شارع القبط5



مارينا سوريال
2017 / 1 / 4

كانت هيلانة تتحدث الى نفسها فى غضب عندما علمت بما حدث لزوجها فى ليلة واحدة تحول من وظيفته التى شغلها بدقة وامانه لاعوام للص سارق للخزانة وعليه منها الالاف للخزانة هكذا قال الفرنسوية ..كانت تسمع همس الخدم على سيدهم لقد نسوا مساعدته للجميع .كيف لم يتذكر احد انه لم يساعد قط قريب ولا صديق فى تقليل حصته من الضرائب المطلوبة وكيف انه ساعد من بنى جلدته من لم يستطع ايفاء ضرائبه حتى لا تغلق تجارته وداره ..كانت تعرف ان الوحيد الذى بامكانه مساعده زوجها هو يعقوب هو موضع ثقة الفرنسوية الوحيد ..وربما لو لم تتزوج من زوجها الذى احب البحر وحياة السفن اكثر منها لكانت لدى الجنرال يعقوب الان ..كانت تراقبه من بعيد وهو يركب خيله فى الصباح كان من القليلين من ابناء القبط الذى تعلم ركوب الخيل ولم تراه فى حياتها يركب البغل .وسيم صحيح البدن لا يتجب العراك ولا يتراجع لاتعرف ان كان يدفع الاتاوات المفروضة عليه مثل بقيه التجار ومن تعرفهم من ابناء جلدتها ام انه لا يفعل لما لا يخشى مثلهم ؟..
كانت تستقى اخباره من خادمة داره هى اول من عرفت انه سيخرج مع ابراهيم بك ومراد بيك حين قامت معركة بينهم وبين جيش القبطان باشا وعندما عاد اكرماه بان صار وجيها ولديه الكثير مما كان لديه فى السابق .
لم يكن امامها سوى دار المعلم جرجس الجوهرى لتلجا اليها كانت تعلم انه يساعد المحتاجين من فقراء القبط فكيف لزوجة مباشر يعلم جيدا انه دقيق وامين .عندما خرجت لداره فى الصباح لم تعلم انها لن ترى زوجها مرة اخرى كيف خرج بعد ان كان طريح الفراش ولم يوقفه احدا من خدمة .طال بقاءها لدى زوجة المعلم ضيفة لكنها فى كل هذا لم تكن تشعر بالخوف كانت لها فتحة صغير عرفت طريقها خفيه تطل على مضيفة المعلم كانت تراقبه وهو يدخل اليها ويقدمه الى ذلك الجنرال الفرنسى بوسييلج وقد سمعته يتحدث عن امانته وقوته تمنت لو رأها الان ولكنها انسحبت خوفا من ان يروها تتطلع اليه من بعيد .
كتب المعلم الجوهرى الى بونابرت مكتوب قائلا فيه"انك لن تجد انسانا اكثر غيرة منه علينا وانه يضع راسه بين يديك راجيا ان تامر بقطعها ان بدا من المعلم يعقوب ادنى خيانة "
تعلم شرب الدخان واخفاء قدميه الغريبتين عن الاعين ،كانت غرفة حنا فى الصباح ثم للجميع فى المسا ء ترتفع رائحة الدخان لتغطى على كل شىء فبمرور وقت قصير لم يعد لاخفاء قدمه داعى ..كانوا يتحدثون عن ذلك المعلم يعقوب الذى اصبح مستشار لديهم بينما طرد منهم من طرد ..لم يكن لديه احب من الاستماع الى اخبار المعارك التى يخوضها يعقوب بعد ان انضم الى الجنرال ديزيه ..يقولون انه لم يتخلى عن زناره واستل سيفه فى معارك لاجل بونابرت ويوما تلو الاخر كانت الاخبار تزداد تباعا عن كل معركة جديدة يحلم معها صادق فيهتز نشوه..يرتج جسده ينسى قدمه التى تضرب فى الارض الان فينظرون الى ذلك المجذوب الذى يقفز وسطهم فى الغرفة فيضحكون هل اسكرته رائحة الدخان ام جن المجذوب لكن صوت صراخة يعلو ينظر هناك فيجد ظلال السيوف ترتفع تلاحقه وكانه يملك سيفا الان وصوت خيول ترتفع فى اذنه فتصمها عن ضحك الجالسين من حوله يتحرك جسده شوقا فيركض الى الشوارع يخرج يصرخ يقولون غريب مجذوب فلا يلتفت اليه عسكر فرنساوى او يرتفع للنظر اليه احد من شرفته ..ولكن يسمعهم من خلفهم يريد ان يطاردهم فى الساحات لا يعلم اين ينام او كيف قضى ليلته وهو يستيقظ على الطرقات نائما فيتذكر قدميه حالما ينظر اليهما من جديد ويتكىء على الحائط ويسير مطأطا الراس حتى يعود لغرفة حنا من جديد ..ولكن تلك المره يشتم فيها رائحة البارود وليس الدخان ولم يعد يريد اكثر من ملمس سلاحا يحمله بيده باروده تضرب من سخروا من اصابع قدمه .
