أسفري يا ابنة فهرٍ .. تحجبي يا ابنة فهرٍ .. تنقبي با أبنة فهرٍ!!



خلف الناصر
2017 / 3 / 13

في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، أطل العراقيون ومثلهم جميع العرب على العصور الحديثة برؤوسهم ، ومشوا بدروبها خطوات قليلة ،فحققوا لأنفسهم بعض الانجازات المهمة ..منها على سبيل المثال: الدعوة إلى الفكر الحر والدولة الحديثة ، ومنها تصحيح شبكة العلاقات الاجتماعية وقضية المواطنة وحقوق المواطنين ، ومنها حقوق المرأة.. فكتب الزهاوي للمرأة (قبل مائة عام !!!!!) رائعته المشهورة:
أسفري يا ابنة فهرِ
فالسفور صبحٌ زاهرٌ
والحجابُ ليلٌ بهيمٌ
يدعو فيها المرأة للنضال ولنيل حقوقها ، ومنها السفور وكشف وجهها لنور الحياة ، ومشاركة مجتمع الرجال في بناء وطنها !!
لكن حينها لم يخطر ببال الزهاوي ولا في بال تلك الأجيال ، ولا حتى لبعض هذه الأجيال ، أن يأتي بعده من يدعوها ـ وبعد أكثر من قرن كامل من الزمان ـ دعوة معاكسة لدعوة الزهاوي!.
يدعوها ، ليس فقط لحجاب شرعي معقول ومقبول اجتماعياً ودينياً ، بل يطلب منها أن تتنكر بأزياء سوداء ، لتبدوا بدون ملامح تدل عليها كامرأة ، ولا حتى تدل عليها ككائن بشري.. بل لتبدو وكأنها " ليل الزهاوي البهيم " فعلاً !!

وحتى هذا " الليل البهيم " لم يقنع بعض سدنة الدين الجديد والأخلاق العتيقة..فأنشأوا حركة أطلقوا عليها أسم ((حركة تصحيح الحجاب))..يمكنك أن ترى يافطاتها وتعليماتها منتشرة في الشوارع والساحات العامة للمدن المقدسة في العراق!!
وهي حركة تقيس المرأة (بالمسطرة والفرجال) من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ، وتحدد لها بدقة ما تلبسه على جسدها وعلى رأسها وفي قدميها!! .. وتعلمها كيف تمشي وكيف تجلس و كيف تتحدث وتبتسم!!!

لكن حتى (هذا الليل البهيم الكالح السواد) لم ينفع ولم يقنع أولئك السدنة ، وعلى رأسهم وزير عدلنا الموهوب السابق (من حزب الفضيلة) حسن الشمري!!
فتفجرت عبقريته وموهبته وجاءت للمرأة بقانوني ((الأحوال الشخصية والقضاء الجعفري!!)) الذي يدفن المرأة ، وهي طفلة بعمر الحضانة (سنها 9 سنوات فقط) في حضن رجل ، لا سقف ولا حدود لعمره!!..
وبهذين القانونين ادخل هذا الوزير العبقري الأجيال والعصور والقرون ببعضها ، وغلّق كل الأبواب بوجه أية خطوة للمرأة ـ وحتى للرجل ـ باتجاه العصر الحديث.! وأعادهم (مكتوفي الأيدي) إلى عصور الجاهلية الأولى من جديد ، على (حصان قانوني) !!
فضاعت (ابنة فهر) .. على يد (أبن فهر) الشمري!!

وإذا كان الله سبحانه ، قد سأل أهل ذلك العصر الجاهلي ((وإذا المؤدةُ سُئلت بأي ذنبٍ قتلت)) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ونحن أبناء هذا العصر بدورنا نتساءل ، بنفس ذلك السؤال الإلهي ((وإذا المؤدةُ سُلت بأي ذنبٍ قتلت))؟؟؟؟؟؟
لأن لا فرق كبير بين قتل جسدي للمرأة.. وقتل اعتباري أو إنساني لها!.
ففي الحالتين الضحية واحدة.. وهي المرأة .. طفلة وشابة مكتملة النضوج!!
[email protected]