شارع القبط4



مارينا سوريال
2017 / 1 / 2

الفصل الثانى
كانت هيلانة تراقب الطريق كلما غادر زوجها الدار عادت الالسنة لترتفع اخبرتها فاطمة عن حديث الناس كانت تأتيها كلما استطاعت اخبرتها ان حتى زوجها غاضب ويردد نفس الاحاديث ،لقد تخلى عن بغله مثل الباقين وصار فقط حقا للشرقاوى والمهدى والفيومى والامير وابن محرم والمترجمين ام هم فمنعوا ،اخبرتها ان زوجها لا يحب اكثر من العودة لحمارته وترك ذلك البغل فهرمينا لم يعتد عليه يوما لكنهما صمتتا .كلاهما ابنا لدباغ وكلاهما حظر عليه الخروج من الدار لكن والد فاطمة كان يسير مباهيا ببغلته التى يركبها وعمامته التى يرتديها على راسه .كانت امها ترتدى نفس اللون وابيها دائما فكان والدها عندما يسير كانه بقعة وسط الالوان الاخرى التى لم تعرفها سوى بعدها بعده سنوات .
كانت فاطمة تراقبها من السطح هى تعرف انه محظورا عليها الحديث مع جارتها قبل ان تعرف هيلانة ذلك لذا ابتسمت لها فردت فاطمة البسمة ثم ركضت قبل ان تراها امها من جديد تبتسم لتلك الجارة الصغيرة ..تلك البسمة الصغيرة هى من نجت هيلانة وامها بعدها بقليل بعد ثورة القاهرة تجاوزتا السطح وسكنتا الغرفة الصغيرة فى الدار لدى فاطمة حتى عاد الهدوء لشوارع المحروسة من جديد كاد الدباغ ان يموت حزنا على دكانه الذى احترق كتب اسمه مع الاخريين المطالبين بالتعويض من الفرنسيسن ولكن احد مااستمع اليهم برغم الوعود كانت داره هى الشىء الوحيد الذى نجا ولا يعرف كيف نجت الصغيرة وامها..
لم تفترقا برغم تحذيرات الكبار .تعلمت هيلانة ان تترك من خلفها باب خلفى موصود لتفتحه وقت المهرب وصغيرتها لكنها لم تفكر ان تخبر زوجها هرمينا ولا يوم لم تشعر بالحاجة الى اخباره فهو لا يخبرها عن اى شىء لم يكن هكذا فيما مضى قبل ان يتزوجا ..كان هو من يتحدث عن كل شىء وهى تستمع واليوم يتمتم يتحدث الى نفسه بصوت مرتفع وينسى انها هنا فى البداية حزنت لاجله تعرف انه لم يحب عمله يوما بل زاد كره لها ..علمت ان ابيه رفضها زوجة صالحة لولده لكنه يوم قرر الهرب الى البحر وافق على زيجته ،تعلمت ان تسمع الهمس بانها زيجة غير مباركة وقريبا سيتطلق منها ولكن عندما يزول عنه الروح النجس الذى يجعله يفكر فى الهروب والقاء نفسه فى البحر هل يريد الموت؟الا يعرف انه وحيد ابيه كيف يفضله عن ابيه ..