بعد ان مات ابراهيم المعلم كان عليها ان تحمل حاجيات سيدتها زوجتة وتنتقل الى دار اخيه المعلم جرجس ،عاد لروزا شعرها المنسدل الطويل ولم تعد تخشى من ان يراها احدا ،بعد ان عطفت عليها سيدة الدار وصارت من خدمها مر الوقت ولم تعد تفكر فى اسما اخر محتملا كانت عليه قبل ان يتغير ،لقد صارت روزا وستموت هكذا لكن الخدم لا ينجبون سوى العبيد وعليهم انا يظلوا فى طاعة سيدهم ،عندما هربت ارادت ان تعرف كيف يشعر من ولد فى داره دون سيد يخدمه ،لكن الخوف الذى سكنها صغيرة بعد ان بيعت ظل صديقا وفيا لها فاخبرها فى اذنها انه لا فارق سيظل هو رفيقها الاقرب وعليها منذ ان الان ان تتعلم كيف تطيعه وتستمع اليه فليس اكثر ممن قرروا الا يستمعوا الى صديقهم الخوف وماتوا بحد السيف وهى رأت دمائهم فى الشوارع يوم ان كانت هاربة ولكن لم يعتق احدا ،حلقت شاربها لتعود فتاة وطال شعرها فى بيت سيدها الجديد كبرت .ارتفعت عيناها على ذلك التاجر الذى لم يهتم ان يكون كاتبا او موظفا مثل المعلم وسيدها او الاخريين الذين ياتون اليه لمحادثته والسمر معه فى المساء ..بل اخر اصبح اغا ،بالخارج سمع صراخ وهاج الناس من جديد قيل ثورة القاهرة انها تنهض من جديد ولن تكون مثل الاولى كانت تترقب ما يحدث من الشرفة لكن يومها ظل حول تقديم الخدمة المطلوبة منها حتى القلق الذى ظهر على وجه سيدتها وخوفها على زوجها من قيام ثورة وربما قتل زوجها لم تكن تخيف روزا ،كانت تحدث خوفها ايها الغبى انه الان فى الجيش وهو خاض الكثير من المعارك ولم يقتل او يصب انه اول اغا اراه من جنسنا الا تفهم انه ليس مثل ا لاخريين قوى ويحب القتال وسيفه لا يغادر جسده فلما الخوف ؟..
فرقته الان صارت من الجيش ستقيم اسوارها بالقرب من الحى سترفع اسوارها عاليا فلن تسمح للقتال ان يدور بالقرب من بيتها فلما تخشى السيدة ألم توعد بان تظل امنة ودارها والاغا سيقوم بحماية المعلم هكذا اخبروها ..
هل لانها محروس فحسب لم يغضب احدا عندما تزوجت ليشع وهو ليس من جنسها بينما غضب اهله ومن عرفه من تلك الزيجة التى عدوها غير مباركة..من سعدت لاجلها كانت زهرة التى تناديها دوما باسمها مريم وعرفت انها صديقتها اكثر عندما انجبت ابنتها ودعتها مريم ايضا ..برغم انها ليست مثلها لم تحب اسحق ابدا وكانت تخاف من عينيه .الا انها لم تفترق عنها وعندما اشتد الصراخ والكرب فى الشوارع واضطر اسحق للهرب وذهبت لتترك ابنتها فى امانة المعلم الجوهرى اقسمت لها انها ايضا ستظل تعتنى بابنتها ولن تترك المحروسة لاجلها وانها لن تترك الصبية دون ام عندما تهرب لدى اقارب زوجها فى الجنوب بل ستظل ام محروس هنا تحرسها بعينها .

