العنف ضد النساء



أسماء الإدريسي الأزمي
2005 / 12 / 20

على الرغم من كل التطور الحقوقي الذي تكرس لفائدة المرأة المغربية نتيجة عهود طويلة من النضالات ، فإن فصول العنف و التمييز ما زالت تتواصل بشكل سافر و على أكثر من صعيد ، فالمرأة المغربية ما زالت تتذوق لحد الآن مكرهة طعم اللامساواة ، و إذا كانت مدونة الأسرة قد سعت بالإساس إلى التقليص من حدة هذا العنف و التمييز ، فإن الانتقال فعلا إلى مجتمع المساواة و التكافؤ ما زال بعيد المنال ، و السبب في ذلك أن التغيير في المجتمعات عموما لا يكون فقط بوضع القوانين بل يكون بالضرورة عبر التربية و التنشئة الاجتماعية المبنية على المساواة و احترام الاختلاف .
ففي المراحل الأولى لنمو الأطفال داخل الأسرة المغربية يتم تعليب وعيهم بأفكار المجتمع الذكوري ، و من ثمة تنشأ صيغ العنف و التمييز ، بحيث تصير الأنثى مجرد كائن ثانوي أوجد أساسا لخدمة الرجل و تلبية رغباته ، في ظل هذه المؤسسات الاجتماعية الأولية يتأسس و يتكرس العنف الموجه ضد النساء ، و الذي يتخذ في البداية صورا و أنماطا رمزية ليتحول في النهاية إلى عنف مادي صرف يتراءى بكل وضوح في كل المؤسسات و اللحظات الاجتماعية .
فالعنف ضد المرأة بالمغرب لا يكون ماديا فقط ، بل يكون رمزيا و بشكل خطير أحيانا ، بل إنه يكون واقعا اجتماعيا كمشكل الأمية مثلا الذي هو مفروض منذ الأزل على المرأة المغربية ، فأزيد من 80 في المائة من النساء القرويات هن أميات ، كما أن نسبة مهمة من الفتيات تاقرويات ما زلن لحد الآن يمنعن من التمدرس ، و يمنعن بالأساس من استكمال دراساتهن بعد مرحلة التعليم الأساسي ، و هذا يعني أن العنف هنا يصبح واقعا اجتماعيا موجها يريد أن ينتج نساء من مواطنات الدرجة الثانية ، لا يساهمن في التغيير بقدر ما يدعمن كل مؤشرات المحافظة و إعادة الإنتاج
و لهذا نقول دوما بأن العنف ضد المرأة لا يلوح فقط في مظاهر التحرش و الحرمان من بعض الحقوق ، بل إنه يظهر في صيغ أخطر و أفدح تسعى إلى إعادة إنتاج القهر و الاستلاب و الأمية و الجهل ، و تلكم أخطر الظواهر التي تضيع معها كل الحقوق و تضيع معها المرأة أيضا .