قتله الحلبى كانت حرارته مرتفعة يوم ان عاد مبكرا ذلك اليوم ينتفص جسده تدثره فى فراشه بالاغطيه تلو الاخرى ..تدور تبحث عن الصغيرة التى تركض فى الدار وكانها لا تسمع صرخات الناس فى الشوارع عادت الفتنه من جديد صرخ السماك واغلقت الدكاكين والنوافذ والبيوت لم يعد أمن ..قالت لابد ان تكون الصغيرة ممسوسة مثل ابيها ..نعم تلك المراة العجوز صاحبت الفأل السىء هى من فعلتها لم يكن فى الدار من طعام يكفى ان تعطيه لتلك الغريبة ..لعنتها ورحلت لعنت الصغيرة ..لايعرف لتلك العجوز موطن لكنها ظهرت فى قلب حارتهم عجوز فلم يخرجها احدا منها كانت رائحة بخورها تتصاعد فى المساء قيل سحر اسود من قبل لعنت زوجة بائع الخضار فى قلب دارها الكبير قيل انها ليلا مست تكره الليل لان صوت زوجة بائع الخضار يرتفع تتألم ولا يستطيع احد ان يوقف صراخها او المها ينتظر الجميع صوت الفجر حتى تصمت وتهدأ مع مرور الوقت نسى الجميع صوتها وكانها لم يعد غريبا عنهم اعتادوه مثل كل شىء ..حتى عندما استيقظوا فوجدوا بغالها ميتة لم يستطيعوا الاقتراب من العجوز رشوا البيوت بالماء وتركوا على عتبات الدار كى تحميها ليلا من الروح النجس ولا يمرمن خلال نوافذهم لكن صبيا صغير سقط من سطح بيته واخر غرق وهو يملىء له المياه ليسوا من بيوت كبار الحارة كانت الجناز تخرج وتعود ويختفى الصوت وتصرخ المراة فى ألم ليلا ..فيما بعد تعلمت بيوت كبار الحارة ان تفتحها لها تسألها وتجيب كانت تخبر زوجة الصباغ انها ستلد الولد تلو الاخر ولن يتزوج باخرى او التاجر بان تلك الجارية ملعونة ستنجب لزوجها الصبى بينما هى لن تحمل سوى الفتيات ..وهى من اخبرت زوجة تاجر الغلالال يوناثان انه سيطلقها وسيتزوج من جديد باخرى ثم سيتركها لاخر ى ثلاث مرات وفى النهاية سيقتل على يد غريب ..كلما زادت كلماتها زادت قوتها فاصبحت العجوز سيدة الحاره فى زمنا قليل ..
لم ترى هرمينا يعود من عمله مبكرا طوال فترة زواجهما بالكاد فتح باب الدار كان يترنح فى الطريق لمقعده اسرعت مع خدمه تضعه فى الفراش كانت اخباره وصلت الى الحاره لقد طرده الفرنسين قالوا لص لقد غرم 750 الف دينار تعويضا لخسائره والعاملين معه .كانت الصغيرة تراقبه من طرف الباب تخاف ان تدخل فيغضب منها كعادته ولكن اليوم نائم على فراشه لايتحرك وامها تجلس الى جواره تراقبه بينما هناك اخريين يخرجون الغلات والبغل والحمار من الدار ابواب الدار الكبيرة صارت مفتوحة كانت ترى بكاء الخادمات .
ماريا زوجة ايليا هى من ادركت الامر لم يكن لسيدهم يعقوب ان يترك منصبه ابدا لن يستغنى عن الفرنسيس كان كليبر يثق فى اخلاصه لذا اخبرت زوجها انه اذا ترك العمل لدى سيده يعقوب ستترك له البيت ولن يرى متى الصغير من جديد لن تجلس معه لتراه يقتل الصغير جوعا هكذا اخبرت ذات ليلة وهو يخبرها انه لم يعد يحتمل عيون خضر صديقه الكل يعلم مدى اخلاصه سيده للفرنسيس لم يكذب على زوجته من قبل فاخبرها انه فرح بدخولهم المحروسة وطرد العثمانين والمماليك كان يكره والى الباب العالى ،اعتقد ان بنى اليعاقبه سيتنفسون الصعداء وقت دخول بونابرت لم يعرف انه سيصادق الاغلبية لكنه لم يصدق نفسه عندما ركب البغل وتلون بالوا ن العباءات وراقب الملابس المزركشة على جسده وعلامة الصليب الثقيلة التى حفرت على جلد صدره من كثره حمله حتى باتت جزء من لحمه .
هاقد رايت الجميع قد رحل بينما اصبح هو مستشار لمدير الايرادات العامة انهم يثقون فى امانته اخبرت اننا معه لن نعرف الجوع والطرد كلانا لا ارض له كانت ماريا وهى تذكر زوجها بيتمهما ولكنها تعرف من هو ابيها وامها اما هو فلا .