كان يرقب باذنيه ليسمع مزيدا عن اخباره بعد ان زادت حاله قدميه سوءا فظل بغرفة حنا بينما خرج الاخر ليبيع الدخان ،يقولون انه غادر الى الصعيد ،لا احد يعرف لما سافر وترك خدمته للفرنسوية سيغادرون كان كره الناس لهم يشعل مزيدا من الثورات .
استيقظ متى على اصوات تقترب من الكنيسة ،ذعر هل اتوا الى هنا مثلما حدث فى حارة الروم ،قفز من مقعده ،من اعلى السور رأهم متجمعين يصرخون باسم البابا مرقس ،ركض صوب قلايته ،فكر كيف سيخفيه عن الاعين لايمكنه تركه لهم ليقتلوه ،حين راه يخرج صوب الاصوات يتجه دون ان يتطلع الى متى برغم هزال جسده الا انه تمتع بصوتا قويا لذا اجابهم بصوته انه هو من يريدون لما جاءوا اليه ،كانت تلك المراة اول من انطرح عند قدميه تصرخ اريد ولدى اعد لى ولدى انت من يستطيع ان يتحدث الى يعقوب ويامره باعاده اولادنا ..نحن من الصعيد لقد اتى ليجمع اولادنا ليدخلهم الى العسكر والحروب علمهم كيف يحملون السلاح ويقتلون مالنا نحن والقتال ..لسنا ابناء حروب ..لن يستمع سوى لكلمات قل له لا نريد فرقته العسكرية تلك التى ستقتل ابنائنا فى النهاية كل اهل المحروسة يكونون ضده ،ستحرق بيوت ودكاكين لاخريين لم يعرفوا القتال ولكن ابنائهم لم يستمعوا اليهم ويعتقدون انهم يكونون جيشا ليعقوب .


عندما اتى ذلك الرجل على فرسه فى الصباح الباكر عرف انه غريب وليس ابنا لتلك المدينة ،لكنه بدا لهم تاجر ثريا قدم من المحروسة ربما لشراء مزيدا من الارض ،ربما لا يعلم ان تلك المنطقة كانت تدين للابراهيم ومراد بك لذا اذا كان من عسكر الفرنسوين، لن يمكنوا احدا من بيع ارضه له حتى اذا خرجوا بالعصا واسلحتهم البيضاء .لكن بقطر هو من تعرف عليه كان يراه وهو يقاتل عندما اتى معهم من قبل ،كان الوحيد من بنى اليعاقبه الذى يقاتل فى صفوف المقاتلين ،يملك سيفا وزنار يستطيع ان يشهره يجيد ركوب الخيل مثل الفرسان ،لم يروا من يشبه من قبل ،لم يكن مثل الباقين فى الزى ولا الحركات وكانه ابن غريبا عنهم لم يولد وسطهم ،كان بقطر اول منعرف اسمه وفتح له داره ومضيفته ،لم يكن لدى بقطرسوى الياس الذى علم من ابيه عن اسم الجنرال يعقوب .

لم يكن ذلك الرجل يعرف الخوف مثلما سمع عنه متى كيف تجرأ على السفر الى الصعيد لتنيد شباب من اليعاقبه على الجندية وهى لم تحدث لهم من قبل لم يسمح لهم بالسلاح او الجندية او الدفاع عن المحروسة اذا ما حدث مثل قدوم الفرنسوين لم يملكوا سوى الصلاة لاجل المؤمنين وان يعم البلاد سلام لا يفضى الى مزيدا من الخوف .لكن هذا الرجل ماذا ؟كان متى يعرف ان البابا لن يتحدث اليه فهو لا يستمع لقد احب من جنس اخرى ليست منا لم يرد الابتعاد عنها ،لم يطلب للزواج منها موافقة البابا ولا اقترب من كنيسة لنوال الاكليل ،سمعه وهو يقول انه لن يتركها ابدا وسيتزوجها رغم عدم مباركتها يوما اخبره البابا انه عليه الرحيل من هنا واذا اراد العودة الى البطريركية فيكون تائبا نادما على خطائه مع تلك المراة بما يخالف التعاليم المقدسة .لكن لم يعد يوما او حتى فكر بالعودة او طلب الصفح من احد الكهنة رغم انه بنى ذلك السور واشتعلت المحروسة غضبا بسبب فعلته ..ليلتها ترجى متى البابا ان يهرب الى الصحراء مثلما فعل سابقيه، لن يصمت اهل المحروسة على فعله يعقوب لقد احضر الفى شاب من الصعيد وعلمهم التمرد وحمل السلاح وكيفية القتال اخبرهم ونحن فى زمنا يحكم فيه الفرنسوية بان سيبنى قلعة ويحيطها بالاسوار العالية ونادى بان يرحل الاقباط اليه وعمل للسور بوابتين ،وشيد ابراجا عاليه ورتب جنديين منهم للحراسة فبنى قلعته تلك هناك ناحية الجامع الاحمر بالازبكية واطلق عليها قلعة يعقوب .ظل يردد انه حمى الباب والبطريركية وجميعنا من ابناء جلدته من مذبحة !!.
