حديث عن الحب وسورة يوسف وماري كوري



امل عجيل ابراهيم
2017 / 1 / 17

هناك حديث يقول (لاتنزلوا النساء الغرف ولاتعلموهن الكتابة ولاتعلموهن سورة يوسف وعلموهن سورة النور) اثار فضولي ذكر سورة يوسف والتاكيد على عدم تعليمها للنساء وهي تجعلنا نطرح التساؤل :لماذا سورة يوسف بالذات ؟اوليست جزءا من القران الكريم؟فهل من الممكن ان يوجد في القران الكريم كلام يدعوا الى الريبة ويثير الحفيظة مما يوجب تركه وعدم تعليمه للنساء ؟على اعتبار انهن (حبائل الشيطان وان اكثر من يدخل جهنم منهن فضلا عن كونهن السبب في دخول اغلب الذكور اليها وغضب الرب عليهم ابتداءا من ابينا ادم واستمرارا الى نهاية الكون )
تميزت سورة يوسف بانها السورة الوحيدة في القران التي تحدثت عن الحب وعن مشاعر عاصفة عارمة جعلت زوجة احد رجالات الحكم المهمين في مصر الفرعونية تهيم بخادمها ....وخادمها هذا لم يكن رجلا عاديا بل كان نبيا والانبياء بشكل عام لهم (كاريزما)فائقة خارقة تجعل النساء تقع في حبهم من النظرة الاولى فتذكر الروايات مثلا عن حب السيدة خديجة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وطلبها الزواج منه وعن فرح السيدة زينب بنت جحش بنزول ايات تبيح وتحلل زواجها من النبي مع انها كانت متزوجة من رجل اخر وعن افتخار السيدة صفية اليهودية باصطفاء الرسول لها وضمها الى نسائه مع ان سيوف المسلمين هي من قتلت اباها وزوجها ..........كما نقرا في الاناجيل عن قيام احدى النساء بسكب العطر على السيد المسيح له المجد وركوعها ومسح قدميه بشعرها في مشهد رومانسي مؤثر وجميل للغاية وتذكر الاناجيل ايضا ان النساء كن يخدمن السيد المسيح باموالهن وهن من رافقنه الى الصلب بعد خذلان طلابه وتخليهم عنه وانه بعد قيامته ظهر لاحداهن وهي مريم المجدلية وناداها :يامريم فالتفتت وقالت :رابوني (اي يامعلم) وكنت كامراءه اشعر بان كلمتها تلك صادرة من قلب امراءه غارقة في العشق لاذنيها هتفت بحنان غامر وفرح كبير وهي ترى عودة حبيبها الى الحياة من جديد ............للا نبياء اذن جاذبيتهم الخارقة الفائقة واللامحدودة وليوسف جاذبيته الخاصة فهو فضلا عن كونه نبي كان يتمتع بجمال باهر يسحر العيون ويذهل العقول حتى ان من يراه لايميز ان يقطع اصابعه ام يقطع الفاكهه التي بين يديه ..........فكيف لامراءه بسيطة (مخلوقا من الدرجة الثانية ناقصا في العقل والادراك ...منقادة ...خاضعة لنوازع رغباتها وعاطفتها ان تقاوم رجلا بهذه الصفات المتفردة ) فكان ان الغت تلك المراءه الفوارق التي تبعدها عن يوسف باعتبارها السيدة وهو الخادم وانه اصغر عمرا منها فهي من تكفلته في صباه ......ضاربة عرض الحائط وضعها كزوجة رجل مهم ذو مكانة مرموقة مصغية الى صوت قلبها فقط متجاهلة لوم الاخرين وانتقاصهم منها مستخدمة شتى الوسائل (اللاشرعية)في الوصول الى مبتغاها من كيد وحيلة ومكر وخديعة في قصة متسلسلة محبكة ممتعة وجميلة كما هي قصص القران الكريم كلها وكما هي حال كل قصص الحب ذات النهايات السعيدة ............الى هنا ...........لامشكلة في الموضوع فلماذا اذن التاكيد على عدم تعليمها للنساء ؟