شارع القبط26



مارينا سوريال
2017 / 1 / 28

علمت ان البابا قد رحل الى الاسكندرية بعدما فشل فى الاتفاق مع اعضاء المجلس وافشلوا الاتفاق الذى تم بمعرفه الباشا.والغى الاتفاق وقد قرروا تعين اسقف صنبو وكيلا للبطريركية ورئيسا للمجلس وتم الموافقة من الادارة السنية على ذلك ولم يخف اسقف صنبو من تهديد البابا الذى ارسل مندوبا له ينتظره على محطة القاهرة ويخبره بالحرم من الكنيسة اذا وافق فلم يهتم بل كان صوت الهتاف "يعيش الانبا اثناسيوس"ولكن البابا امر اسقف الخرطوم واحد قسوس البطريركية بمنع دخوله الانبا اثناسيوس الى البطريركية فاجتمع رهبان وفقراء احباش والخدم يغلقون ابواب البطريركية ولكن اسقف الخرطوم رفض الاشتراك معهم.
وكان الاولاد يصرخون بمن فى المحطة يا محرومون يامحرومون وتوجه الاسقف الى دار عوض بك سعدالله حتى تفتح له ابواب البطريركية.
وعندما وجد اعضاء المجلس ان ابواب البطريركية مغلقة امامهم شكلوا لجنة من القساوسة المنضمين اليهم وهم القس بشاى خادم كنيسة حارة زويلة والقمص جرجس بشاى خادم كنيسة الدمشيرية والقمص بولس جرجس وكيل قضايا البطريركية والايغومانس فيلوثاؤس رئيس الكنيسة الكبرى،وتقرر ابعاد البطريرك الى دير البراموس وومطران الاسكندرية الى دير انبا بولا بالبحر الاحمر .
ارسل ليسألها لمالا تكتبين ؟
تحيرت انها لم تفكر فى ان تكتب خارج دفترها السميك الذى تتبدل اوراقه كلما انتهت منه.كانت فى تخط حكايا للنساء لا يحق لهن سوى اخفاء وجوههن بعيدا عن اعين الرجال فى حين انها رات زوجات لقناصل الانجليز والفرنسين والروس هنا جميعا يتفاخرن بشعورهن ويسرن ولم يمسهن احدا .هل لو اخبرتها اخيها انها تريد بعد كل هذا العمر خلع برقع وجهها هذا وان تسير فى الشوارع مثلما تريد ،مل يمكن ان يسمح لها بالسفر الى الخارج؟ كل ما تعرفه انها ابحت فى سجن يدعى سجانه الاخ الاكبر ولا يمكنها التخلص منه بعد .ارسلت له تقول اسفة ليس بعد ما اكتبه ليس للنشر والاخريين انه عنهدية فحسب تكتبه لنفسها لان هذا يسعدها .
قال لها اكتبى عن ذلك البرقع الذى تكرهين .
كانت تشعر بقلبها يخفق بشدة سيتوقف هل يمكنها ان تقول لا انها تكتب عن ذلكالبرقع كل ليلة تقريبا تتحدث فيها اليه حاولت ان تجعل منه صديقا يمكنها مخاطبته،حاولت ان تنظر اليه باعتبار حامى وجهها من اعين الغرباء المتطفلة ،لكنه رفض ان يصادقها وكان ذلك البرقع ايضا محتشما لايصادق نساء كبار مثلها ضحكت ماذا يا برقعى لو كنت صغيرة فى السن هل كان يمكنك قبول الصداقة اذن ام كنت ستظل على عنادك الكريه هذا ؟..