كانت اما لمكاريوس احدى الشباب بالقلعة تبكى ليلا وهى تنتحب فيرتفع صوت نحيبها فى الليل يقبض قلب متى لا يعلم لما سمح لهم بالبقاء هنا ابنائهم يقاتلون وهل لبقائهم سببا سيمنع القتال .لقد جعل لهم قبعات على رؤسهم وعليها قطعة فروة غن سوداء جعلتهم يشبهون الفرنسوين .
كان غبريال سيداروس احد المكلفين بحراسة القلعة ،منذ اشهر قليلة لم يتخيل نفسه يحمل سلاحا ،لم يستطع ان يخبر ابيه انه لا يريد الارض والرزع فهو لا يملك شىء اخر .
انه خائف يرتعد فى قلبه وهو يحمل ذلك السلاح ويقف على باب السور القلعة التى بناها يعقوب ،ماذا اذا هوجموا الان ؟هل يستطيع الفى مقاتل قتال الاهالى ؟ كيف وافق وانضم اليه لانه اراد ترك كلشىء هناك فى الجنوب والمجىء ناحية المحروسة صدق ان سيحمى هكذا ابناء اليعاقبه هنا من مزيدا من الهجوم ..لكنه لم يعد يعرف يرى ذلك الجنرال وهو ياتى لزيارة يعقوب فى قلعته فيقف مقدما له التحية ويكيل له امام جنوده عبارات المدح باعتبار ذلك الجرنال مثله فى القتال والشجاعة ،لم يتقنوا الفرنسية التى يتحدثوا بها مع بعضهم البعض بعد ،لا يدرى ان كان ذلك الجنرال يثنى عليهم ام لا ..
يوم ان سقط ذلك الجنرال عرف جميع من فى فرقة يعقوب الخبر بعد ان وصل الى يعقوب فى قلعته ،كانوا يعلمون بحبه وتعلقه به واحاديثم الطويلة التى كانت تستمر حتى الصباح فى قلعته بالكاد ميز غبريال تلك الاحاديث بعد ان بدا يتقن الفرنسية ،منذ صغره عرف بمهارته فى التقاط الكلمات فكان من السهل عليه تعلم اللغة العربية بجانب لغته القبطية الام والتى كان يتحدث بها فقط داخل داره ومع اهله اما الخارج فكان بالعربية ..
وقف يعقوب بملابسه العسكرية يحيط به حرس الشرف وبعض من جنوده وقدموا التحية العسكرية لذلك القائد كان الكل يراقب حزن يعقوب ويوم ان تحدثوا عن اقامة لنصبا تذكارى ارسل معه يعقوب الى الجنرال "مينو"قائلا"يا ديزيه سيقام لك نصبا تذكاريا فى فرنسا ،ان يعقوب الذى كنت تحبه وكان يدللك كنفسه،سيدفع ثلث التكاليف مهما بلغت وهكذا ستعلم الاجيال القادمة ان يعقوب الذى حارب بجانبك كان يستحق تقديرك ..ياللحسرة لقد وهبك قلبه منذ زمن طويل"

صوت الصراخ تلك المرة والتى ضربت اذنصادق بعنف اكثر من سابقيه اوقظ الخوف من جديد ،وعندما تلفت ولم يجد حنا قد عاد عرف انه هرب او ربما قتل يقولون فى الشوارع ان الفرنسيين راحلين بلا عودة تلك المرة عن المحروسة ..لا يعرف ان كان عليه الفرح او الخوف اراد ان يهلل مثل الجميع فى الشوارع فخرج يترنح على قدميه وكانهما نسيتا المشى فكاد ان يسقط قالوا ان ذلك اليعقوب قد هرب منهم على متن السفينة ومع بعض من جنوده اما الباقين فقد هربوا لم يستطع واحد منهم ان يقف ويحمل سلاحه والاهالى فى كل مكان يهللون بطرد الفرنساوى.هام على وجه يلقتط الاخبار منهم من يقول انه حى بينما اخرون قالوا لقد مات على متن السفينة واخر ما اراده من الجنرال بليار هو ان يدفع جوار ديزية فى قبره لكن مات على متن الباخرة بمرض غريب والقوا جثته فى البحر !.