استيقظ متى القرابنى قبل الفجر فى صباح يوم الاحد الاول بعد حرق الكنيستان العليا والسفلى بحارة الروم وكان الميرون الذى حضر عمله ايام البابا يوحنا موضوعا فى موضع واحد باعلى دهليز الكنيسة السفلى فحرق ولم يتبقى منه سوى الموضوع فى بعض الكنائس بمصر القديمة الذى عمل من ايام البابا متاؤس الثانى ومن ايام البابا يوحنا ال16 .زفر متى وهو يخمر القربان المقدس قبل بدء صلاة القداس ويتذكر ايام حارة الروم والتى ولد بها واراد الموت بها ولكنه الان قد انتقل الى الازبكية بالدرب الواسع مع نقل البطريركية بعد حرقها مكرها لم يكن ليبقى بعد انتقالها . سيهبط البابا مرقس لعمل القداس الان من تلك القلاية التى اتخذها لنفسه لولا ان بانيها هو المعلم ابراهيم الجوهرى قبل وفاته لما وجد موضع راحته هكذا فكر متى وهو يقلب العجين ذلك البابا حظه عثر لم يرتح قليلا الا ودخل الفرنسين الى المحروسة .كان متى يتنهد وهو يتمنى العودة الى حارة الروم فى اسرع وقت فهو لم يحب الازبكية ولا يريد الموت فيها .عاد يتطلع الى السماء وصوت الجرس يدق بخفوت ومتى يكاد يشتم رائحة الجدران التى بنيت بناء على الصدفة فلان المعلم ابراهيم هو من كلف بمرافقة اخت السلطان كامل التى قدمت من القسطنطينية الى مصر قاصدة الحج ولتقدمه متقدما فى عمله باشر الخدمة الواجبة لمثلها فى طريق الذهاب والعودة وقدم لها الهدايا التى تليق بمقامها فارادت هى مكافأته على خدمته التى ابداها لها وسالته عن مرغوباته فالتمس منها المساعدة فى اصدار فرمان سلطانى بالرخصة لانشاء كنيسة بالازبكية حيث مستقر سكنه كما طلب منها الالتماس فى رفع الجزية عنا الرهبان فوافقت على طلبه لكنه توفى قبل ان يتم البناء فاكملها من بعده اخوه المعلم جرجس الجوهرى .
اعتاد فى المساء ان يكون حارسا له حتى ولو لم يطلب منه ذلك كان من اختير ليكون البطرك وهذا وحده يكفيه ليظل فى خدمته ان بابا هزيل وقصير يحب الصمت وقله الطعام يخشى اذا تركه دون رعاية ان يرحل سريعا ويتركهم الان والخوف فى كل مكان يطاردهم حتى جيرانه الذين ولدا بوسطهم كانوا ينظرون له بريبه وكانه من افشل العثمانلى وجعله ينهزم امام الفرنسين ويدخلهم الى المحروسة حتى السلاح لم يفكر فى حمله طيله حياته انه لا يحب البنادق وصوت البارود ولا صليل السيوف هو يشعر انه يحمل قوة اخرى اكبر ولكنها مطويه داخل قلبه ..لم يفكر فى الزواج منذ صغره كان يحلم بالترهب هرب صوب الصحارى عرف القاطنين بالقلالى مع الوقت كسب ثقة بعضهم فكان يبيع لاجلهم السلال التى يصنعونها للحصول على طعام ..كان هذا البابا منهم قبل ان يختاروه .كان يراه يتألم طوال فترة الحرب التى قامت بين بونابرت والعثمانين والتى ظلت 34يوما فى صوم الاربعين المقدس فاظطر البابا مرقس لعمل جمعة البصخة وعيد القيامة فى حوش بجوار الكنيسة لان احدا ما فيها استطاع الدخول او الخروج منها وكانت اصوات الرصاخ والنهب تاتيهم فى اثناء الصلوات حاول ان ينكر رعدته التى دخلت الى اوصاله مخافه ان يراه احد فيعرف انه يخاف لقد عاش عمرا وسطهم ولم يعرف احدا ما من قبل ان كان متى القرابنى يخاف مثلهم كان بعضهم يقول انه بلازوجة ولا اولاد على من سيخاف ،ربما لهذا لم يختر واحدة لتكون زوجة له .تمنى لو لم يخف من الصحراء ليلا من تلك الاصوات التى كانت تهزه فكان ياتيهم فى الصباح واذا حل المساء يبيت فى احدى القلالى معهم ولكنه قط لم يخبرهم بمبلغ خوفه من ظهور ذئب فى الليل او روح شرير يطارده ذلك الروح الذى جعله يهرب من بيت اهله صغيرا ويأوى الطرقات قبل ان يعمل فى بيع السلال ويراهم .