عاد عبدالله النديم الى المحروسة من جديد لذا شعرت ببعض الراحة عندما سمح الخديوى عباس له بالعوجة واصدار جريدة الاستاذ الاسبوعية وقد اصبحت مؤيده للخديوى والوطنين معارضة للاحتلال فاسرعت فى طلب اعدادها التى كانت تطلب وتنفذ فى الصباح الباكر وشعرت بالرضى لان هناك خصما شرسا قد اصبح امام جريدة المقطم .
لم يعد ناثان ليلتها كان لسنوات منسى فى البيت الواسع يخرج فى الليل ليلهو وفى الصباح نائما ولكن لم يعدمنذ الليل ،كان صوت التظاهرة يصل الى اذانها داخل البيت سألت الخدم ماذا يحدث فى الخارج ؟كانت قلقة تنتظر عودة ايزيس ومصطفى كامل يتقدم مظاهرة تهاجم دار المقطم وتحرقها احتجاجا على وقوف اللورد كرومر ضد الخديوى لانه اقال مصطفى فهمى رئيس النظارة الذى يميل الى الاحتلال وعين مكانه حسين فخرى .دون عودته الى المعتمد البريطانى الذى ثار وهدد بعزل الخديوى فتراجع الخديو وفىما بعد ان هدأت واطمئنت على ايزيس،لم يعد ناثان العجوز ولم تراه مرة اخرى تمنت لو كان قد رحل ان تتاكد من دفنه بكرامة جوار ابيه ،لكنه عنيد وحتى سنوات النبيذ لم تذهب بعنده بعيدا،لكن ألم يقدر على توديعها قبل ان يرحل فحسب .
علمت انهم اختاروا رياض باشا بدل حسين فخرى وذهب الاخ الاكبر اليه مهنئا.
كان الشيب قد طغى على شعيراتها القليلة السوداء المتبقية رغم محاولاتها ان تجعله كما كان دائما ،كان الاخ الاكبر مريضا لا يغادر فراشه ،وبداخل غرفته الحكيم بينما جلست هى بالخارج تنتظرهم ولم تعد تهتم بارتداء برقعها ،ولكن ذلك الوجه كان قد ذبل ،رأت التجاعيد تغزو عيناها لم تكن تصدق انها كبرت بتلك السرعة ،كانت تراقب ابنتها وهى تغدو معلمة ،حكم عليها بعدم الزواج تمنت لوفعلت مثلما ارادت هى ولكن الوقت كان قد فات .تسألت ان كانت ايزيس سعيدة بينما تراقب مقار ابن اخيها الاكبر يتسلم مكانه ابيه الذى رحل صامتا وهو ذلك الرجل الصاخب دائما لم يعد مخيفا لاحد الان فقد رحل بعد ان اصبح يحتاج لخادمة ليعطيه كوب الماء وراى ولده يجلس على مكتبه من بعده.
كان بطرس باشا غالى قد اصبح رئيسا للوزراء وقاسم امين قد رحل،ولكنه لم يكن مثلما املت امة الاقباط فى جعل المساواة فى الوظائف والحقوق مثلما ارادوا ،ولكن وقع مع الانجليز على اتفاقية السودان فقتل على يد شاب من الحزب الوطنى .كان الخوف الذى لم تعرفه وهى صغيرة يعود الان لم يكن مقار كابيه ،كان يخاف ويردد ان تلك البلد ليست لنا فكانت تجيبه قد كبرت فى السن لافكر مثلك ياولدى ولكنك شابا اجدادك واجهوا الاسوأ استمع لى جدك الاكبر عاد الى المحروسة يوم ان كان الصراخ فى الشوارع وهو من صنع تلك التجاره التى تحيا عليها حتى الان وسيكون ابنائك من بعدك .نحن للخوف يا ولدى تعلم ان تتعايش معه لكن لايمكننا ترك هنا ابدا لكن ارضا اخرى هى ليست لنا ايضا .
كانت تستيقظ فى تمام الساعة التاسعة كل يوما وتجلس بحديقتها لتقرأ الجرائد ولم تعتد ان ياتى لزيارتها غرباء كان كل ما يصلها من الخارج هى خطابات نسيم التى لم يترك شهرا واحد الا وارسل لها فاصبحا صديقين يمكنها من وسط كلماته قراءه الكثير كانت تتخيله يجلس الى جوارها وهى تقرا يبتسم فتبستم يغضب فتحزن .
"ان المسلمين والاقباط شعب واحد مرتبط بالوطنية والعادات والاخلاق واسباب المعيش،ولايمكن التفريق بينهما مدى الابد""الاقباط اخوة لنا فى الوطن " كان مصطفى كامل هو حديث الشارع وهى تقرأ كلماته خطابه فى جريدته،كانت ترى النسيم يضرب جسدها فى ذلك اليوم لم تنم ،كانت تتلقى النسمات الباردة فجرا وهى تتطلع الى الحديقة من نافذتها .رأت من بعيد ظلاهما ايزيس ومقار ظلت تراقبهما وكلاهما يرحل الى الداخل وحيدا .