لقد علقوا رقبه راسه على باب زويلة سقط قلب الصغيرة التى اعتادت الا تخاف فى ذلك البيت الكبير للمعلم الجوهرى مثلما كانت تشعر فى بيت ابيها هنا ،اعتقدت انها نسيت الخوف ولكنه عاد من جديد عندما قالوا ان ذلك الفارس الذى كان ياتى لزياره المعلم قد رحل الى فرنسا ولكن اكثر ما اثار الرعب فى جنبات الدار الواسعة هو خبر راس المعلم ملطى التى علقت على باب زويلة ..لقد كان مثل سيدها الجوهرى رئيسا لديوان النظر فى القضايا العامة التى كونها الفرنسيين وجعلوا رئيسا عليها بموافقة اعضائه ولكنهم قبضوا عليه وقطعوا راسه بعد رحيل الفرنسوية هل سياتى الدور على سيدها ولكن ماذا لو دخلواالى دارهم الكبيرة والمعلم ايضا كان يعمل لدى الفرنسوية ومن لم يفعل وهم فى البلاد ..كانت الزوجة تدور فى الدار منتظره مرسال يخبرها اين زوجها وماذا حدث له ؟هل قتلوه ايضا ؟..مرت ايام ثقيلة وهى تراهم يقتحمون الدار وياخذونها مع حريم الدار لا تدرى الى اين ربما ستموت ولن ترى امها من جديد لم تتخيل ان تعود لترى ام محروس من جديدلقد اعتقدت ان تلك المراة قد نسيت امرها منذ ان تركتها امها فى الدار ولم تعد تراها لقد سمعت امها وهى توصيها بها حتى وان تركتها فى دار المعلم عليها ان تحرصها ،وان تذكرها ان هناك ضيفة وليست خادمة سيعود ابوها وتعود تجارته وداره من جديد ستعود لاختها التى افترقت عنها ولا تدرى اين هى او لما هى ليست هنا معها فى الدار الامن تذكرت وعد انها بانها لن تباع كعبده ولن تكون جارية لدى زوجة المعلم ..
هرب الخوف وعاد السكون عندما سامح العثمانين الجوهرى وعاد لعمله لديهم من جديد..
لايدرى كيف وجد نفسه امام ابواب داره الكبير وهى مفتوحة من جديد ،قال لنفسه انت مجنون مجذوب مثلما يقولون عنك يا صادق لقد تركك حنا وهو صديقك الوحيد ومن كان يؤنس وحدتك ورفيقك الخوف حينها كان يتوقف قليلا ..من بعيد لمحه يأمر الخدم باعاده الدار مثلما كانت فى السابق ..اقترب اكثر انه يوسف حقا ..جال ببصره يبحث عن رائحة امه فى الدار اين ورد ؟ لكن لم يكن هناك سوى يوسف وامراة غريبة تراقب صادق المجذوب من بعيدا قبل ان تصرخ وتتراجع ..ضمه بين ذراعيه هل هذا هو يوسف الذى يذكره انه لم يفكر فى السابق بالنظر اليه هل كاد ان يساله ابسبب قدمى يا اخى لا تنظر الى وجهى ولكن وجهى جميل ليس كقدمى لكنه لم يستطع ان ينطقها يوما ..لكنه تقدم اليه واحتضنه قال "يا اخى "سمعها صادق باذنيه فتمسك بجسد اخيه اكثر ..لم تعد ورد ولاامه ولا ابيه اى مرضا اصابهم وهم فى طريق السفر ..كل ما استطاع اخيه ان يفعله هو ان يحمى اجسادهم من الالقاء فى البحر حتى يصلوا الى المدينة فيقوم بدفنهم هناك ،لم يعلم ان لديه اقرباء هناك ترك عبد المسيح وسطهم كان الخوف يسكنه لم يصدق ان المحروسة اصبحت امنه ليعود من جديد ترك يوسف يعود بصحبه زوجته ،عندما ماتت امه لم يستطع ان يخالف وصيتها فى ان يتزوج من الفتاة ..لم يسأله عن ورد واين هى ؟ لا احد يعلم ،يوم ان قرروا الرحيل لم تكن هناك فحسب كانت كطيف انشق واختفى لكنه كان يتذكرها كلما عم الظلام المكان ،كلما هبت رياح هادئة تضرب اوصاله فى خفه .
