تحرير المرأة التنوير أية علاقة؟.....5



محمد الحنفي
2017 / 1 / 14

الإهداء إلى:

ـ الأستاذة الفاضلة: خديجة كرومي.
ـ السيد مدير ثانوية السلام التأهيلية.
ـ تلميذات وتلاميذ ثانوية السلام التأهيلية.
ـ من أجل التمرس على تحرير المرأة.
ـ من أجل المساهمة في تنوير عقول الناشئة.
ـ من أجل تكريم الإنسان فينا وفي واقع متخلف.

محمد الحنفي

وتحرير المرأة، إذن، بالمعنى الصحيح، لا يمكن أن يتحقق في ظل الشروط القائمة، وهو ما يقتضي العمل على إنضاج شروط نقيضة. فبدل شيوع الظلامية، التي يعمل على نشرها، وتسييدها في المجتمع، مؤدلجو الدين الإسلامي، يتم العمل على نشر التنوير، الذي يفتح العقول على الواقع، ويعمل على خلخلة ظلاميته، التي تتراجع أمام العمل على جعل الواقع متنورا، حتى يستطيع المتنورون، في المجتمع المغربي، إحداث تحول عميق في العادات، والتقاليد، والأعراف، التي تصير بحمولات متقدمة، ومتطورة، وقابلة بالفعل التحرري، الذي يحصل في المجتمع بصفة عامة، وفي صفوف النساء بصفة خاصة، ومن أن يصير التنوير من سمات البرامج التعليمية، المعتمدة في المدرسة المغربية، ومن سمات البرامج الإعلامية، التي تستهدف مجموع أفراد المجتمع، ووسيلة لإشاعة الوعي بكافة الحقوق الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي يجب أن يتمتع بها جميع أفراد الشعب المغربي، الذين يجب أن يعملوا على فرض قيام دستور ديمقراطي شعبي، يقر سيادة الشعب على نفسه، وإجراء انتخابات حرة، ونزيهة، كما يقر المساواة الكاملة بين النساء، والرجال، بالإضافة إلى وقوف التنوير، وراء اختفاء كافة مظاهر الفساد، والاستبداد، في أي انتخابات تجري، تحت إشراف هيأة مستقلة، حريصة على احترام التعبير عن إرادة الشعب المغربي، والعمل على رفع مستوى وعي الشعب المغربي، بواقعه الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وصولا إلى إنضاج كافة الشروط الكفيلة بتحرير المرأة، من كافة القيود، التي تحول دون انعتاقها من دونيتها، في المجتمع المغربي.

وفي ظل إنضاج الشروط المتعلقة بإعداد المجال، لجعل المرأة تتحرر من كل القيود، التي تحد من فعاليتها، وتقمع فيها قدراتها الإبداعية، والتي يمكن أن نبني على أساسها مفهوم تحرير المرأة.

فمفهوم تحرير المرأة، إذن، يعني تحررها من كل القيود، التي تفرض دونيتها، أو تكرس استلابها، باعتقادها: أنها، بفرض إبراز مفاتنها في الواقع، الذي تتحرك فيه، تتحقق حريتها، مع أنها لا تتجاوز ان تتحول إلى سلعة معروضة في سوق نخاسة البشر، والتحرر من العادات، والتقاليد، والأعراف، وكل الكوابح التي تعمل على تغييب فعل المرأة، وتغييب إبراز قدرتها، في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير المرأة فاعلة، ومتفاعلة، ومفعلة لقدراتها المختلفة، في المجالات المذكورة، ومزيحة عنها كل الحواجز التي تحول دون انطلاقها، بما في ذلك نمطية أدلجة الدين الإسلامي، حتى تستطيع مواجهة كافة التحديات، التي تواجه المجتمع البشري بصفة عامة، والمجتمع المغربي بصفة خاصة، بالإضافة إلى مواجهتها للتحديات التي تواجه المرأة كنوع، لتتخلص، بذلك، من عبوديتها، ومن الاستغلال المزدوج، الممارس عليها، الذي يعبر بالضرورة عن التخلص من دونيتها.

وحسب هذا المفهوم، فإننا نستطيع أن نميز بين ثلاثة أنواع من النساء:

النوع الأول: المرأة الأمة {العبدة} التي تعتقد: أنه ليس من حقها أن تكون حرة، وتقبل كل ما يمارس عليها، من قبل الأسياد، مهما كانت طبيعة التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية، التي تتواجد فيها، حتى وإن كانت أدلجة الدين الإسلامي، هي السائدة، حتى وإن كانت تعتقد: أن عبوديتها جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي.

والنوع الثاني: المرأة السلعة، وهي التي تعتقد أن الاهتمام بإبراز محاسن الجسد، تعبير عن حريتها، مع أنها لا تتجاوز عرض الجسد / السلعة على من يشتري التمتع به. وهي ممارسة، لا علاقة لها بتحرير المرأة، بقدر ما هي عبارة عن إضافة قيد جديد، يحول دون حريتها. وهذا القيد: هو الاستلاب الرأسمالي، الذي يسلع كل شيء، بما في ذلك جسد المرأة.

والنوع الثالث: هو الذي يعنينا هنا، وهو المرأة التي تتحرر من كل القيود الاجتماعية، التي تحول دون تحررها، وتحريرها، بما في ذلك قيود العادات، والتقاليد، والأعراف، وقيد أدلجة الدين الإسلامي، المكرسة لدونية المرأة، وقيود الاستلاب الرأسمالي، الذي يسلع المرأة، حتى تصر متحررة فعلا، ومتمكنة من إبراز قدراتها المختلفة، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وحتى تساهم في عملية البناء الحضاري، الذي يسعى المجتمع إلى المساهمة فيه، والوصول إليه، على مستوى المجتمع المغربي، ثم على مستوى المجتمع العربي، ثم على مستوى المجتمع الإنساني، وصولا إلى حياة إنسانية، تختفي فيها كل القيود التي تحول دون تحرير، المرأة وتحررها.