نعمى1



مارينا سوريال
2016 / 10 / 2

ام منصور
باطرافها المشققة قفزت من العربة جوار قفصها الثقيل متحاملة على القدم المتورمة منذ يومين دون ان تعلم لماذا ؟فكرت وهل اكل سوى البصل والعيش سألت النساء من حولها ولا واحدة اصابها هذا من قبل تمتمت اعرف حظى حاملة القفص الثقيل تقفز على قضبان القطار تسمع اصوات جرسه تضرب اوصالها وهى تقفز مسرعة الى الجانب الاخر من مدينة الصباح هكذا تسميها ،فهى المدينة التى تستيقظ فجرا كل يوم لتحمل قفصها على راسها وتصعد للقطار متجة اليها قبل ان يفوتها لتكن فى موعدها المحدد امام اعين موظفى الصباح تنتظرهم ليحملوا منها الجبن الفلاحى والبيض الطازج والفطير ..تهمهم من انفاسها الممزقة جراء نوبة السعال التى اصابتها منذ ليليتن وهى تخبز الفطير فجرا ..تراقب فى جلستها على الارض وسط النسوة ذلك المحل الجديد الذى يفتح ابوابه لبيع الفطير والمخبوز البيتزا ..كل يوم تخاف اكثر تضيف نصف جنية او جنية على الزبون علها تكمل ما بداته اسرع ..لا تريد ان تكون ام منصور مثل ام نعمة ..اليوم خميس عليها ان تنتهى سريعا وتحمل قدمها والقفص الخالى وتعود لقطار الظهيرة ساعتين حتى نهايته ..تتحامل على قدمها المنتفخة اكثر تستند على ذراع ام سعيد وسط الزرعات تجلس على الارض ملقيه قدمها فى الترعة تتاوه فى الم تنتظر مرتاحة فى الماء البارد تتذكر ابنتها منذ الصباح خرجت معها لتملىء جراكن المياه من سيارة المياة التى تاتيهم تفكر هل وجدت مياه لم تفعلها وتعود فارغة من قبل تتعجب من شكوى جارتها يرددن المياة غالية من اين لنا كل هذا لندفع ..بينما حنان لاتشتكى تحضر المياه كاملة فى هدوء ولا تطلب المزيد ..كانت تشعر بالراحة وهى تغتسل عند الغروب فى حمامها البلدى الضيق ..تغتسل بقوة ببقايا الصابون غدا يوم طويل سياتى اخواتها واخوات زوجها ..تزفر ستنفق الكثير مما ادخرت لابد ان تفعل والا ارتفعت الالسنة عنها وبناتها الى القرية كلها ..غدا الجمعة ليس يوم تعبها فقط بل راحتها تذكرته سيعود غدا صباحا اجازة يومين ولكن لاباس لم تراه منذ 6اشهر اخذوه منها بعيدا حيث اطراف المدينة ليست كفر الشيخ بل الصحراء يقولون بعيدا جدا يمكنه ان يرى من الناحية الاخرى هؤلاء الملعونين ..تعلمت ان تكبت خوفها عليه اه لو علموا بما فى قلب جليلة ..منصور الصبى الوحيد قالوا لها جاء متاخرا لو استطعت فعلها مبكرا اكثر لما تزوج بمحروسة وزاحم اولادها اولادك ..تعلمت ان تصمت منذ زمن لم تعد تهتم بأمر عودته مقتسما الوقت بين البيتين لم تعد تعبأ لمرضه لوجوده او موته ..كان ممدد الساق على اريكته جوار النافذة يتطلع فى الماره يتحدث الى رجال القريةوهم يعبرون يحب ان ينصت ان يعرف اسرار المارين ..يرددها على مسامعها ليلا تنهره فى الخفاء ان يكف لا تريد لاحداهن ان تتحدث عن بناتها تردد افعلها هناك لدى المحروسة الاخرى ..كان صباح الجمعة سياتى وستتحرك كعادتها صوب تلك الشجرة التى ماتت ودفنت جوارها تلك المراة منذ سنوات تريد زوجا للبنات الكبار قبل ضرتها تردد ظلمنى وتزوج ..انصفينى فى بناتى ..كانت شجرة المدينة ثم شجرة نعمى تتردد عليها النسوة والبنات فى صباح الجمعة الباكر يمضى الرجال من صلاة الفجر بصمت الى جوارهن وكأن الجميع فى طقس محفوظ مسبقا يردد كلواحدا منهم دوره ويخاف ان ينسى فيكسر قوة الشجرة المباركة.
كانت ام منصور الوسطى بين ثمانى شقيقات جميعهن اولاد نعمى وليسوا من زوجات ابيهم الاخريات كان ابيها فى زمن فات اكثر من تزوج من ابناء قريتهم ..كانت نعمى امها من بعيد من الجنوب قدمت ابنة ثلاثة عشر عاما ..سمعت ان ابيها لديه زوجة فى كل مدينة ربما لديها اخوات اخريات فى قبلى وبحرى ولا تدرى ..تحاول ان تتذكر ملامح وجهه ولكنها تفشل فى كل مرة بالكاد تتذكر جسده الذى تقوس بعد مرضه ردد الرجال عاد ليموت وسط ارضه ذلك الحقل كان لجده قبل ان يبيعه ابوه ..احيانا ترى ملامح ابو منصور ابيها فترتجف ليلا ..تخاف ان يصيبها ما اصاب نعمى الكبرى يقولون ان مرض النسيان يمكن ان يورث من الام ..تراقب بناتها النائمات من حولها بعضهن على اسره والاخريات على حصير ومن يعولهن لو جنت مثل امها ونسيت اسمائهن ؟ لا يمكن لا يمكن ان تموت بارض غريبة مثلما حدث لنعمى ..