التّحكّم بمصير النّساء



نادية خلوف
2016 / 11 / 22

لن أدخل في تفاصيل، وروحانيات تدعو للخلاص من الواقع الذي نعيشه. باختصار شديد يتحكم بنّا أناس لا يفقهون شيئاً في العلم أو الحياة.
يتحكّم رجل الأمن بالمواطن، فيسلبه ماله، ويعتدي عليه جسدياً، ونفسياً، وقد يدخله السّجن ويجلب ابنه المراهق ليتفنّن في تعذيبه بينما يشرب الخمر أو يتناول طعام العشاء، وهو راض. هذا ليس في سوريّة فقط بل في الشرق عامّة.
أتحدّث عن سوريّة قبل الثّورة وبعد الثورة، وبما أنّ العائلة هي اللبنة الأساسية ، وتشكلّ أساساً هاماً، لذا فإنّ هذه العائلة المفكّكة سوف تعطي وطناً مليئاً بالدّم كما هو الحال في سوريّة. لاحظت اهتمام الغربيين بعوائلهم إلا بعض الاستثناءات فأدهشني بين ماكنت أسمع، وما رأيت.
"إن لم تكن ذئباً أكلتك الذّئاب " قيمة سوريّة يتباهى بها جميع القنّاصين، والقتلة، فقد عبّوا من المال قبل الثورة عن طريق تلك القيمة وما زالوا يعبّون. طبعاً استمرت الثورة بضعة أشهر، ثم انفلت العقال من سجن صيدنايا إلى دول المنطقة فأمطروا سورية تحكّماً وموتاً.
التّحكم وراثة اجتماعيّة، فالشخص على ما تربى عليه من قيم، وقيم التربية الأولى القائمة على الغش، والسرقة ، وأخذ فرص الغير هي قيم من يساهمون في القتل اليوم.
من هي العائلة؟
العائلة السورية غائبة عن نفسها، فهناك امرأة وأولاد. أغلب النّساء السوريات عازبات لأنّ الزّوج زائر كريم يخشى الجميع وجوده، مع عدم التّعميم طبعاً.
السّجن الزوجي للمرأة أصعب من المنفردة فهي ليست مطلّقة، ولا معلّقة تستر نفسها من الفضيحة، ومهما بلغت معارفها تبقى شروط المجتمع هي التي تخيفها أكثر من مغادرة عشّ فارغ.
لماذا تقبل المرأة أن تذلّ أمام أطفالها؟
منذ يومين، وفي ألمانيا أمسك رجل زوجته المطلّقة، وربطها بحبل من رقبتها وجرّها خلف سيارته وحتى أمّه لم تستطع تخليصها، وهي في العناية المشددة حالياً، وإمعاناً في إذلالها أجلس ابنه في المقعد الخلفي من السّيارة كي يسجل عذاب أمّه. هذا الرّجل شرقيّ حتى النّخاع، ولم تستطع زوجته الانفكاك منه رغم الطّلاق، وحتى ألمانيا بقوانينها المتقدّمة لم تستطع حمايتها. فالمتحكّم لا يردعه قانون ولا ضمير.
لن تنشأ أسرة متوازنة إلا إذا احترمت المرأة نفسها، ولم تتحدّث باسم الرّجل. هناك شروط للحياة الزوجيّة معروفة في كلّ شرائع الدنيا فالمرأة بحاجة إلى الحبّ، وإلى الشّعور بالحياة العائلية، إضافة إلى أمور أخرى تعتبرها هامّة.
أكثر الفئات السّورية ظلماً من النّساء هنّ المتنوّرات ذهنياً بمعنى أنّهن لا يحملن الشّهادة الجامعية فقط بل يحملن البصيرة، ويرغبن في مساعدة أطفالهنّ على النّجاح، هؤلاء النّسوة يعانين الأمرّين، ويستغل أزواجهنّ منبتهنّ المنفتح ، وتمسّكهنّ بقيم الإنسان ، ومفهوم التّضحيّة لديهنّ بعيداً عن مفهوم الإلزام. هو مفهوم يتبنيّنه عن قناعة، وفي المقابل يفهم الزّوج هذه القيم عند زوجته فينّكل بها، وأحياناً تتجاهلها عائلتها فتبقى وحيدة. إلا أن بعض العائلات تقدم الدّعم المادي والمعنوي قدر إمكانها فتخلق فرصاً للقاء، وممارسة بعض الفرح، وتقدم للأطفال ما تستطيع للتعوّيض عن النّقص، لكنّها عائلات قليلة. الكلمة الأسهل عند الأهل. أعطه أولاده، وتعالي.
ليس جميع الرّجال متحكّمين. فقط البيئات المنتفعة، أو كما تسمى الفئات الطّفيليّة التي ترصد مصالحها الدنيئة، وتقنصها. وهم نفس الفئات الذين يقتلون أهل سورية منذ خمسين عاماً، وهذا هو الجيل الرّابع من المتحكّمين ، وهو أسوأ جيل، وربما آخر جيل سوف يكون.
ألا تتحمّل المرأة مسؤوليّة؟
نعم. تتحمّل مسؤوليّة كبيرة لأنّها لا تدافع عن حقّها في العيش الكريم، وتقبل الإهانة من شخص ربما لا تعرفه سوى لبضعة أيام.
ليس جميع النّساء سواسية، ومع أنّ الرّجل الشّرقي يقتل أخته تحت عنوان الشّرف لو كانت فقيرة، أمّا إن كانت صديقة رجل أمن، وتاجر، ولديها المال، والقوّة ، فيصادقها، وتكون في منتهى الذكاء عندها. لا بأس . لا أحد قال بأنّ علينا أن لا نحترم المومس. هي في النّهاية إنسان. فقط نطلب من الرّجل أن يكون واضحاً في خياره. هل يريدها من هذا الصّنف أو ذاك؟