تحرير المرأة التنوير أية علاقة؟.....2



محمد الحنفي
2017 / 1 / 11

الإهداء إلى:

ـ الأستاذة الفاضلة: خديجة كرومي.
ـ السيد مدير ثانوية السلام التأهيلية.
ـ تلميذات وتلاميذ ثانوية السلام التأهيلية.
ـ من أجل التمرس على تحرير المرأة.
ـ من أجل المساهمة في تنوير عقول الناشئة.
ـ من أجل تكريم الإنسان فينا وفي واقع متخلف.

محمد الحنفي

التدقيق في المفاهيم:

وبعد هذا التقديم العام الذي ذكرنا فيه بأهمية العيد الأممي 08 مارس، والتذكير بأهمية النضال من أجل تحرير المرأة، بالإضافة إلى الإشارة إلى دور الرموز النضالية في هذا الاتجاه، وفي طليعتهم الدكتورة فاطمة المرنيسي، نجد أنفسنا أمام إشكالية تحديد المفاهيم، فيما يتعلق بمفهوم تحرير المرأة، وبمفهوم التنوير، مع الوقوف على العلاقة القائمة بين تحرير المرأة، وبين التنوير.

فماذا نعني بتحرير المرأة؟

وماذا نعني بالتنوير؟

وما هي العلاقة القائمة بين التحرير، والتنوير؟

إن مفهوم تحرير المرأة، ومفهوم التنوير، يلقيان اهتماما واسعا على المستوى النظري، والفكري، وعلى مستوى الجمعيات الحقوقية، وعلى المستوى السياسي، نظرا لأهمية تحرير المرأة، ولأهمية التنوير في حياة المجتمع، وفي الارتقاء به إلى مستوى ما عليه المرأة، وما عليه التنوير، في المجتمعات المتقدمة، والمتطورة، نظرا للدور الذي تقوم به المرأة، ويقوم به التنوير، في ذلك التقدم، والتطور.

فعلى المستوى النظري / الفكري، نجد أن مفهوم تحرير المرأة، ومفهوم التنوير، لقيا اهتماما كبيرا من قبل المنظرين، والمفكرين، ومنذ طرحت قضية تحرير المرأة في الفكر العالمي / الإنساني، وفي الفكر العربي الإنساني، وفي الفكر المغربي الإنساني، حتى لا نقول في الفكر الديني، أو في الفكر الديني / الإسلامي، بما يتناسب مع رغبة المؤول، إلى درجة تحول التأويل إلى نص مقدس، كما حصل، وكما يحصل، وكما سيحصل، إلى مالا نهاية، نظرا لدور الدين، أي دين، في جعل المومنين به، يقدسون النصوص التي تنتقل إلى مستوى تقديس التأويلات المختلفة، التي تتحول، بسبب ذلك، إلى نصوص دينية مقدسة، لا يجرأ أحد على نقدها، أو على نقضها؛ لأن الفكر الديني، له مفهومه الخاص للتحرير، المقيد للمرأة، التي لا تستطيع التخلص من دونيتها، كما أن مفهومه الخاص للتنوير، الذي لا علاقة له لا بتحرير المرأة، ولا بالتنوير، بالمعنى الذي يتداوله المفكرون، والمنظرون، في هذا المجال.

وعلى مستوى الجمعيات الحقوقية العامة، والنسائية، فإن تحرير المرأة، لا يمكن أن يتم أبدا، إلا في إطار التفعيل الكامل للإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان: العامة، والخاصة بالمرأة، وهو ما يعني، أن تحرير المرأة، في أي مجتمع، بما فيه المجتمع المغربي، لا يمكن أن يتم دون تفعيل الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية العامة، والخاصة.

وبالنسبة إلينا، في المغرب، لا يمكن الحديث عن التفعيل، إلا بملاءمة القوانين، والمراسيم، والقرارات، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المذكورة، حتى تصير مضامينها سارية على الجميع، مما يجعل المجتمع يتمتع بكامل حريته، ويجعل الرجال يتمتعون بحريتهم، وتتحرر النساء من كافة أشكال القيود، التي تحد من حريتهن، مما يعطي للمجتمع وجها آخر، يختلف عن الوجه القائم الآن، وهو الذي يمكن الرجل، والمرأة معا، من تحولهما إلى شركاء في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعل الواقع يتطور، باستمرار، إلى الأحسن.

ونفس الجمعيات الحقوقية العامة، والنسائية، تعتبر أن تحرير النساء بالمفهوم الحقوقي، لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار مجتمع متنور، غير محكومة عقول النساء، والرجال فيه، بظلام العصور الوسطى، التي تكبل المجتمع، برمته، بالقيود المكبلة للنساء، والرجال، على حد سواء.

