بيت هيدرا17



مارينا سوريال
2017 / 3 / 25

اتمنى ولكن حدس نساء بيت هيدرا لم يتدرب سوى على الخوف.
كانت تنتظر يوم الجمعة حيث تبقى فى البيت كانت تسمع صوت امها بالخارج "فاطمة اين انت هيا علينا ان ننتهى قبل عودةالرجال من الصلاة "
كانت تطالع العدد الجديد من جريد وادى النيل التى تصدر فى الاسكندرية فى مقدمة باب حوادث محلية على صفحتها الثانية عن الصفة الشعبية لسعد زغلوا فى وكالة الجمعية التشريعية ثم دققت فى عنوان اخر"امانى الارمن" تقول ان الارمن فى مصر والسودان قد اجتمعوا وقرروا ان يرفعوا الى دول الحلفاء والى الدكتور ولسن مطالبين بان الشعب الارمنى له حق فى الاستقلال بكل ارمينية وانه يطالب من الدول الاعتراف بحكومتها المؤقتة وجلاء الجنود العثمانين عن بلادهم ليحتلها جنود الحلفاء والجنود الارمن ..
كانت تتنهد فى حزن لانها لم ترى صحيفة تنشر خبر المطالبة بالحقوق تبعا لويلسن لمصر بل نشرت ما يخص الارمن لرغبتهم فى قوات الحلفاء لديهم فى اراضيهم ..شعرت بالضيق وهى تسمع صوت مطالبتها بالهمه فى البيت قبل ان يعود اخوها ووالدها ..لم يكن لها حق الاعتراض ..لم تستطع ان تخبر احد عن نظرات حسن السعدى ناظر مدرستها حتى تمنت لو انهم احضروا ناظرة انجليزية على ان لايحكمها رجل فذلك افضل جدا لها ولمعلمات وفتيات المدرسة لم تفلح تنديداتها سوى بمزيد من النظرات الوقحة لجسدها المخفى داخل رداء المعلمة التى تبالغ فى جعله محتشما حتى تصير قوة لدى الفتيات وبقية المعلمات كانت ضد دعاوى سفور المراة وكتب فى جريدة المدرسة ان المراة بحاجة الى العلم والاخلاق حتى تستطيع ان تنشأ جيلا صالحا يرقى مصر وينهض بها لان الام الجاهلة لاتحسن ان تربى ابنائها كما ينبغى بامم متحضرة لتعيد مصر لمجدها القديم قبل الاحتلال الذى مرت به على مختلف عصورها ..كانت تخاف عودة العثمانين لايمكنها ان تتخلى عن كونها معلمة لقد اختارت ان تضحى بتكوين اسرة وان تصبح اما لانها تريد ان تربى الفتيات وتحسن تعليمهن لكن نظرات حسن السعدى صارت تضيق صدرها وهى ترى معلمة تسقط واخرى فى نظراته ويعلو الهمس فى المدرسة ..لن تتحمل ان تتحطم مدرستها كانت تنتظر كل يوم ان يعود لها خطابا من نبوية موسى ليس لديها اخرى يمكنها الوثوق بها بخلاف ايزيس لتعرض قضيتها امامها صحيح انها ناظرة لمدرسة الان ولكنها ذات صوت يقلق المسئولين دائما عندما تكتب ..انها تشعر بهم فى كل لحظة ينتظرون خطأ منها حتى يتخلصون منها وتخرج من المهنة فتارة هى مع الخديوى واخرى مع الانجليز ..لكن لا احد يعرفها يصدق هذا ..انها تدافع عما تراه صوابا لاجل مصروهى ابدا لم تتخل عن المراة فى كتاباتها وبفضلها زاد راتبها الان واصبح لديها القوى فى داخلها الا تخاف من المال فى المستقبل عندما يرحل الجميع عنها ..لن تصبح معولة من احدهم ستكون من نساء مصر المستقلات مثل المراة الغربية الان ..تتنهد فى حسرة لا يمكنها ان تحكى لامها عن النساء الغربيات لكنها ستخبرها اننا لانقلد السافرات ..لم تكن مع قاسم امين برغم انها قرات كتابى تحرير المراة قبل ان يرحل منذ سنوات لكنها شعرت انه تاثر بالغرب انها فقط تريد ان تتعلم المراة والا ينظر لها باعتبارها ناقصة لانها من تربى ابناء البلاد..
كان يوما يمر واخر وهى تطالع الصحف بحثا عن خبر اخر بخصوص الوفد هل سينجح سعد زغلول فى تكوينه ،كان حديثا حوله ورفاقه انها تعرف انه يستطيع ان يدافع عن البلاد مثلما تعرفت على زوجته وشعرت انها المراة التى يمكنها ان تكون من ضمن النساء اللواتى يدافعن عن المراة دون خوف ..فالمراة كانت بحاجة الى صوت ..وصوت فاطمة وايزيس وغيرهن لا يصل بل صوت حسن السعدى هو من يرتفع ان كنت لا تستطيعين العمل اجلسى مثل بقيه النساء فى بيتك الاتفهمين انك مجرد امراة ؟ لااعرف كيف يجعلن منكن معلمات الفتيات فى النهاية هن للبيت ولكن الانجليز هم من اعطوكم تلك السلطة يريدون ان يجعلوا منكن صورة لنساءهم هناك من انت لاتطلع فيك لتنشرى وسط المعلمات مثل تلك الاشاعات ..
حجبت دموعا حتى صارت بغرفتها ،كانت تعرف انها ستخسر الرهان الذى وضعته فى سرها مع اولئك المعلمات اللواتى وافقن على الصمت وانها من ستنتصر ومن تريد العلم ولكنها الان خائفة .
طالعت على صدر صفحة جريدة وادى النيل مقال بعنوان بعد الهدنة تتحدث فيه عن مؤتمر الصلح تجول بعيناها فلا تجد ذكرا للوفد المصرى كانت تسمع الاشاعات على الالسنة ولكن لااحد يعرف ما حدث هناك ..بكت اذ شعرت ان الحركة التى تحدثت عنها الجرائد حول قيام حزب الوفد ممن سافروا الى مؤتمر الصلح غير صحيحة ..كانت تبكى لان مصر لا صوت لها ولا هى ايضا ..فكرت انها لم تعد تقدر على الوقوف امام ذلك الناظر ولاتستطيع ان تضعف ..كان صوت الزغاريد يرتفع من فم امها حتى يعرف الجيران ان فاطمة لم تعد معلمة وتنتظر من يطلب يدها للزواج.
كان صوت الزغاريد والنساء من حولها لم تصدق كيف حدث الامر لكنها كانت تشعر ان كل شىء جديد الان ولم يعد كالسابق فالمصريين يجمعوت توكيلات الوفد وعندما منعها الانجليز وطلب حسين رشدى من سعد زغلول ايقافها صارت سرا وسط الناس ،كانت فقط تنتظر دورها لتوقع لكن احد لم يهتم ..كانت اوراق توكيلات الوفدوالخطابات السرية بين سعد وحسين رشدى توزع فى المقاهى والمنتديات علانية ثم سرا فى الاسكندرية ..استيقظت لتجد نفسها زوجة محد ناصر افندى الموظف الحكومى كانت تلمح طربوشة امامها وكانه مزهوا بنفسه لانه على راس رجل بينما هى تضع الياشمك ..