جمع المال اللازم ودفع الغرامات كان يعلمان عليه الدفع دون مزيدا من الشكوى،صحيح انه لم يكن بالمحروسة كلها ولكن الخوف الذى عاد اليه اكثر من اى وقت اخر جعل يوسف يسرع بدفع كل الاموال اللازمة وان يغلق داره الكبير عليه وزوجتة واخيه ،هل سيقتلوننا ؟ سأل صادق بخوف وصوت يتحشرج كانت عيناه مسمرتان على الباب ينتظر ان ينتقل الصراخ لدارهم مثلما يسمعه كل ليلة ياتيه من الدور المجاورة .
تذكر صادق قصة فلك نوح التى تعلمها وسمعها صغيرا،وهو لا يعلم كم عدد الايام التى انتظروها داخل الدار منتظرين ان تاتيهم اشارة للخروج مثلما حدث مع نوح ،كان يوسف يرمقه ..ينظر اليه .كيف لم يرى شيقيه الاصغر من قبل؟ متكورا يهذى بصوت مرتفع لايدرى ان كان جن ام انه الخوف الذى لم يتركه منذ صغره الان تذكر امه لم توصيه على عبدالمسيح مثلما فعلت مع صادق ،قالت له ابحث عنه ولا تتركه يبتعد عن بيتك ..لاتدعه يموت .كانت تعلم انه لايزال حيا برغم انهم سمعوا الصراخ فى الطرقات وشاهدوا المدينة وهى تحترق من بعيد والى الان يردد ان هروبهم كان بمعجزة ..انه يؤمن بالمعجزات التى سمعها وهو صغير انها تعيش فى داخله عندما ردد صادق نوح اعاده الى صغره عندما كان ياتى اليه القس افرايم لدارهم وكان يجلس معه ،تعلم منه الكثير من الحكايات والمواعظ لكنه لم يستطع ابدا ان يحفظ اية كاملة بالشاهد والاصحاح الخاص بها ..احب العهد القديم لانه ملىء الكثير من الحكايات البعيدة التى لم يسمع بها من قبل وكان يحب سماع المزيد عنها ..
لم يعد عبد المسيح بعد، هل يشعر بالحسد لانه قرر عدم تنفيذ الوصية والعودة؟!..ينظر الى اخيه الذى يقف الان ملوحا لمن يراهم فى عقله يصرخ "انتهى الصراخ يا يوسف ..استمعت لم يعد احدا بالخارج ..هيا هيا يا زوجة اخى افتحى النوافذ والباب الكبير اصرخى فى الخدم ام ينظفوا لى حجرتى اود النوم فى دارى من جديد ..هيا يا يوسف قف واخبرها لم يعد هناك صراخ بالخارج عاد كل شىء مثلما كان .تبادلت مريم النظرات ليوسف الذى نهض متفاديا النظر الى خيالات اخيه المتراقصة على الحائط من خلفه وهو يتقدم لفتح باب الدار الواسع من جديد ..كل شىء افضل من الحبس والخوف .على الاقل فى الاعلى هناك ينظر له ابيه وامه لم يعرف من قبل انه يحب ابيه سوى عندما رحل ولم يعد شقيقه معه من هناك ..يغمض عينيه من الشمس ..صادق يصرخ فرحا وهو يقفز فى الدار نسى قدمه لم يعد يبالى بمن يراه وضعت مريم يدها على فاها كيف سيعيش هذا المجنون معها !.
" الى الاقباط والاروام ان يلزموا زيهم من الازرق والاسود ،ولا يلبسون العمائم البيضاء ،وممنوعا عليهم الشيلان الكشمير الملونة ولا يعودون لركوب الخيول والبغال والهوانات " كانت ام فانوس تسمع لام محروس وهى تجلس عند قدمها ،ويقولون ايضا انكم تركبون الخيول ومن خلفكم الخدم بالعصى يطردون الناس من امامكم وهم يرتدون الاسلحة ايضا ،بل يتحدثون ايضا عن ذلك النشان الذين يضربون عليه بالبنادق الرصاص .

