تحرير المرأة التنوير أية علاقة؟.....9



محمد الحنفي
2017 / 1 / 18

الإهداء إلى:

ـ الأستاذة الفاضلة: خديجة كرومي.
ـ السيد مدير ثانوية السلام التأهيلية.
ـ تلميذات وتلاميذ ثانوية السلام التأهيلية.
ـ من أجل التمرس على تحرير المرأة.
ـ من أجل المساهمة في تنوير عقول الناشئة.
ـ من أجل تكريم الإنسان فينا وفي واقع متخلف.

محمد الحنفي

ولذلك، فالمرأة لا يمكنها أن تتحرر، إلا إذا تحرر الرجل، من كل القيود، والعقد، التي تجعله لا يرى في نفسه إلا رجلا يتمتع بالمرأة، ولا يرى في المرأة إلا جسدا صالحا للمتعة، مهما كان هذا الجسد مضحيا من أجل كرامة الرجل، ومن أجل كرامة المرأة، ومن أجل كرامة المجتمع ككل. ولتحرير الرجل من كل القيود، والعقد النفسية، التي تحول دون عمله، على التعاطي مع تحرير المرأة، وقبوله بذلك التحرير، فإن عليه:

1 ـ أن يتحرر من نرجسيته الذكورية، التي تجعله يعتبر نفسه متفوقا على المرأة، وسيدا لها، ويجب أن تكون رهن إشارته، وفي خدمته، بحكم الطبيعة، وبحكم القانون، وبحكم ما يسمونه ب{الشريعة الإسلامية}، وبحكم العادات، والتقاليد، والأعراف، وغيرها، مما لا يمكن القبول به في مجتمع متحرر.

وتحطيم نرجسية الذات الذكورية، يعتبر مسألة أساسية في عملية تحويل الرجل إلى إنسان. فالرجل رجل، مهما كان، ولكنه، في نفس الوقت، يطلب منه أن يتحلى بالقيم الإنسانية، التي يمكن أن تتحلى بها المرأة أيضا، لتصير المساواة بين الجنسين مكتسبة، نظرا؛ لأن الإنسان، لا يصير كذلك، إلا لكونه يتطور. وتطوره يقتضي العمل على تجاوز كل المعيقات، التي تشدنا إلى التخلف، ومنها سيطرة نرجسية الذكورة على وجدان الرجل، وعلى فكره، وعلى ممارسته تجاه الواقع بصفة عامة، وتجاه المرأة بصفة خاصة. وهو ما يجعل التحرر من النرجسية الذكورية، مدخلا لاحترام المرأة، ولحفظ مكانتها في الأسرة، وفي المجتمع، وكشريكة في الحياة الأسرية: كأم، وكأخت، وكزوجة، وكبنت، والعمل على استحضار إنسانيتها، والعمل، كذلك، على تمتيعها بكافة الحقوق الإنسانية العامة، والخاصة بالنوع، حتى يساهم في حفظ كرامتها؛ لأن كرامة المرأة، من كرامة الرجل، وكرامتهما معا، من كرامة المجتمع ككل.

2 ـ أن يصير متحررا من أدلجة الدين الإسلامي، التي تنظر إلى المرأة، والرجل على حد سواء، نظرة دونية، وتفرض قيام الرجل، بتكريس دونية المرأة، والرجل، والمرأة معا، مستهدفان بالتضليل.

والتضليل وسيلة لإعادة صياغة قيم أدلجة الدين الإسلامي، انطلاقا من التأويلات الأيديولوجية، التي يمارسها مؤدلجو الدين الإسلامي، حتى يقدموا للمومنين بالدين الإسلامي، أدلجة الدين الإسلامي، على أنها هي الدين الإسلامي، ليزدادوا، بذلك، ابتعادا عن حقيقة الدين الإسلامي، ليصيروا أكثر قربا من الرؤى الإرهابية، التي تحول مؤدلجو الدين الإسلامي، على أساسها، إلى أدوات إرهابية للمجتمع بصفة عامة، وللمرأة بصفة خاصة.

