رفقا بالقوارير



خالد شياع الرفيعي
2016 / 9 / 6

رفقا بالقوارير
لقد كرم الله سبحانه وتعالى بني ادم وفضله على باقي مخلوقاته ، فلقد منَّ عليه بنعمة العقل وامره بالإصلاح و بناء المجتمع ، وهذا البناء لا يكتمل بطرف دون اخر فليس المقصود هنا الرجل فقط ، بل الرجل والمراءة على حد سواء ، فلقد اعلى الاسلام مكانة المراءة واحاطها بسياج منيع من المكرمات والفضائل فهي الام الرحيمة والبنت الحنونة والزوجة الحبيبة والاخت العطوفة ، فالمراءة هي شقيقة الرجل ونصف المجتمع وتلد النصف الاخر .
إن ما نراه ونسمعه في هذه الايام من خلال بعض وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وبعض وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة كالفيس بوك واليوتيوب ، ما يلحق المراءة من حيفٍ وضيم يندى له جبين الانسانية الاغر . ولقد روي لي وقرأت الكثير الكثير من القصص المؤلمة والتي سوف اسرد عليكم بعضاً منها ، فمن ما قرأت مثلا .
أن فتاة لم تبلغ العقد الثاني من العمر قد زوجها والدها لرجل عجوز قد تجاوز الستين عاما ، وبعد محاولات عديدة باءت بالفشل حاولت فيها الرفض لكنها لم تستطع ، حيث لم يجد والدها بداً من تزويجها لهذا العجوز قسراً ، ومما زاد الطين بلة وزاد الداء علة وزاد الامر سوءاً ، عندما علمت الفتاة أن زوجها عقيم لا ينجب ، وقد طلق قبلها ثلاث زوجات ، وبعد مضي أشهر على هذا الزواج ، ظفرت الفتاة بالطلاق مما ادي الى احتقان الاب عليها لكونها لم تمتثل لأمره بالبقاء تحت ذلك العجوز ، الامر الذي جعل من حياتها صعبة ومؤلمة مما حذا بها الى الانتحار للخلاص من هذه المعاناة ووضع حد لها ، ولولا تدخل الام قبل محاولة رمي نفسها من الشباك لكانت الفتاة في عداد الموتى ، بعد ذلك وفقها الله واقترنت بأحد أقاربها .
أما القصة الثانية التي قد رويت لي واردت أن تطلعوا عليها ، وهي تلك الفتاة الجميلة التي كان اغلب شباب المنطقة مولعون بها لجمالها وأدبها ويطمحون في الزواج منها ، وقد وفق الله احدهم فتزوج منها وعاشوا حياة سعيدة وقد رزقهم الله بالمولود الاول وكانت انثى جميلة ، وفي السنة الثانية قد انجبت أنثى أيضا ، وصار الاب يسمى ابو البنات من قبل أهله وأصدقائه ، الامر الذي أزعجه وأشغل باله وأقلقه ، فأخذ يؤنب زوجته وهددها بالطلاق وطردها خارج البيت إن لم تنجب له ولداً يحمل أسمه ، وقد شاء الله أن تنجب الطفل الثالث انثى ايضاً ، الامر الذي جنن جنون الزوج وأثار حفيظته ، فقام بطرد الزوجة وبناتها الى بيت ابيها الفقير الذي لم يستطع تحمل مصاريف ابنته وبناتها ، فأخذ الاب يتضجور ويتأفف من كثرة المصاريف الاضافية التي قد فرضت علية جراء تواجد ابنته وبناتها ، في حين تحاول الفتاة الحصول على جزء من حقوقها ولكن دون جدوى ، الامر الذي أوصلها الى اليأس والقنوط ، فأقدمت على حرق نفسها لكي ترتاح من عذاب الضمير تجاه بناتها واتجاه والدها التي قد أثقلت عليه ، ولكي تجبر الزوج من أن يأخذ بناته ويتحمل تربيتهن مصاريفهن .
أما أفظع القصص التي قرأتها وهي أن أمراءه قد اقدمت على ذبح ابنتيها الصغيرتان كما تذبح الشاة حتى فارقتا الحياة وهي في كامل قواها العقلية ، فعندما سئلت عن سبب فعلتها ، قالت : حتى لا ترى ابنتاها ما لقيت هي من العذاب والمعاناة ، حيث إنها قد ابتليت بزوج وأب كلاهما من مدمني المخدرات وقد بالغ الزوج في ايذائها وبناتها ، فكلما لجأت الى اباها طالبة العطف والرحمة ، لا تجد الا ذاك الاب القاسي المغلوب على عقلة بسبب المخدرات التي يعطيها اليه زوج ابنته ، فيقودها الاب الى بيت زوجها ذليلة منكسرة وكانه يقودها الى مذبحها ، وقد قضت باقي عمرها في السجن محاولة الانتحار مرات عديدة .
وهنا لابد من وقفة لمعالجة هذه الانفس المريضة التي هي بعديدة كل البعد عن الدين والثقافة والعلم والقناعة بما قدرة الله للإنسان من الخير والشر . وقال تعالى ((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) ))سورة البقرة ؛ وقال صلى الله عليه وآلة وسلم ((رفقا بالقوارير))و القوارير هي الزجاج ، والزجاج هو المعدن الوحيد الذي لا يلزم الطرق ليتشكل بطريقة جميلة ورائعة ، وقال(( النساء شقائق الرجال ))وقال أيضا ((استوصوا بالنساء خيراً)) وقد شبهه صل الله عليه وآله النساء بالقوارير لسرعة تأثرهن وعدم تجلدهن ، فالأنثى كالقارورة لا تتحمل العنف والقسوة .