوى للـ عا.لا. [توضيح من المترجم- العازب لا إراديًا: وهو تعبير مستخدم لوصف الشخص الذي لم يدخل في علاقة جنسية لفترة طويلة رغم عدم امتناعه المتعمد عن الجنس، ويستخدم خصوصًا مع الأشخاص عديمي التجربة الجنسية تمامًا أو هؤلاء الذين يواعدون ولا يمارسون الجنس رغم المواعدة]، أو الرجال الذين يعانون من عزوبية لم يختاروها، ويمنحهم دروسًا في "اللعبة"، وصفة دنيئة من التلاعب وتقنيات الإرباك العقلي المتعمد التي أفرخت صناعة كاملة مكرسة للنوم مع أكبر كمية ممكنة من النساء. يدعون أنهم يريدون منح الرجال الثقة، إلا أنه تحت هذه القشرة من الإيجابية، فقد دعت الأصوات القيادية في المحيط الذكوري مرارًا إلى التحرش، الإيذاء، الاغتصاب وحتى موت النساء، خصوصًا النسويات البارزات. ويصنف مركز ساوذرن پوفيرتي لاو لأبحاث الحقوق المدنية بعض هذه المواقع كمواقع معادية للنساء تحرض على الكراهية. إليوت رودجر، الذي قتل ستة أفراد في أسلا ڤيستا، كاليفورنيا، في العام الماضي، نشر ڤيديوهات وتعليقات من موقع يعلن فيها عن غضبه تجاه نساءٍ تجاهلنه، وقال إن النساء لا يجب أن يُسمح لهن باختيار شركاءهن الجنسيين. رغم أن الأصوات الأبرز في حقوق الرجال سارعت للتنصل من روجر إلا أن آخرين يرونه كبطل، والمانيفستو الخاص به ملئ بمفردات ومفاهيم مستقاة من حقوق الرجال.

التهديد الأكبر الذي يشكله المحيط الذكوري للمجتمع هو أنه يروق بشكل واسع لجحافل من الرجال المكبوتين جنسيًا. هناك أسبابٌ لا نهائية، شخصية، اجتماعية وسياسية، لعدم حصول رجلٍ على الإشباع الجنسي، إلا أن المحيط الذكوري يُخبره أن الخطأ هو خطأ نساءٍ فاجرات لا يردن سوى المال والنفوذ، ومع مجتمع نسوي يدفع به نحو الهوامش. "أصبحت شكوى (الشاب اللطيف) المضطهد جنسيًا تستحوذ على مركز مناقشاتنا الثقافية عن التوجهات الجنسية"، كتب فيوتشرل في حوار عبر الإيميل. "إيليوت روجر - الذي يصف نفسه كـ (شاب لطيف) - انفجر مطلقًا نيرانه على الناس كتنفيذ صارم لانتقامه من كل النساء اللاتي رفضنه. رغم أنه لم يصف نفسه بصراحة كـ ن.ح.ر، إلا أنه اشترك مع جمهور ن.ح.ر في الكثير من هوسهم الجنسي الأساسي… هو بالطبع مثال متطرف، ولكن قصته تعطي مثالًا واضحًا لمدى الخطورة التي قد تصل لها هذه الأفكار والهواجس،" كان هذا ما كتبه.

كُتب الكثير عن هذا العام الماضي باعتباره مهرجانًا للنسوية، أظهر فيه النسويون حقوق النساء ومناظيرهم لمقدمة الساحة السياسية العامة. يلاحظ نقاد حركة حقوق الرجال بشكل متكرر أن هناك العديد من القضايا التي تهم الرجال، مثل الوفيات في أماكن العمل وفي الحروب، وتتجاهلها الحركة لصالح الهجوم المتكرر على النسوية وعلى النساء. إذا كان الكبت الجنسي هو ما يغذي كراهيتهم للنساء، فإن هذا أمر مفهوم. إنهم جماعة قمصان بنية [توضيح من المترجم: جماعة القمصان البنية: ميليشيا أسسها هتلر في ميونخ في ١٩٢١ ارتدى أعضاؤها زيًا بنيًا موحدًا وساعدوه للوصول للحكم، ثم تخلصت منهم أجهزة الأمن بعد ذلك فيما عُرف بليلة السكاكين الطويلة في يونيو ١٩٣٤] ؛ مثلهم مثل غيرهم، ترحب بهم النخبة الحاكمة كإلهاء عن المسببات الحقيقية لعزلة الرجال.

كنسويين، نضع عن وجه حق مصالح النساء أولًا، ونتشكك في الحجج التي تبدو نسوية، ولكنها تروق لمصالح الرجال. على التضامن أن يحفز المنتفعين في كفاحهم نحو التغيير، وليس المصلحة الشخصية. للتشبيه؛ سيكون أمرًا مهينًا ومضللًا أن تطالب القادة السود لحركة فيرجسن ضد عنف الشرطة بأن يسرحوا بمنافع مناهضة العنصرية، محاولين بيعها للبيض. كذلك، ليس على النسويين بيع النسوية للرجال الغاضبين. ولكن قد أطرح تشبيهًا مختلفًا: عندما نقاتل الفاشية، حريٌ بنا أن نطرح بديلًا لمن يريد الفاشيون تجنيدهم. قد لا يكون في وسعنا الوصول لأكثر كارهي النساء كراهية، لكن على النسوية مهاجمة أيديولوجيا حقوق الرجال الزائفة بشكل مباشر. يجب أن نوفر إجابة حقيقية للرجال الذين يستهلكهم القلق، وخاصة هؤلاء الذين يشعرون بكبت جنسي.