وانطلاقا من إرهاب المجتمع، وإرهاب المرأة، يعمل مؤدلجو الدين الإسلامي، على تنميط الرجال، وتنميط النساء، على السواء، حتى يقوم التشابه بين الرجال من جهة، وبين النساء من جهة أخرى، مما يجعل عملية التنميط، تلك، ممارسة إرهابية حادة، بتحويلها إلى مقياس للإيمان، والكفر، المعتمدة في تكفير المخالفات، والمخالفين، الرافضات، والرافضين لعملية التنميط، التي فرضها مؤدلجو الدين الإسلامي، لتناقضها مع التحرير، الذي يسعى إليه الرجل، وتسعى إليه المرأة، والتي لا تتجاوز إعادة استعباد الرجل، والمرأة، وفق تصور مؤدلجي الدين الإسلامي، لعملية إعادة استعباد المجتمع ككل.

3 ـ أن يصير متشبعا بحقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، في كونيتها، وفي شموليتها، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؛ لأنه إذا لم يكن متشبعا بحقوق الإنسان، ومقتنعا بها، لا يمكن أن يعترف للمرأة بحقوقها، ولا يمكن أن يسعى إلى تحريرها من كل القيود، التي تحول دون تقدمها، وتطورها، حتى يصير الرجل، والمرأة معا، متشبعين بحقوق الإنسان، على أساس أن:

ا ـ الجمعيات الحقوقية، يجب أن تقوم بدورها، في إشاعة حقوق الإنسان، وفي التعريف بكافة الحقوق الإنسانية: العامة، والخاصة، والتربية عليها في صفوف الأطفال، والشباب، والكبار، ذكورا، وإناثا، حتى تصير حقوق الإنسان، في الواقع، كالماء، والهواء، في متناول الجميع، على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة.

ب ـ البرامج الدراسية، التي يجب ان تتضمن فقرات عن حقوق الإنسان، في كل المواد الدراسية، بالإضافة إلى تدريسها، والتربة عليها، كمادة متخصصة، لإعداد الأجيال الصاعدة على احترام حقوق الإنسان، والتربية عليها، واحترامها في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما في ذلك الحقوق الإنسانية للمرأة.

ج ـ البرامج الإعلامية، التي يجب أن تعرف بحقوق الإنسان، وأن تعمل على إشاعتها، عبر وسائل الإعلام المرئية / المسموعة، والمسموعة، والمقروءة، والإليكترونية، حتى يصير جميع أفراد المجتمع، متشبعين بحقوق الإنسان، كما يتم بثها في وسائل الإعلام المذكورة، وأن يعملوا جميعا على التعريف بها، وتمثلها.

د ـ القوانين المعمول بها، يجب أن تصير متلائمة، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، حتى تصير القوانين وسيلة لتمكين جميع أفراد المجتمع، من كافة الحقوق.

ه ـ الدستور الديمقراطي / الشعبي، الذي يجب أن يقر حقوق الإنسان، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى يصير، ذلك الإقرار، وسيلة، ومنطلقا لملاءمة كل القوانين المعمول بها، مع تلك الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المذكورة، من أجل أن تصير الملاءمة في خدمة الشعب، ولإعداد قوانين جديدة متلائمة معها.

و ـ إعداد مؤسسات الدولة، والمؤسسات الجماعية، وبناء الأحزاب، والنقابات، على أساس احترام حقوق الإنسان، حتى تصير كل المؤسسات المذكورة، في خدمة حقوق الإنسان.

ومعلوم: أن تحرير الرجل من نرجسية الذكورية، ومن أدلجة الدين الإسلامي، وجعله متشبعا بحقوق الإنسان، لا بد أن يعمل على القبول بتحرير المرأة، وبأن المرأة مساوية للرجل، وأنهما في خدمة المجتمع، الذي يتمتع، جميع أفراده، بكافة الحقوق.