بمناسبة اليوم العالمي للمراة....مهر بمليون دينار



يعقوب يوسف
2017 / 3 / 3

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.....مهر بمليون دينار
في بدية الثمانينات من القرن الماضي وقعت علاقة حب بين طالب وطالبة في جامعة بغداد واستمرت العلاقة بينهما طيلة مدة الدراسة الى درجة كبيرة بحيث تجاوزت درجة العلاقة بينهما قصص الغرام الخيالية المعروفة وبات جميع اللذين على علاقة معهما مقتنعين بأن لا قوة قاهرة قادرة على التفريق بينهما سوى الموت وان مسألة الزواج قاب قوسين او أدنى وفعلا هذا ما حصل بعد فترة قصيرة من التخرج والتعيين في دوائر الدولة، وبالرغم من ان كليهما من الطبقة المتوسطة والعادية في المجتمع إلا أن علاقة الحب الاعمى بينهما، طبعا للأسف وانت تسمع هذا التعبير عن الحب الرائع العفوي وهو ما يجب ان يكون أساسا بين كل محبين خاصة وان العلاقة بينهما استمرت اكثر من خمس سنوات وأن هذا الحب لم يكن نزوة بين مراهقين مثلا، ولربما كان هذا الوصف السلبي قريبا للواقع عندما يطلب القاضي من الزوج ان يحدد مبلغ المهر المؤجل فينطلق لسانه بعفوية تامة وبقلب مفعم بالحب (اكتب مليون دينار) وبالمناسبة أكيد لم يكن سكراننا.
مليون دينار ليس بالمبلغ الطبيعي وليس بالمعقول على الاطلاق، فإذا علمنا أن السعر الرسمي للدور آنذاك كان (3.32 دولار لكل دينار) وان كان السعر الفعلي السوقي اقل من ذلك بسبب التضخم الكبير الناتج عن الحرب العراقية الإيرانية إلا أنه في أسوا الحالات فـأن سعره آنذاك حوالي 2.5 دولار لكل دينار، أي انه في جميع الأحوال مبلغ خيالي.
ولا اعتقد ان هناك زيجات كثيرة لعوائل ثرية ثبتت مثل هذا المهر في عقود الزواج، على كل حال لم يكن لدي معلومات في هذا المجال ولم يكن لي علاقة مع المحامين المختصين بالأحوال المدنية آنذاك، ربما لدى المقاولين وتجار وأثرياء الحروب اللذين ظهروا في ذلك الوقت مستغلين تلك الأوضاع غير الطبيعية وهي مسألة عادية معروفة عالميا وتاريخيا فالذي تأتيه الثروة بلا حساب سينفقها حتما بلا حساب لكنها مسألة استثنائية وان كانت كثيرة.
سأذكر لكم وانا في مثل هذه الحالة مجرد متفرج وزاد اطلاعي عليها من خلال الاختلاط الوظيفي، قبل عشر سنوات من هذه الحالة أي في منتصف السبعينات، أحد الزملاء تزوج وعند السؤال عن مبلغ المهر من قبل زميل آخر، أجاب ثلاثة الاف دينار، صرخ بوجهه قائلا (وهل قبلت اُمك)
نعم ارتفع المستوى التضخم خلال السنوات العشر وساهمت نفقات الحرب العراقية الإيرانية الهائلة في ا
لنمو غير الطبيعي لهذا الارتفاع، ولكن ليس بهذا الفرق الخيالي طبعا، وبالأخص الرواتب لم يتم اجراء أي تعديل عليها في تلك الفترة بالذات، وهذه واحده المعايير المهمة في تحديد المهور.
لم تمضي عدة شهور (عدة شهور لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة) إلا واندلعت المشاكل النارية ولم تنفع معها كل المسكنات من العائلات والأصدقاء لإنقاذ هذه التجربة الفريدة من الحب، لقد تحول كل ذاك المخزون من الغرام الى صدام بحيث لم يعد أحدهم يحتمل الاخر بل ولم (يطق) أحدهم ان ينظر الى الاخر وتركت الزوجة البيت ليحسم الامر بالطلاق.
