التمكين الإقتصادي للمرأة ..



قاسم حسن محاجنة
2017 / 3 / 8

التمكين الإقتصادي للمرأة ..
لم تأتِ بعض الأمثال الشعبية إعتباطا ، فهي تُعبّر عن واقع اجتماعي وثقافي سائد. فحتى المثل الذي لا يزال متداولا في العامية الفلسطينية ، وربما في عاميات أُخرى، والذي يقول "همّ البنات للممات"، (أي ستبقى العائلة النووية وكذا العائلة المُمتدة)، تحمل هم البنت حتى يُواريها الثرى، يحمل ابعادا اقتصادية... ترى لماذا؟
أعتقد جازماً بأن هذه الثقافة التي أنتجت هذا المثل الشعبي وغيره، تخشى على البنت من عاديات الزمان، كالفقر والجوع، إضافة الى أن البنت ، ولو أصبحت عجوزا، تبقى ولو إحتمالا، قادرة على إلحاق العار بأهلها. ومع ذلك ، فأنا أعتقد بأن "هم البنات"، نابعٌ أصلا، من خوف الأهل على "مستقبل" بنتهم في الحياة.. خاصة وأنهم يعلمون بأنهم لم يُزودوا البنت بالمهارات الحياتية اللازمة ، لتضمن لنفسها لاحقا حياة كريمة دون الاعتماد على الرجل. فلاهي كأخيها الذكر اكتسبت مهنة تسترزق منها، ولا شهادة تؤهلها لإشغال منصب يكفل لها حياة كريمة.
فالهّم هنا ، ذو منابع معيشية ، وليس متعلقا، بالتحديد ، بقضايا تمس "الشرف الرفيع" وتؤذيه. فماذا سيحدث لها مثلا، لو مات زوجها ، لو طلقها؟! هل ستستجدي لقمتها من "المحسنين" ؟! ماذا ستفعل مع "كوم اللحم" (الأطفال)؟ كيف ستطعمهم؟ تكسوهم؟ تعلمهم؟ هل ستعمل كخادمة في البيوت، تتعرض للإهانة والتحرش؟
والمُفارقة في الأمر ، بأن هذا المجتمع وهذه الثقافة التي تخشى على البنت من "النسيم العليل" ، لا تُكسبها مهارات حياتية ، سوى "إيّاكِ ثم إيّاكِ " أن تخاطبي ذكرا، أن تسيري لوحدك، أن تبتسمي، تتزيني، تتعلمي..!! لكن هذا المجتمع الخائف على مصير البنت ، لا يورثها شيئا من أموال أبيها .. فتصبح البنتُ والحال هذه كما قال الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء ..!!
فالسبب اقتصادي في الاساس ، ومن يملك مفاتيح الاقتصاد ألا وهو الذكر ، ولكي يحكم سيطرته على الانثى ،"يحرمها" من الاستقلال الاقتصادي ، لكي تبقى تابعة ذليلة له، تنتظر "صدقته" ... ولا ينطبق هذا الواقع على المرأة العربية فقط ، بل تُعاني من هذا الواقع باقي نساء الارض.
فوفق تقرير للأمم المتحدة لسنة 2015، عن توزيع الثروات في العالم ، على اساس جندري ، يتضح بأن 99% من الثروة في العالم هي بأيدي رجال، وتمتلك النساء 1% فقط من الثروة . فالمجتمع البشري هو مجتمع رأسمالي ذكوري ، يُقصي غالبية سكان الكرة الارضية عن "مصادر الثروة" ، وتحديدا النساء ..
وسيبقى وضع المرأة كما هو عليه ، ما لم تتمكن اقتصاديا، لتحصل على استقلالها الاجتماعي والانساني .. وكما كتبت إحدى صديقات زوجتي على الواتس أب، بمناسبة يوم المرأة العالمي كتبت تقول :"المرأة مش بحاجة يوم تحتفلوا فيها، فيه، المرأة محتاجة يوم تحلوا عنها فيه" .
وسيأتي هذا اليوم حين تستقل فيه المرأة اقتصاديا ..وكل عام وانتن-م بخير ..