كان صوته خفيض لهزال جسده وهو يقف على المنبر فى الكنيسة بينما يجلس متى فى نهايتها "انا اسألكم بلين المسيح وتواضعه ان تبطل دورة الاطباق ولا يدور الفقراء فالاطباق يقفون بها فى الخورس التحتانى وذلك فى وقت التسريح ومثل ذلك الفقراء بجانبهم بأدب ووقار"
وفى صبيحة احد ايام استيقظ على اصوات ضيوف رهبان قادمين من الحبشة يريدون اخر عوضا عن انبا يوساب فكان عليه ان يذهب حيث البابا ليوقظه ويعلمه بأمر ضيوفه كان متى فرحا لانه من سيحمل البشارة له بعد ان وصلتهم الاخبار واغتموا بها من ان هناك شعبهم قد رحل وصار فى درب كنيسة اخرى وتعاليم غريبة عنهم لذا كان يشعر وكانه جزء من موافقة البابا برسم مكاريوس عوضا عن يوساب وقد ارسل معهم مكتوبا بتهنئتهم بذلك ..تذكر مقار الذى ولد معه بنفس البيت ولكن غادر الى حيث موطن اجداده هناك فى الحبشة ولم يفى بوعده له ان يعود يوما ..فكر فى ان يرسل معهم خطابا علهم يعرفون بامره يعلم انه فضل سكنى الصحراء هناك ..احرقوا دير مارمرقس الانجيلى بالثغر هكذا وصلهم الخبر فى المساء .سقط قلب متى لم يكن الفرنسيس مثلما يظن ولكن كيف نسى انهم ملكانين فماذا انتظر منهم ان يفعلوا ؟ شعر بالسخط يعود اليه فى الليل الطويل كان الكل ساكن بالخارج من بكى قد انتهى الان ومن حرق داره ودكانه اكتفى بالتنهد والصمت ..
كان عليها ان تخفى نفسها جيدا مرت ليالى وهى هاربة لكنها لم تنسى تظل عبدة هاربة وليس لها من يعتقها ..دعوها روزا ولا تعرف ان كان يقرب للاسم الذى اعطته لها امها وجدت نفسها تدعى روزا فحسب تعمل لدى زوجة المعلم رزق لا تذكر كيف رأها وهى صغيرة وكيف ذهبت لتعمل فى ذلك البيت الكبير وزوجة المعلم هى من قامت بتربيتها لم تكن تسمح لنفسها ان تفكر فى المساء فى البحث عن امها فكيف تركتها تباع صغيرة ؟!.
تخفت رفقة فى عباءه رجل بعد ان قامت بقص شعرها حتى لا يلمحها احدا بينما تسير فى الشوارع كان عليها ان تتخفى جيدا فى الليل حتى لا يراها احدا من عسكر الفرنسوية ويقبض عليها ولتباع من جديد او تكون لعساكر ..كان الليل ياتى وجسدها يرتعد من الخوف تخاف من ان تدنس جسدها وتصير نجسة .عندما قررت الهرب فكرت فى الالتجاء لبيت ابونا متياس لدى زوجتة ولكن ماذا اذا رأها احدهم ؟..