ثم ظهرت مشكلة المليون دينار ولم تنفع معها كل الحلول، وفي النهاية قررت المحكمة استقطاع مبلغ 10 دنانير (فقط عشرة دنانير) شهريا من راتبه لتسديد المهر المليون ومعناها مائة ألف شهر أي 8334 سنة، ولكم ان تخمنوا كم كان راتبه؟
ولم تمضِ عدة سنوات حتى غزا صدام الكويت وبدأت الأوضاع الاقتصادية ومعها الدينار تتدهور بشكل متسارع وغير معقول، والدولار الذي كانت قيمته ثلث الدينار، أصبحت قيمته تحسب بمئات الدنانير ثم تجاوز الالف ليستغل الزوج الوضع وخوفا من تحسن الامور ويعود الدولار الى سابق عهده قرر تسديد كامل ما تبقى من مبلغ المهر دفعة واحدة (مصائب قوم عند فرد فوائد).
(((لاحظي عزيزتي المرأة كيف تدهورت قيمتك وكيف تحول مبلغ 2.5 مليون دولار الى ألف دولار فقط!)))
ولا يخفى على أحد ان الأسعار لم تتوقف عند هذا الحد فقد استمر انهيار الدينار حتى وصلت قيمته السوقية ولو لبضع ساعات ثلاثة الاف دينار،
أي لوعدنا مثلا الى قصة زميلنا الذي غضب من مهر ال 3000 دينار لنقول له ان قيمة زوجته باتت دولار واحد فقط لا غير، يا للسخرية!
وقد حاول صدام حسين ترقيع الموقف بعد تفاقمت الأوضاع وتأثير تلك الأوضاع على المجتمع وعلى الاقتصاد وحالات الطلاق وليتخلص من الفضائح، فأصدر امرا قال انه (ظل يفكر ليل نهار) حتى اكتشف هذا السر مع فجر أحد الأيام ليصدر قرارا فوريا مع الفجر، أي لم ينتظر ليبدأ الدوام الرسمي لدوائر الدولة، فتقرر احتساب المهر بالذهب، أي كم يعادل المهر من الذهب عند تثبيت عقد الزواج بسعر الدينار آنذاك، وإعادة وكم يعادل هذا الذهب الى الدينار يوم الطلاق.
على كل حال كان هناك من يفكر ويحاول تهدئة الأوضاع، العتب على اللذين لا يفكرون!
العتب على اللذين يقترضون الأموال من صندوق النقد الدولي والدول الأخرى لمعالجة العجز الاقتصادي نتيجة انخفاض أسعار البترول والحرب القاسية وازمات المهجرين ويتخذوا القرارات بزيادة رواتبهم ... دون أي إحساس!
والان هل عرفت قيمتك
سيدتي
هل يعقل ان (تقيم) المرأة بالمال
أيا كان الثمن يبقى إسمه الثمن وتبقى المرأة (سلعة) تباع وتشترى مهما حالوا تلميع الموقف وفبركة الكلام ومع هذا لا تتوقعي ان تكون لك قيمة ثابتة!
انها الحقيقة وكل ما جاء اعلاه هي قصة كل امرأة،
ايتها المرأة في كل مكان من العالم تنخفض قيمة العملة نتيجة التضخم النقدي الذي تعاني منه كل دول العالم، بل وبالأخص في البلدان الإسلامية يكون أكثر وضوحا بسبب الأوضاع غير المستقرة والفساد الإداري المتفشي فيها كالسرطان تماما وبالتالي فإن قيمتك تتدهور يوما بعد يوم لتجدين نفسك يوما في الشارع انها الحقيقة انها قصة كل امرأة، ايتها المرأة في كل مكان من العالم تنخفض قيمة العملة نتيجة التضخم النقدي الذي تعاني منه كل دول العالم، بل وبالأخص في البلدان الإسلامية يكون أكثر وضوحا بسبب الأوضاع غير المستقرة والفساد الإداري المتفشي فيها كالسرطان تماما وبالتالي فإن قيمتك تتدهور يوما بعد يوم لتجدين نفسك يوما في الشارع
يرحمك أحد.
وهكذا تجدين نفسك منزلقة بالقيود الأخرى من د الى قيد بلا نهاية
ولن ينتهي الامر إلا بايقاف هذا الانزلاق
بالمساوات الكاملة في كل امور الحياة لان المرأة كالرجل في كب شئ بلا استثناء