هل السبب ببساطة هو حتى (لاتطلع عيون النسوان )كما يقال في العامية؟؟؟فيفكرن في الحب ويقعن فيه ولكن الحب كما هو معروف علاقة ثنائية بين طرفين فيها رجل وفيها امراءه فلماذا التاكيد على المراءه فقط ؟هل هو قلة ثقة بالحب نفسه وديمومته واستمراره ؟ام قلة ثقة بالذكور في عالمنا ومقدار الرجولة التي يملكونها ؟ام هو احترام لعرف وقانون اجتماعي لايحترم علاقات الحب حتى لو قادت الى الزواج فتبقى وصمة في سجل المراءه انها احبت (فلان )حتى لو اصبح (فلان )هذا فيما بعد ابا لاولادها ؟ وربما لان المراءه هي الاصدق في الحب والاكثر تهورا واخلاصا ووفاء وللاسف ايضا :الاكثر غباءا وسذاجة كما انها الطرف الاضعف في اي علاقة لاسيما علاقة الحب ...في كل العالم سواء العالم الاول او العالم الثالث بل حتى في عالم الرب العادل وفردوسه السماوي الموعود ..................وايضا............لانستطيع ان ننكر ان الحب هو خطر كبير يهدد سلام المجتمع وبناءه المتين لانه يضرب عرض الحائط بكل قواعده الثابتة وتابوهاته الراسخة ومتى ماسيطرت مشاعره على دواخل احد حولت مسارات حياته من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب وعصفت به في مدارات وافلاك متضاربة متناقضة مدمرة ومجنونة وهو الاحساس الوحيد الذي يحول الانسان من سيد الى عبد ومن عبد الى ملك في الوقت نفسه ويجعله قادرا على صنع المستحيل والدخول في المجاهيل وطرق مسالك غامضة وفتح ابواب موصدة والاقدام على الحماقات كلها ويالها من حماقات لذيذة موجعة خلابة واسره مؤلمة ومفرحة ولنا في التاريخ شواهد كثيرة على ذلك بعضها صحيح والبعض الاخر مبالغ فيه ولعل اكثر شاهد اثار عجبي منذ سنين هو قصة (مدام كوري)العالمة الشهيرة الحائزة على جائزتي نوبل في الفيزياء والكيمياء وهي بولندية الاصل هاجرت الى فرنسا سنة 1891من اجل الدراسة التي كانت ممنوعة على النساء في بلدها انذاك وتزوجت من العالم (بيير كوري)ربما بدافع الحصول على الجنسية الفرنسية وان كانت قد كتبت بعد موته (انا الان شخص يعاني من الوحدة بشكل بائس لاشفاء منه)وكانت بجانب البحث والتجارب ترعى اطفالها وتخيط ملابسهم وتغشى مطبخها وتصنع المربى وتكتب مذكراتها الشخصية وتؤلف المراجع العلمية ....وكان تكريم السوربون لها بان منحها كرسي زوجها بعد وفاته في حادث سير فاصبحت اوا امراءه استاذة في الجامعة وكان احد زملائها هو واحد من تلاميذ زوجها السابقين ويدعى (بول لانجفان)...............ولان دوافع الحب غامضة واسبابه مجهولة وهو كلص ليل خاطف ياتي فجاءة وكتسونامي جبار صادم يعصف بقوة ودون سابق انذار فلا نستطيع ان نحدد كيف وقعت ماري كوري بغرام زميلها لانجفان المتزوج والذي يصغرها بخمس سنين ..........الم يقولوا :الوقوع في الحب !وهو وقوع فعلا ...والم يقولوا انه اعمى ؟نعم هو اعمى واصم ويصيب الحواس المتبقية الاخرى بالشلل والجمود .....المهم ان ماري اغرمت واستاجر العاشقان شقة قريبة من الجامعة يلتقون فيها كلما سنحت الفرصة واعجب زملاء مدام كوري من التغيير الذي طراْعليها دون ان يعرفوا السبب ....