المرأة قبل أن تكون إمرأة هي إنسان



زاغروس آمدي
2016 / 9 / 18

المغالات في أي موضوع يُحرِّفه عن هدفه الجوهري، وأحياناً قد يُفضي إلى نتائج عكسية.
فمثلا المغالاة في موضوع حقوق المرأة، قد يؤدي إلى فقدان المرأة لأنوثتها التي هي الطبيعة الأجمل في كيان المرأة، وبدونها تفقد المرأة قدراً كبيراً من جماليتها، وبالتالي حرفها عن وظيفتها الأساسية كأنثى.
الكثير قد ينبهر بالمرأة الغربية، وبفعل هذا الإنبهار قد يتعامى عن حقائق مهمة في غاية الأهمية من الناحية الإجتماعية، كتعطيل دور المرأة جزئياً أو كلياً أحياناً في قضية الإنجاب، كما هو حاصل عند بعض المجتمعات الاوروبية والذي أدى إلى إصابتها بالعجز السكاني، وبالتالي تعرضها إلى خطر العدمية، هذا الخطر الذي بات يهدد وجود امم أوروبية بأكملها.

قد يُسيء البعض ما أرمي إليه ويلصق بي تهمة التخلف والوهابية ومعاداة حقوق المرأة، ويشهر علي مختلف أنواع الأسلحة. ودرءًا لأي سوء فهم من هذا النوع، أقول بصريح العبارة بأني لست ضد حقوق المرأة وتحررها بل بالعكس تماماً، لكني ضد اللجوء إلى المغالاة في هذا الحق أو إساءة إستعماله فيما يسيء للمرأة ذاتها في صلب كيانها ووظيفتها السامية في إستمرار الوجود الإنساني.
لا أقول كل النساء لكن هناك نسبة كبيرة منهن تنجرفن بفعل سيل من الزخم الثقافي المداهن أو لنقل بشكل أدق الغير معمق في تناول نفسية المرأة وخصوصيتها كأنثى إلى ما لا ترغبه الروح الإنثوية للمرأة ذاتها، مما قد يدفعها إلى فقدان جزء هام من أسباب سعادتها.

وهذا ما هو حاصل في الغرب بشكل ملحوظ، فعلى الرغم من حصولها على كافة حقوقها إلا أن ملامح من البؤس والشقاء لا تسطيع إخفاءها من على وجهها بسهولة.
طبعاً أنا هنا لا أقارن المرأة الغربية بالمرأة الشرقية فلا سبيل للمقارنة من حيث تمتع المرأة الغربية بحقوقها وحرمان المرأة الشرقية من معظم حقوقها.

الفلسفة الغربية عموماً تعاني من أزمات مختلفة من ضمنها كيفية التعاطي السليم مع مسالة المرأة. وتستغل الأحزاب اليمينية الناشئة والناهضة بقوة في الغرب هذا الخلل الإجتماعي الحاصل في العجز السكاني للوصول إلى السلطة. فمن ضمن مطالبها أو نشاطها إعطاء المرأة مكاسب مادية أكثر لتحفيزها على الإنجاب لوقف النقص في عدد المواليد، عوضاً عن إستقبال لاجئين أجانب لمعالجة هذه الظاهرة.


وما أحدثته مشكلة اللاجيئن على سبيل المثال من إشكالات وإنقسامات بين دول القارة العجوز، كإعادة رسم الحدود وإنشاء أسوار ونقاط تفتيش من جديد، وإعلان الكثير من السياسيين الأوروبيين السياسة العدائية أو اللاإنسانية أو الغير ودية إزاء اللاجئين الأجانب وبخاصة المسلمين منهم لا يبتعد كثيراً عن موضوع المرأة وفلسفة التعاطي مع حقوقها.


قضية مساوة المرأة مع الرجل في الحقوق مبدأ ثابت لا محيد عنه، لكن علينا أن نكون حذرين وأن لا نتمادي في المغالاة في هذه المسألة، كي لا ندفع بالمرأة إلى ما يتنافى مع رغاباتها ووظيفتها الطبيعية وكيانها الخلاق والجميل كأنثى، بل علينا أن نخلق الثقة في نفس المرأة وبأنها كأنثى ليست أقل من الرجل بل بأنها تتفوق عليه في مطارح شتى.
ومن ناحية أخرى على المرأة أن لاتسيء إستخدام هذا الحق، فتقول لزوجها إذا خنتني سأخونك أنا أيضاَ، او تقول لأخيها إذا سهرت في الملاهي لآخر الصباح أنا أيضاً من حقي أن أفعل ذلك. لأن هذه التصرفات ليست حقوقاً وليست لها علاقة بمساواة المرأة بالرجل البتة، إنها سلوكيات أو تصرفات خاصة أخلاقية. فالأخ لا يقول لأخيه بأني سأفعل مثلك إذا خنت زوجتك مثلاً، فعلينا أن نميز بين السوكيات الأخلاقية وبين الحقوق والمساواة.

الملاحظة الأهم في هذا الموضوع هي أن لا نتعدى على حقوق المرأة بأن نوجهها بالقول عليك أن تعملي أو لا تعملي، او أن هذا العمل هو الأنسب لك وهذا لا، او أنك تستطعين القيام بكل عمل كما الرجل حتى الأعمال الشاقة، أو من حقك التدخين أو ليس من حقك او غير ذلك. لأننا هنا ومن حيث لا ندري نسيئ للمرأة ونشعرها بأنها كيان قاصر.
ما يجب علينا هو أن نساعدها ونفسح كل المجالات أمامها كما للرجل تماماً، ونترك لها حرية الإختيار والسلوك والطريقة التي تحب أن تمارس بها حياتها.
إن الإلحاح الزائد عن الحاجة تجاهها يفضي غالباً إلى شعورها بالعجز والقصور وكاننا الوصي عليها. وهذا خطأ. فالمرأة أعرف بنفسها على نفسها من أن يُعرفها الرجل على نفسها. وأن لا ننسى أن المرأة قبل أن تكون إمرأة هي إنسان، ويجب أن تتمتع هي الأخرى بكافة الحقوق الإنسانية كما الرجل. وبأنها إنسان حر كما الرجل هو إنسان حر. وعندما تبلغ المرأة هذا المرتقى فهي ليست بحاجة إلى نصائح الرجل.