وعلى المستوى السياسي، فإن التحرير، والتنوير معا، رهينان بالقرار السياسي، الذي تتخذه الدولة، أو تتخذه الحكومة، أو يتخذه البرلمان، أو تعمل الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، على فرضه بطريقة، أو بأخرى، مما يجعل تحرر المرأة، والتنوير، رهينان بطبيعة الدولة، وبطبيعة الحكومة، وبطبيعة التشكيلة البرلمانية، وبطبيعة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، التي يعول عليها، في اتخاذ قرار معين، من أجل تحرير المرأة، ومن أجل إشاعة التنوير في المجتمع.

فالدولة المخزنية بالنسبة للمغرب، لا يمكن أن ننتظر منها قرارا سياسيا لصالح تحرير المرأة، ولصالح إشاعة التنوير في المجتمع، نظرا لازدواجية الدولة المخزنية، التي تعتبر نفسها وصية على الدين الإسلامي، وفي نفس الوقت، تدعي انفتاحها على حداثة العصر، الوافدة من النظام الرأسمالي، مما يجعل قراراتها تنطبع، كذلك، بطابع تلك الازدواجية، التي تجعل إعلامها الرسمي، وكأن الدولة المخزنية، ذات الطبيعة الرأسمالية / التبعية، منفتحة، ومتنورة، كما تظهر من خلال ما تصرفه في مساجد المغرب، مما يتناقض مع انفتاحها على الحداثة الوافدة.

والحكومة القائمة الآن، باعتبارها حكومة مخزنية، هي حكومة ذات طبيعة أصولية، وبالتالي، فإن هذه الحكومة، وبشكلها الحالي، أو المستقبلي، إذا استمرت، لا يمكن أن تكون إلا ضد تحرير المرأة، وضد التنوير، لظلامية الحزب الذي يقودها، أو سيقودها مستقلا، وللتراجعات الخطيرة، التي سجلتها في الميدان، وخاصة ضد تحرير المرأة، التي افتقدت الكثير من الدعم، في اتجاه التمتع بكافة حقوقها العامة، والخاصة، التي كانت تحلم بها، مما يجعلنا نستغرق في تحكم القيود المتخلفة، التي اعتبرتها حكومة عبد الإله بنكيران، التي يؤدلج حزبها الرئيسي، الدين الإسلامي، أدلجة تجعله يفرض تراجعات لا حدود لها، على جميع المستويات، وخاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء، وبإنضاج شروط تحررهن.

وبخصوص البرلمان المغربي، ونظرا لغلبة حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب، بالخصوص، فإننا لا يمكن أن ننتظر منه، لا الآن، ولا مستقبلا، إصدار تشريعات تساهم في تمكين المرأة من التحرر من القيود، التي تحول دون تحررها، كما تساهم في إشاعة التنوير في المجتمع، مما يجعل تلك التشريعات، تحد من حرية المرأة، وتكرس استعبادها، وتحول دون إشاعة التنوير في المجتمع المغربي، الذي يزداد ظلامية، بفعل ما قامت به حكومة عبد الإله بنكيران، بكافة وزرائها.

وبالنسبة للأحزاب القائمة في الواقع، باعتبارها أحزابا ظلامية، بزعامة حزب العدالة والتنمية، والأحزاب المغربية التي تلتزم بتوجيه الدولة المخزنية، التي تجمع في خطابها بين أصولية المخزن، وحداثته، مما يجعلها بشكل، أو بآخر، مشرعنة لتحكم الأصولية، بأشكالها المختلفة، بما فيها الأصولية المخزنية.

أما الأحزاب المسماة وطنية، وديمقراطية، فإنها تدعي ابتعادها، كثيرا، عن أصولية المخزن، إلى جانب ادعائها الصراع ضد أصولية الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي.

أما الأحزاب اليسارية الحقيقية، على ضعفها، من خلال تفتتها، ومن خلال طبيعة تفاعلها مع الواقع، فإنها تصر على تحرير المرأة، وتحقيق مساواتها الكاملة، في الحقوق، والواجبات، للرجل، في المجتمع المغربي، انطلاقا من الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مع الحرص على نشر التنوير.

وبالنسبة للنقابات، والجمعيات الحقوقية، فإن عملها من أجل تحرير المرأة، رهين بالبرامج التي تعمل على تحقيقها، والتي قد تتضمن ما يساهم في تحرير المرأة. أما التنوير، فقد لا تتضمن برامجها ما يدعو إلى إشاعته في المجتمع.