المرأة فريدة الأهمية في تطور النشئ الجديد*



محمد علي زيني
2016 / 12 / 10

إن الاستثمار الحكومي الدافع لعملية التطور الاقتصادي هو الاستثمار في البنية التحتية، وهو على نوعين مادي وبشري. فالاستثمار المادي يتمثل في توفير الكهرباء والماء والمواصلات وبناء شبكات الصرف الصحي والطرق والجسور والسدود والخزانات وشبكات الإرواء...الخ. إن الاستثمار في البنية التحتية المادية يشجع إستثمار القطاع الخاص ويقلل من كلفته ويزيد من كفاءته الإنتاجية. فهو، إضافة لمساهمته في تعزيز رفاهية المواطنين وتوفير الحياة الأفضل لهم، يكمل النشاط الاقتصادي الخاص ويدعمه ويساهم بذلك في تنشيط الإنتاج وزيادة الناتج المحلي.

أما الاستثمار البشري، أي تطوير الموارد البشرية، فهو، بحق، غاية ووسيلة بآن واحد. فهو غاية من غايات التطور الاقتصادي باعتبار أن خير الإنسان هو المنشود من هذه العملية، كما أنه وسيلة باعتبار أن الأستثمار البشري عامل أساسي في زيادة الإنتاجية (productivity) وفي ارتفاع نمو الناتج المحلي. لقد دلّت تجارب الخمسة عقود الماضية على أن الاستثمار البشري هو القاعدة الأساسية التي يستند إليها التطور الاقتصادي. ويكفي أن ننظر إلى تجربتي اليابان وكوريا الجنوبية في توسعهما الكبير في برامج التعليم والتدريب ومدى التطور الاقتصادي الذي حققتاه، لكي ندرك أهمية الاستثمار البشري في عملية التطور الاقتصادي.

يشمل الاستثمار البشري الإنفاق الحكومي على نشر التعليم وتوسيع التدريب الفني وتوفير المياه الصالحة للشرب والعناية بالصحة العامة والاهتمام ببرامج التغذية والتلقيح وتعليم المرأة والتخطيط العائلي. وقد دلّت التجارب على أن مردود الاهتمام بالتعليم الابتدائي والثانوي هو أعلى من مردود الاهتمام بالتعليم العالي، وأن مردود العناية بالصحة العامة هو أعلى من مردود العناية بالصحة العلاجية العالية الكلفة.

كما دلت التجارب على أن تعليم المرأة ومساواة فرصها مع الرجل يضاعف من أثر التعليم في عملية التطور الاقتصادي. بل وُجد أن الأستثمار في المرأة وتمكينها له أهمية فريدة في المجتمع، إذ أنها تلعب دوراً محورياً نفتقده، على درجات متفاوتة، في كافة الوطن العربي. فهي التي يقع على عاتقها العبئ الأكبر في تربية النشئ الجديد. ذلك أن الأطفال يحتاجون الى صحة وتعليم أفضل وقد أثبتت الدراسات في مختلف الدول النامية أن الأمهات ينفقن الجزء الأكبر من الدخل الذي يكون تحت تصرفهن لمصلحة أطفالهن أكثر مما يفعله الآباء. أضف الى ذلك أن المرأة، نظراً لتماسها الدائم مع الأطفال، هي التي تنقل القِيَم الى الجيل الجديد.
____________________________________________
*مستل من كتاب تحت الطبع بعنوان "نهضة أوربا وسبات العرب: الأنسان هو الثروة" للكاتب أعلاه.