العنف والحرمان الجنسي



طارق المهدوي
2016 / 12 / 5


أصبح من المعروف علمياً أن العنف غير الثوري بما يتضمنه من إرهاب يستهدف إجبار الآخر على الخضوع بالقوة أو محاصرته إن لم يكن استئصاله عقاباً له على اختلافه مع أفكار وآراء ومواقف الإرهابي، هو مجرد رد الفعل الحتمي على مجموعات عديدة متداخلة من الأفعال والأوضاع والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية الضاغطة على الحياة اليومية للإرهابي، والتي منها مجموعة الحرمان الجنسي الذي يصيب جسد المحروم فيزيائياً بكبت واحتقان تنتج عنهما حالات نفسية سلبية متطرفة، ابتداءً من كراهيته السوداء المعادية للمحيطين به في الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية مروراً بعدة تجليات سلوكية متشددة تجاههم وصولاً إلى رغبته الثأرية الانتقامية العارمة لمعاقبتهم على حرمانهم إياه من أحد حقوقه الإنسانية الأساسية، وهكذا يسهل استدراجه من قبل عصابات العنف والإرهاب "المتأسلمة" عبر مهارات تجنيد احترافية بسيطة تشمل فيما تشمله الوعد الغيبي بتلبية احتياجاته الجنسية مع حور العين اللواتي سوف ينتظرنه عند وصوله إلى الجنة عقب استشهاده في مواجهة الآخر، وبالنظر لمصر المعاصرة كأحد النماذج الدراسية الواقعية الدالة على تلك الجدلية العلمية النظرية تظهر علاقة طردية واضحة بين طرفي المعادلة، حيث تتفاقم ظاهرة الإرهاب والعنف غير الثوري بحصولها على مدد عددي ونوعي متزايد كلما اتسع نطاق ظاهرة الحرمان الجنسي الناجمة عن الحقائق الآتية:-
1 – تراجع منظومة الزواج الشرعي القانوني تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
2 – التضييق الاجتماعي على حرية اختيار الشريك الجنسي فيما يتم من زيجات شرعية قانونية محدودة.
3 – فشل معظم الزيجات الشرعية القانونية بسبب الجهل الجنسي الناجم عن تخلف إن لم يكن غياب الثقافة الجنسية تحت الضغط الاجتماعي والقانوني.
4 – التضييق الاجتماعي والقانوني على الزواج العرفي والمسيار والمتعة وما شابه.
5 – التضييق الاجتماعي والقانوني على الحرية الجنسية.
6 – إلغاء وتحريم منظومة "ما ملكت أيمانهم" التاريخية دون إحلال بدائل بنيوية أخرى تؤدي نفس وظائفها الجنسية.
7 – التضييق الاجتماعي والقانوني على بيزنيس الترفيه والجنس التجاري داخل البلاد.
8 – انتفاء إمكانية الحصول على فرص الترفيه وممارسة الجنس التجاري الموسمي خارج البلاد تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
علماً بأن تلبية كل الاحتياجات الجنسية الطبيعية للإنسان على أي وجه من الأوجه كانت ومازالت وستظل أحد الالتزامات الأساسية الصريحة أو الضمنية لكافة أنظمة الحكم الذكية سواء الليبرالية أو الشمولية، بما في ذلك نظام الحكم الإسلامي التاريخي ابتداءً من دولة المدينة حتى الدولة العثمانية والذي التزم بتلبية جميع الاحتياجات الجنسية لتوابعه وفق القواعد المستندة إلى عشرات النصوص الدينية، والتي يكفينا منها على سبيل المثال لا الحصر الآيات المتتالية رقم 23 ورقم 24 ورقم 25 بسورة النساء في إباحتها الواضحة لكل الآتي:-
"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم و...و...والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضةً ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ذلك لمن خشي العنت منكم"
طارق المهدوي