لقد اصبحت تهتم بشكلها واناقتها بعد ان كانت مهمله لهما مشغولة بالبحث والدراسة ..........فالمراءة تبقى مجرد امراءه الى ان تصبح عاشقة فتتحول الى انثى والى لوحة ملونة والى سرب عصافير محلقة مغردة ونوتة موسيقية كونية خلاقة وساحرة .....اصاب اشعاع العشق مكتشفة العناصر الاشعاعية الكيميائية فتحولت العالمة الجليلة الى مجرد امراءه عاشقة بفعل السحر الذي لاتبطله تعويذة او تميمة .....وسارت الامور كما قدر لها فكان ان عثرت زوجة لانجفان على رسائل ماري كوري الملتهبة الى حبيبها وعرفت سر العلاقة الغرامية العاصفة التي يعيشها زوجها والتي كانت السبب في طلبه الطلاق منها فاقامت الزوجة الغاضبة الدنيا ولم تقعدها ونجحت في تاليب الراي العام الفرنسي ضد ماري فانبرت الصحف تهاجمها وتحولت مكتشفة البولونيوم والراديوم بين عشية وضحاها الى (سارقة الازواج)و(محطمة الاسر)و(المهاجرة البولونية الوضيعة)كما نعتتها الصحف انذاك ..........وكان لانجفان اجبن واضعف من ان يحميها ........توفيت ماري كوري ونقل رفاتها مع رفاة زوجها الى مقبرة العظماء في باريس وجعلوا مختبرها متحفا سمي باسمها وهي اول امراءه في العالم تكرم بهذه الطريقة ...............سلام على ماري كوري وحبيبها .........سلام على يوسف وحبيبته .............سلام على الحب حين يولد بكلمة واهتمام وحنان وسلام عليه حين يموت بموقف واهمال وقسوة ولامبالاة .....سلام على العشق والعاشقين اينما كانوا في زمن اصبح الانقراض يتهددهم فيه ففي زمن البغضاء والعنف والتعدد والازدواجية صار من المستحيل ان تقنع الاخر بانك عاشق .....سلام على الثابتين في الحب كجبل شامخ لاتهزه الانواء وعلى المتذبذبين الذين تتنازعهم الهواجس والظنون والاهواء .....سلام على الحب حين كان الرجل ينتظر سنوات قبل ان يجرؤ على مصارحة حبيبته بكلمة في رسالة خجولة مغمسة بالعطر والزهر ....وسلام عليه في زمن الثورة الالكترونية حين يبدا بطلب صداقة وينتهي بحظر ...سلام على الحب حين كان صادقا تلقائيا عاصفا وحقيقيا يمزج الروح والجسد في انصهار صحيح واضح واخلاقي وسلام عليه حين اصبح اليوم غاية لاصطياد زوج ووسيلة لاشباع رغبة وارضاء جسد .........سلام على العاشقين الصادقين المتحدين والواثقين الذين لاتتسع قلوبهم لاكثر من روح واحدة ولاتلمس اصابعهم الا جسد واحد ...وعلى الزاحفين(كما يسمون اليوم)الذين لهم القدرة على مصارحة عشرة اشخاص في اليوم الواحد ومواعدة عشرة اخرين .............وفي ختام حديث الحب هذا يجب ان اذكر امرين الاول :ينبغي العمل بحزم وجدية على غربلة الاحاديث والمرويات لاسيما الدينية منها وسنكتشف حينها ان النسبة الاكبر منها مجانبة للصواب ......والثاني: ان (هيلين جوليو)حفيدة ماري كوري تزوجت بعد فترة طويلة من فضيحة الحب التي ذكرناها من (ميشيل لانجفان)حفيد بول لانجفان فهل كان الامر مجرد صدفة ؟ام ان مشاعر الحب الصادق والحقيقي ممكن ان تورث كما تورث الصفات الشخصية الاخرى وهذا يشكل دعوة مهمة لان نحب عل موروث الحب يطغي على جينات الكراهية التي لوثت عالمنا وملاْته