الصمت تكنيك نسائي قاتل



عدوية السوالمة
2017 / 2 / 7

ما الذي يجعل الصمت حليف النساء ؟ سؤال يطرح نفسه حين يقرر الصمت أن يأخذ حليفاته نحو النهاية دون مجرد محاولة الاعتراض عليه .
في مراحل الانهيار العنيف تجد النساء مازلن يتحدثن بانكسار الخائف من انكساره , ومن كونهن وصلن لمرحلة قد تؤدي بالايحاء الى دور الشريك في مآل حالتهن . الأهمية الممنوحة لضرورة الولوج للداخل النفسي للكشف عن شكل الرؤية الأساسية للجانب الصراعي فيما يتعلق بسيكولوجيا الدور تعتبر منبئا مقترحا لتحديد مقدار حدة الانهيار الحاصل , وشكل المساعدة النفسية المقترح تبنيها , بحيث لا يمكن تجاوز هذا المعطى تحديدا فيما يتعلق بمرحلة بناء الثقة .
التغافل عن أهمية الالتزام بالصمت يعيق استمراره المحيط النسوي الأقرب والمحرض على الهرب من استمرار هذا التغافل نحو المزيد من الضغط النفسي للتأقلم مع أشكال المعاناة التي يخلقها قبول الصمت كأحد الأقدار المحتمة .
حين نمضي باعتقادنا أن اعتقاداتنا لا تمس , وأنها حقيقة واحدة أزلية , ونبرمج على أن انكسارنا قوة وأن ضعفنا أنوثة وطاعتنا حكمة وصمتنا لا يقهر عندها من العبث البحث عن الكرامة بمعنى احترام الذات ومرادفاتها في صراع ثبات الذات في مجتمع يغلق بنواميسه على انسانيتنا بدعوتنا للتماهي مع قيم تعود الى اجتزاءات شرعية محرفة .
الصمت اجتماعيا , هو السلوك الأكثر رصانة المنصوح به كوصفة سحرية مؤكدة تدخل من خلاله النساء باب الفضيلة وتضمن به المؤازرة الاجتماعية .
سيكولوجيا , للأسف الشديد غير منصوح بهذا التكنيك لقدرته على تطوير اضطرابات يمكنها أن تكون قاتلة جسديا ونفسيا .
فالصمت ما هو إلا انعكاس وتجسيد لنمط تربوي خاص بالنساء . يضع متجاوزاته موضع المساءلة الاجتماعية ويدخلهن ضمن فئة (غريبي الاطوار ) . بسببه يتم تطوير الكثير من الانحرافات السلوكية والمعرفية كوسيلة للخلاص من المادة الكبتية خشية انفجارها .
الصمت مفتاح عبور كل الاشكاليات الحياتية النسائية ابتداء من العنف النفسي وانتهاء بالقتل . و لعل انتهاك الكرامة الانسانية منذ الطفولة واعتبار الممارسات السلوكية الاخضاعية ووجوب التدريب عليها من المبادئ الأساسية لتشكيل فضيلة الصمت بامتياز .
التدريب على الرجولة مثلا يبدأ بفكرة الاخضاع النسائي , ومن المضحك المبكي أن المرأة الاولى في حياة الرجل وهي الأم تدعوه لفكرة الترويض منذ نعومة أظفاره . أيا فكرة كانت طالما أنها تغرس في وسط بيئي يوحي بالدفء يجعلها تتجذر دون مقاومة وتمسي في هذه الحالة قوانين الاخضاع واحراز تقدم في الترويض, شرط التمتع بالأمان العاطفي . لذا وجب على النساء اتقانه دون اعتبار لكل ما يتعلق باحترام الذات كثمن لديمومة الأمان والقبول العاطفي .
السكوت عن خيانة الشريك والتغاضي عن سلوكه المؤكد لحقه في التعددية وان كانت بشكلها غير الشرعي ما هي إلا تطبيق عملي للتدريب السابق على ممارسة الصمت والنجاح المبرم في اختباراته التي تمكن من الحصول على لقب (حكيمة ) . نجاح دون اعتبار للأذى النفسي والجسدي الحاصل ولكنه نجاح مطالبين به اجتماعيا .
الالغاء الاجتماعي داخل او خارج الأسرة يفرض نوعا من القبول الغير قابل للنقاش , وهو درس واضح المعالم تطارد فيه المرأة باللعنات والاتهامات الجارحة والتخويف بالنيل من سمعتها ان حاولت تجاوزه . ولوقت قريب اعتقدت بتلاشي الكثير من الممارسات الالغائية تجاه المرأة الا أن العلاقة التفاعلية مع النساء كانت تبرز حجم المعاناة في صوره العديدة . التعليم المقرون بالثقافة ينتج صراع بين الانقياد والانصياع لتعاليم مجتمعية مجحفة, وبين التمرد الفكري الذي ينحو بصاحبته نحو الشخصية التوكيدية التي تبحث عن المؤازرة لتدعيم وجودها الذي يستحق منا كل احترام لرفضها تطبيق قانون الجواري المحمي نسائيا ومن ثم ذكوريا .
الالغاء والصمت ما هي إلا أفعال محفزة للتحرش المسكوت عنه والتي بامكانها أن تقدم أنثى مكسورة لتربية اناث أكثر انكسارا وهشاشة نقدمهم لقيادة مجتمعاتنا المحبطة فقرا وجهلا وادعاء .
جرائم القتل بحق النساء لم تخرج عن اطار كونها مرآة لهشاشة صورة المرأة في مجتمعاتنا المشجعة والحامية لفكرة الصمت المقدس , مع اباحة الخروج من مأزق تبعات الصمت ببساطة عقوبة مرتكبي القتل , وبساطة قبول الادعاء بالقتل بداعي تدنيس الطهر الأخلاقي .
التناول الفكري لموضوع الصمت يلزمنا بمناقشة تبعاته ومحاربة أسبابه المعيقة للتقدم الفكري النسوي وبدعوة المجتمع لبذل جهود حقيقية نابعة من واقع مجتمعنا و بعيدا عن التماهي مع الدراسات الغربية في هذا الشأن . لرسم صورة مشرقة للمرأة نبدأ بترسيخها أسريا من خلال خطة عمل تشمل جانب توعوي خاص بالنساء المقبلات على الزواج أولا .