كان عليها ان تبتعد بين الحوارى كانت فى المساء تنسى انها ترتدى زى الرجال واصبح لها شارب من الخوف الخوف الذى يطاردها ليلا من صغرها ياتيها فى هيئة ارواح كانت تاتى لها فى اشكال مفزعة فتصرخ فتنهرها سيدة الدار ،فيما بعد تعلمت ان تسكت صرخاتها وان تراقب الخيالات تتشكل على الحائط كانت تضع يدها على فمها والفم يقترب ليبلع رأسها بداخله سمعت من احاديث الجوارى عن الشهيدة مارينا عندما قصت مخاوفها على صادقة تلك الجارية التى قدمت من الثغر فتخبرها انها ضربت راس الشيطان وان لها كنيسة هناك بمصر القديمة ويمكنها طلب اسمها فى المساء لتخيف تلك ارواح التى تاتيها علمت ماذا تقول ؟انتظرت ليلتها حتى المساء ..راتهم يخرجون من الحائط من جديد يتلحقون من حولها ليخيفوها يصدرون اصوات يحطمون اوانى فخارية كادت ان تصرخ بهم ليتوقفوا عنها سيدتها ستعاقبها بالطرد ليس لها بيت اخر لكنهم لم يتوقفوا عن الضحك ولا التحطيم ..فعلت مثلما اخبرتها الجارية الاخرى كانت تحاول اخراج صوتها فبدا متحشرج وهى تنادى على تلك القديسة التى غلبت الشيطان فى محبسها عندما اتى اليها وعادت به الى الجحيم ،كاد قلبها ان يتوقف عن الخفقان وهى تحاول ترديد الاسم والصراخ بها لتاتى اليها وتنقذ من تلك الارواح علمتها سيدتها ان ترفع اصبعها فى الهواء وترشم علامة الصليب على الاشياء التى تخاف منها لكن سيدتها قد تغيرت الان ولم تعد تحتمل صراخها وربما تبيعها لاحد اخر وبيت اخر ولكنها لاتعرف ان رفقة قد فتحت عيناها فى هذا البيت وان تلك السيدة من اعطتها اسما ربما المعلم رزق من قام بشرائها ولكنها فى قلبها تعتقد انه ابيها اليس الاب من يعطى اسما فى ذلك الدار لم تكن جارية بل كان مسموحا لها فى الصغر الركض والضحك ايضا بل ان السيدة كانت تتفائل بضحكتها الصغيرة ..سمعت صوت عسكر قادمين كان عليها ان تكتم انفاسها حتى تكاد ان تختنق خوفا من ان يشعروا بها ..كانت تسمع اسم امعلم ابراهيم يتردد على لسان السيدة وزوجها لكنها لم تعرف ان قدمها ستحضر الى باب داره ..لو كانت فقط تعلم اسمها الحقيقى او تتذكر كيف بيعت صغيرة لكان لها مكان تبدأ فيه البحث عن اهلها ربما كانوا اخريين ولكن ماذا لو لم يكن اسم روزا سيناسبها حينها ماذا عليهاان تفعل هل ستخبرهم ؟.
الفصل الثالث
من بعيد راقب الميناء وهو يختفى عن ناظريه بينما الكل نائم على متن سفينة ستنقلهم الى المجهول ،نامت امه تبكى من الالم لا تعلم كيف نسيت صادق كيف تنسى ام ولدها ؟هل سيموت الان جوعا ام سيقتل على الطريق كيف لم يكن هناك وقت للبحث عنه ؟لم تستطع ان تتطلع بوجه زوجها هيدرا الذى اكتفى بخادمه معه بينما اصغر ابنائه تركوا من خلفهم
لم يكن يتحدث معه او يهتم مثلما كان يفعل مع اخيه عبدالمسيح ربما لانه مريض غير سليم مثلهما لكنه شعر بوخز الذنب لانه لم يرحل للبحث عن اخيه الاصغر وقت ان بدأ الصراخ فى الشوارع من جديد.
