يظل القيد ارجواني-التمرد



شذى احمد
2016 / 9 / 4



لم تكن تريد الا القليل. ما يكفيها من طعام وشراب في كوخها المتواضع .. سعيدة بتربية صغارها،والتمتع بهم وهم يكبرون امام عينيها بصحة جيدة
لكن لم تكن لتدرك ما يخبأه لها القدر من مأساة . في احدى نزهاتها مع صغيريها التقتها السيدة البيضاء التي سلب الصغيرين لبها بجمالهما ،ونظافتهما.. فافصحت عن رغبتها بالحاقهما بالخدمة في قصرها

لم يرق هذا العرض للسوداء المتمردة احست كان خنجرا مسموما اخترق قلبها .. فردت كالملكوم: الى الجحيم .. لا
كانت كلماتها كافية لتفتح عليها هي لا السيدة البيضاء ابواب الجحيم على مصراعيها. تجمع كل السادة البيض في الشارع مذهولين من رد الأم السوداء التي رفضت عرضا يكاد يكون مغريا لمن مثلها. والأهم من كل هذا رفضها الذي لم يكن حقا لها على الاطلاق

فمن مثلها من العبيد عليهم الخنوع ثم القبول باي طلب من سادتهم البيض. سنوات عذاب وقهر قضتها بالسجن سلبت فيها كرامتها. عزتها .ادميتها واخرست ثورة تمردها

في هذا المشهد الاستثنائي الذي قدمته أوبرا وينفري من فلم اللون الارجواني نقلنا المخرج المبدع ستيفن سبيلبرغ الى اجواء العبودية الحقيقية في امريكا التي كانت سائدة في القرنين الثامن والتاسع عشر.. عالم زخر بالقصص التي لا تنتهي مثل طرق غابات الامازون المتشابكة الطويلة التي لا تعرف النهاية.من تاريخ ادميت اصفاده باللون الارجواني القاني من دماء ضحاياه من السود

لما نعود اليوم. لان علمائنا يقولون عنا نحن البشر حقيقة في غاية الغرابة .. ينعتوننا... باصحاب الذاكرة القصيرة... الشعوب ذاكرتها قصيرة … لما كل هذا؟ . لاننا سرعان ما ننسى الاحداث . نتخلى عن حكم التاريخ . والعبر المستقاة من تفاصيله. لنقع بما هو اسوء منها

فتلك التي جاءت باولادها هاربة من جحيم العصابات المرتزقة التي استباحت كل شيء في وطنها الأم عولت على محطتها التالية في بلد المهجر كل خير . تمنت تنشئة صغارها بجو من الحرية والأمان تنشئة سليمة

مع هذا بقيت سيدة لبيت عربي او شرقي .. او اي بيت في هذا العالم ـ عدا الاوربي ـ او ألماني بالتحديد!!!. لما كل هذا؟!! بمعنى لما هذا التصنيف
الحقيقة في البيوت كثيرا ما يتشاجر الزوجان . بعض الاحيان يندلع النزاع لاسباب واهية. فكيف الحال وكل ما حولك تحدي. الحياة اللغة .العادات . التقاليد . القانون. بقاءك . نفيك . اسرتك . عالمك الصغير والكبير يقطع ويركب مثلما يراد لك . ولا تملك عمل اي شيء
اي ضغط نفسي هذا. اي انهيار لقدرة المرء على التعاطي والتحمل لكل ما يمر به. ثم ليس هناك من وسيلة افضل من الصراخ ، والغضب للتنفيس عن الخسائر الجمة . والضياع اللامتناهي الذي يمر به المرء

مع من كل هذا. من يدفع الثمن الزوجة. وهي نفسها تكون باغلب الاحيان اشد توترا وعصبية من الزوج

يومها احتد النزاع بينهما . فعلى صوته. ورفع يده في نوبة غضب وجنون ضربها. افقده الغضب عقله فاسرع ليهددها بالسكين . يريد ان يبرهن لنفسه قبلها رجولته. بقاءه في سجل الاحياء اصحاب الخيارات . لم تنتزع منه دولة المهجر كل شيء.!! لازال يحتفظ بما يبقية على قيد القرار. ام التمرد على اقل تقدير

لكنه لسوء حظه كان قليل الاطلاع عما حوله. هنا لا يعني هو بالاغلب شيء. ربما قبل به اكراما لاولاده الذين يعول عليهم في ملئ الفراغ الحاصل في الايدي العاملة للطبقة الوسطى او اصحاب المهن والحرف الذين راحت اعدادهم تتناقص باضطراد مقلق. فالمجتمع راح ينكمش بسبب قلة المواليد . هذه الحالة لم تكن وليدة الساعة بل جاءت بعد سياسة طويلة الامد تسبب بها رخاء المجتمع ،واهمية الحياة المادية ،والثراء الشخصي للافراد ،والتثقيف بضرورة العناية بالفرد ورفاهيته على حساب الاسرة والمجتمع
اذن الصغار او الفتية هم بيت القصيد. ربما يقبلون بالابوين كأجر حتى يتمكنوا من استخدام اولادهم

فما ان رأى مدير النزل ما حصل حتى سارع بالاتصال بالشرطة والدوائر المتخصصة
هنا لم يكن الحال بافضل من حال السوداء يومها. اما اطفالها، فهم لوحدهم قصة تروى. دعونا نتحدث عنها بروية في المرة القادمة
استودع صبركم بكل خير
الى اللقاء