اليوم، يجتاح النسوية جدل ناري حول النوع والجنسانية. النسويون التقاطعيون Intersectional feminists شملوا حركات المتحولين جنسيًا، العاملات والعاملين بالجنس، وحركات التحرر الجنسي، بينما في مواجهتهم مؤيدون لتقليد نسوي أقدم وأكثر راديكالية يستبعد هؤلاء. أنا في المعسكر التقاطعي وبحزم. عندما أصبحت عاملة بالجنس كان يملأني شعور أخلاقي بالعار، إلا أن النسويين التقاطعيين علموني أن أفتخر بعملي وبهويتي. سواءً كانت مهنتنا هي تحضير القهوة، مرافقات، أو محاميات، تجد النساء أنفسهن مطالبات بتشغيل عقولهن وأجسادهن بشكل حميم. بينما قد تسميني النسويات الراديكاليات خائنة لنوعي بسبب خدمتي لاحتياجات الرجال، فإن النسويات التقاطعيات سيؤكدن على ما تمتلكه عاملات الجنس والذي يمتلكه أي عامل في العالم؛ سياق معقد بين التراضي المتشابك مع الإكراه.

التعلّم عن النسوية التقاطعية غيَّر حياتي، وأعادني للسياسة، وفعل ذلك للآلاف من مطاريد الجنس والنوع الذين شعروا أن الهوية النسوية تستبعدهم. علينا دعم هذا في حد ذاته، ولكن علينا إنهاء الجدل بين الأخلاقيين والفاسقين في صفوفنا من أجل هدف استراتيجي أساسي. فإذا لم يتخل النسويون عن أخلاقياتهم سيستمر نشطاء حقوق الرجال، بأنصارهم المتزايدين حولهم كظل مغبش، في تلويننا جميعًا بنفس الفرشاة. سيستمرون في تشويه وجهات نظرنا، وإخبار جمهورهم أننا جميعًا أخلاقيون، وبالتالي توجيه غضب الرجال نحو نهاياتهم المملوءة بالكراهية. وبالنسبة لملايين من الأولاد الصغار ستظل كراهية النساء مقنعة أكثر من النسوية بكثير.

عبرت بيتي فريدمان عن الأمر بأفضل صورة عندما قالت في "خاتمة للمهابة الأنثوية" ١٩٧٣:

"كيف سيمكننا معرفة أو حب بعضنا فعلًا بينما دأبنا على لعب تلك الأدوار التي أبعدتنا عن معرفة أنفسنا، أو القدرة على أن نكون أنفسنا؟ ألم يكن الرجال، بالضبط مثل النساء، محبوسين في غربة وعزلة وحيدة، بغض النظر عن عدد الأكروباتات الجنسية التي يضعون أنفسهم فيها؟ ألم يكن الرجال يموتون مبكرًا، كابتين رعبهم ودموعهم وحنانهم؟ يبدو لي أن الرجال لم يكونوا حقًا هم العدو - كانوا زملاء وضحايا، يعانون مهابة ذكورية عفى عليها الزمن أشعرتهم دون داع أنهم غير ملائمين لعصر لم يعد فيه دببة ليقتلوها."

إنها النسوية التي تمنح الرجل فرصة لحياة مشبعة جنسيًا. عندما تنطفئ ثقافة الاغتصاب، وعندما ينحسر النظام الأبوي، ستستطيع كل الأنواع إدراك تفضيلاتها الجنسية في أمان. حتى الآن، فكل فما تطلبه النسوية من الرجال أن يدركوا امتيازاتهم ويحترموا وكالة النساء عن أنفسهم، وهي أشياء قد تساعدهم على الوصول لعلاقات حميمة مرضية بالفعل. أحد أعظم مآسي حركة حقوق الرجال هي أن دروسها في النهاية تُبعد الرجال أبعد وأبعد عما يتوقون إليه. من الصعب أن تساعد أساليب فناني الشقط واستحقاقات المحرومين الرجالَ على تحقيق الحميمية، ولكن قيم النسوية قد تساعدهم على تعلم مهارات التواصل باحترام. وعلى مستوى أعمق، فالفهم الأوسع للمسببات الحقيقية لقلق الرجال قد يوفر الأمل للرجال الذين يشعرون بأن شيئًا انتُزع منهم، والعزاء في معرفة أن هذا ليس خطأهم. لكن لن يمكننا توضيح هذه الحجة للرجال قبل أن نستغني عن البقايا القديمة للأخلاقية في نسويتنا.

يجب أن تحتضن نسويتنا قضية الحرية الجنسية لكل الأنواع تمامًا، وتزيد من شهرتها. لابد أن تفسح مجالا للمتحولين جنسيًا والمتحررين، لغريبي الأطوار، والعاملات بالجنس، ولهؤلاء الرجال الذين هم مثل زبائني، يريدون إعادة تشكيل ماهية الرجل. للرجال، النسوية الحقيقية تقدم تحريرًا وإشباعًا جنسيًا، من خلال الوصول لفهم أشمل لامتيازاتهم وأعبائهم، تحت عباءة النظام الأبوي. ويجب أن يجعل النسويون هذا أمرًا معروفًا، لأن تحرير جنسانية الذكر سيقوّض واحدًا من أعمدة النظام الأبوي الرئيسية. وعندها فقط، سيمكن للنسوية تسخير قلق الرجال، وبدلاً من تحويله لغضب، يمكننا تحويله لتضامنٍ وأمل.

____________________________________

ترجمة عن موقع "نيو ستيتسمان" بنفس العنوان