على الاقل سمح للك ببناء كنيسة فلما الحزن يا يوسف ؟.
لم تسمع يا غبريال ما يقال للناس فى الخارج لعمرى ما حملت سلاح ولا سمحت لخدمى ان يحملوه وهاقد منعت من خيلى حتى والبغل ..الخوف ليس على الخيل ولا العمامة لم اعد صغير السن مثلما كنت فى السابق واوجاع ظهرى تعود من جديد .
اصبر يا يوسف ليس محمدعلى باشا مثل سابقيه انه لايرفض لنا بناء كنيسة وتركنا نبنى ما نريد منها وسهل عملنا ..الناس غاضبون حينما يعود الجميع مثل السابق سنرتدى مثل الباقين ولا تخف لن يسمح ان يعود الصراخ والقتل من جديد انت لم ترى الباشا عن قرب مثلى ان له نظرات قوية تخيف من ينظر اليه ..ليتك قبلت ان تذهب له معنا وتعرض مطلبك مثلنا
مالى والحكام انت تعرف.
لا تخف انه ليس كالسابقين عانين وقت المملوك والفرنسوية لم ينسى الناس ان بعضنا عمل لديهم ولكن انا لا ألومهم حتى والدك رحمة الله ماذا كان سيفعل ؟
وماذا فعل والدى يا انطوان انسيت كانت المضيفة للجميع الغنى والفقير ولولا المعلم ابراهيم ومن بعده اخيه جرجس الجوهرى لما وصل لنا صوت بشكوى او مطلب للحكام ..الى الان لم يعوض من حرقت له دكان ..انت اتعرف ان اخى عبدالمسيح وشريكى هو من عاد بالمال لنا من بعيد ولولا ماله وشركته لما عاد لدينا تجاره ولا دار ..وصادق كما ترى ..لقد طلبنا الى الرب الا يرزقه من امراته اولادا مثله يكفى بيت هيدرا صادق واحد فيها
اللة يطرح لك البركات فى فانوس ولدك
فانوس ..فانوس لا يحب سوى اللعب ربما كثرت تركى له مع صادق قد افسده ..تاخرت فى اعطاء دار اخرى له .
لاتقل هذا يا يوسف فانوس مثلك ويشبهك سترى ذلك انه مثلك سيكمل تجاره ابيه
اقترب انطوان من يوسف الذى اخذ يأن وهو يمسك بجانبيه ..
كنت اشعر منذ الصباح ان هذا اليوم لن يمر بسلام كانت ام فانوس تقوم بمسح صدر زوجها حتى المنطقة التى تؤلمه بالزيت همست انه قنديل ..ستشفى يا يوسف فقط اصبر ..كان يأن من ملمس يدها على جسده وهو يهمس الالم يقل يا ام فانوس لا تخافى لن ارحل واتركك الان سابقى وساعمر سترين مثل ذلك القريب من عائلتكم الذى مكث حتى المائة ..ابتسمت وهى تمسك عيناها :لا لا اخاف عليك اعلم انك لن ترحل وتتركنى ستظل حتى ترى اولادا لفانوس
فانوس اين هو ولدك انه يلعب مثل الصبيه ..اتعرفين سيكون سببا لبلائنا اذا لم يبتعد عن تلك الفتاة..حدثى ولدك يا ام فانوس الزهراء ليست له انها ليست من جلدتنا ولن تكون شرعية له ابدا ستكون وابنائها خارجين عنا وسيطرد من الكنيسة لن يقبله الباب ذكريه بمن كان يعقوب وماذا فعل اخبريه ان اولاده من تلك المراة لم يكونوا شرعين حتى حقوقها لم تكن لها ..
ولدك عاقل يا ابو فانوس انه فتى ويلعب
لعب بالنار ولن يصيبنا بمفردنا من يراه سيغضب لا اريد ان يكون ولدك سببا فى بلاء اخرين معنا ..اخبريه ان ابيه تكلم وقال ان لم يتركها سيطرد من جدران هذا البيت ويكفينا اولاد عبدالمسيح اما هو فعليه ان يكون بلا اسما ولا اجداد
ردت بجزع:لا تقل هذا يا ابو فانوس انه وحيدك ولا يمكننا انجاب غيره لا تقطع اسمك من الدنيا وتجعلنى اشيب فى مرار ..ساخبره وسيتركها ..سازوجه انا بمن تناسبه وسيقوم البابا مرقس بصلاته ايضا انه يحبك ولن يرفض