كتب الجنوال مينو الى المعلم يعقوب فقال"انت تعلم اننى قليل الثقة فى عدد كبير من مواطنيك الاقباط ،فراقبهم بعناية فائقة ،اذ انهم غير مرتاحين الى الاجراءات الادراية التى اتخذتها ،والتى ترمى الى اعاده النظام الذى لا يحبوه "
اخبره والده انهم سيعودون الى المحروسة من جديد ولكن عليهم ان يحموا التجارة والمال ،اخبره هيدرا انه عانى الكثير كى تكبر تجارته ويصير لديه اكثرمن دكان والان الكل يحترق والفرنسوين يكرهونهم فلن تقوم لهم تجاره لن يعيشمن دون عصاته التى كان يضرب بها اصحاب الاتاوات وتاتى تجارته لتعاونه من جديد فلولاها لصاروا الان عبيدا او ماتوا من الجوع ..لم يجاوبه يوسف لا يصدق كيف نسى الجميع صادق كادت ان تخرج منه امام ابيه ،سامحنا يا صادق سنعود اليك من جديد ،ساجدك اعدك سافعل ،سافتح الدار الكبير والدكان ستعود المضيفة تستقبل زوارها ،تذكرت جنباتها ،رائحة الدخان التى كانت ترتفع بها كل ليلة صوت الضحكات ،تلك المضيفة التى استقبلت المعلم ابراهيم ثم من بعده اخيه المعلم جرجس الجوهرى كبير الاقباط وسهر بها وتحدث الى تجار وكتبة القبط بها وحضر بها ليلة العيد وقام جوار ابيه يوزع العطايا على الفقراء والمحتاجين ون اعتادوا مساعده اخيه المعلم ابراهيم الجوهرى ،فى اخر ليلة فتحت فيها المضيفة كان ارميا تاجر المصوغات الذهبية يزفر محاولا التقاط انفاسه كان يضع حراسا على دكانه فى كل مكان ولكنه يعلم ان تجارته غير امنه ،تنهد المعلم قلته مرددا:ان كنا نحن قلقين فماذا عن صبياننا وفقراء القبط واليهود والارمن حتى الشوام دمترى افرغ تجارته وعاد للشام يقول انها سيبدأ وسط اهله من جديد
رد هيدرا :ليتهم يرحلون
رد قلته :من تقصد الفرنسوية ولكن الجميع يردد اننا اعطيناهم الارض وكنا سبب لنصر لهم امام العثمانين
نعم اعرف ولكنها ليست اول هوجة ستمضى بعد قليل مثل غيرها وسنعود كما كنا من جديد منذ ان دخل الفرنسوية والفتنة عادت
رد انطونيوس الدباغ :لم ينسوا لنا الماضى عادوا كملكانين يغلقوا ما استطاعوا وحرقوا وتسببوا فى هدم كنائس ،حرقوا دير مارمرقس فى الثغر انها اول كنيسة كانت عندما دخل مرقس الرسول اليها لم يستطعوا تدميرها من قبل ولكنهم فعلوها الان وسط الغوغاء ..الرب لن يسامحهم
كانت بالخارج زوجة اسحاق تنتظر ان ينصرف ضيوف المضيفة حتى تتحدث معه لم تستطع ان تتحدث مع زوجة التاجر هيدرا لم تكن مثل زوجها لم تعلم انها عندما تخرج منها ستكون اخر الضيوف ومن بعدها ستغلق ابواب المضيفة كانت صغيرتاها معها بعد ان دخلوا دارها بالكاد هربت بها قبل ان تراقبهم وهم يفتحون ابواب بيتها ويتركوا امام العيون الجائعة مثل بيوت اصحاب الهوى بلا نوافذ ولا ابواب تستر من فى داخله ..تاكدت انها احكمت اسدال وجهها جيدا وهى تمسك مريم واختها بقوه لم تكن مضيفة هيدرا تستقبل النساء ولم يكن فى عادة اهل البلاد ان تتحدث النساءمع الرجال بل هناك مقعد للنساء لدى الزوجة لكنها كانت تعلم ان لديها امانة تريد ان تودعها لدى صاحب الدار ..عندما راته من بعيد ركضت له ولم تدع احد من خدمة يردعها سقطت عند قدميه وهى تقدم مريم لتكون امانة لديه فى داره خرج ابيها هاربا ستعود من خلفه الى الجنوب ..لاتاتمن الطريق عليها ماذا اذا خرج عليهم اللصوص لم تحتمل ان يسرقوا منها احدى بناتها
وهى فى الطريق لاهل اسحاق الذين لم ترهم من قبل ..
تلفت يوسف من خلفه على ذلك الظل الذى كان يراقبه كان يعلم انها هى من اسرعت بالاختباء لكن هناك بالمحروسة كانت من تحمل قلبه من بين فتيات عده قد اختارها ،كانت نفس الليلة التى هم بالحديث فيها مع امه هى الليلة التى عرف من عين اخيه انه يشاركه النظرات اليها .