النساء وتفاقم عواقب العنف الأسري



أحمد الهدهد
2017 / 3 / 27

تعتبر ظاهرة العنف العائلي او الاسري من الظواهر القديمة في المجتمعات الانسانية فهي قديمة قدم الانسان الذي ارتبط وما زال يرتبط بروابط اجتماعية مع الوسط الذي فيه يؤثر و به يتأثر الا ان مظاهره و اشكاله تطورت وتنوعت منها العنف الاسري ضد المرأة و العنف ضد الاطفال و العنف ضد المسنين ولغرض التعريف بالعنف الاسري لابد من التعريف بمفهوم الاسرة و التعريف بالعنف الاسري . فالأسرة هي المؤسسة الاجتماعية التي تنشا من اقتران رجل بامرأة بعقد يرمي الى انشاء اللبنة التي تساهم في بناء المجتمع كما ان اسرة الشخص تتكون من ذوي قرباه و يعتبر من ذوي القربة من يجمعهم اصل مشترك كما ان القرابة المباشرة هي الصلة بين الاصول و الفروع و قرابة الحواشي هي الرابطة ما بين اشخاص يجمعهم اصل مشترك دون ان يكون احدهم فرعا للأخر . اما العنف فانه نمط من انماط السلوك يتضمن ايذاء الاخرين ويكون مصحوبا بانفعالات و هو كل فعل او تهديد به يتضمن استخدام القوة بهدف الحاق الاذى و الضرر بالنفس او الاخرين و بممتلكاتهم و يقصد بالعنف الاسري ( الافعال التي يقوم بها احد اعضاء الاسرة ويلحق ضررا ماديا او معنويا او كليهما بأحد افراد الاسرة).
وعلى الرغم من أن تأثير العنف على الصحة العامة لم تكن مفهومة حتى الآن ، فإن العواقب الصحية السلبية المتأصلة في عدم المساواة بين الجنسين في الأسر كانت منذ فترة طويلة محور بحوث الصحة العامة في البلدان النامية، بما في ذلك البلدان الإسلامية. تلاحظ هذه العواقب الصحية بصورة واضحة في إحصاءات الوفيات والاعاقات. عموما تؤدي اعمال العنف داخل الأسر، إلى احتساب ما يقدر ب 60 إلى 100 مليون امرأة وفتاة في عداد المفقودين في العالم. كما أظهرت البحوث التي أجريت في دول جنوب آسيا، بما في ذلك باكستان والهند ذات الأغلبية المسلمة، وكذلك في دول شرق آسيا (الصين وتايوان وكوريا الجنوبية) وبعض البلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، أن نسبة الرجال إلى النساء "أعلى مما هي عليه المتوقع من نسبة الجنس النموذجية عند الولادة والوفيات التفاضلية النمطية ". وكان في باكستان وبنغلادش واللتان كانتا من بين دول قليلة حتى وقت قريب مثار شك كبير فيما يتعلق بالتمييز حيث كان الرجال في المتوسط اكثر عمرا من النساء ، وهي ظاهرة ديمغرافية لم يسبق لها مثيل في الغرب منذ العصور الوسطى. في كلا البلدين يظهر بعض التحسن الذي طرأ مؤخرا، تمشيا مع الاتجاهات العالمية للتحسينات الصحية للمرأة، فإن كلا البلدين اظهر فوارق في الوفيات أقل من متوسط الوفيات بين الذكور والإناث، مما يشير إلى حصيلة ما دون المتوسط لما هو مخصص للمرأة من وسائل الصحة الجيدة.
لا تزال النسب المسجلة للعنف ضد النساء متدنية بشدة عما هو سائد حقيقة في مجمل العالم , ولا يخضع عموما حتى وقت قريب للبحث بشكل جيد وخصوصا فيما يتعلق بتوثيق معدلات الاعاقة والوفيات التي تعاني منها النساء تحت تأثير العنف . الدراسات بدأت تهدف الى دعم وتقييم التداخلات في مجال الصحة العامة , كما يتجاوز هذا الهدف الى الواضح الى ما ابعد منه حيث يخدم ايضا في القاء الضوء على الحالة الاسرية والمجتمعية للمرأة على نطاق واسع . انواع العنف المدروسة تشمل اشكالا منتشرة في جميع انحاء العالم , مثل العنف العائلي والاغتصاب وسلب الحقوق المادية , واشكال محددة جغرافيا او ثقافيا , مثل القتل بدافع الشرف , وحالات الدفع الى الانتحار , رمي الحامض الحارق , وكذلك تشويه الاعضاء التناسلية للإناث. رغم ان هذه الانتهاكات محمية بقواعد الحظر التي تشكل حواجز امام الكشف عنها وتوثيقها , فأن حجم وخطورة العنف الموجه ضد المرأة كقضية تتعلق بالصحة العامة وتكاليف وانتهاك حقوق الانسان قد اعترف بهما مؤخرا على مستوى المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية , وكذلك الوكالات الوطنية والمنظمات الطبية . وفي عام 1994، عينت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مقررا خاصا معنيا بالعنف ضد المرأة، ولدى اليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة برامج قائمة لمعالجة هذه المسألة. وفي تموز 1997، ولأول مرة، أدرجت اليونيسيف في تقريرها السنوي المعنون "تقدم الأمم" قسما خاصا عن العنف ضد المرأة. بالإضافة الى المؤشرات الاقتصادية المعتادة ونوعية الحياة، يعرف التقدم الآن أيضا وفقا لدرجة الحماية التي تتمتع بها المرأة ضد التمييز والعنف. والعنف "سواء كان العنف المنزلي أو الإيذاء الخاص للنساء بسبب الحروب والهجرة القسرية" التي تتناولها الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وفي السياسات الوطنية. والدول التي وقعت على هذه الاتفاقيات تلزم نفسها بمعالجة التحيز ضد المرأة في هذه الاتفاقيات والقوانين المتعلقة بالعنف التي كثيرا ما تفشل في تجريم العنف العائلي، أو فرض عقوبات مخففة على مرتكبي الجرائم إذا ارتكبوا بدافع او " مبرر" عاطفي.
وقد أدى الاعتراف الرسمي بخطورة العنف القائم على نوع الجنس إلى إعطاء زخم اكبر ، بما في ذلك في المجتمعات المسلمة، لتدوين بيانات أكثر دقة عن انتشاره، وفهم أفضل لحركيته. ويتوافر الآن قدر كبير من المعلومات الإحصائية التي جمعتها المنظمات الدولية والجماعات الدولية لحقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، وحيث توجد منظمات المجتمع المدني والمجموعات الوطنية لحقوق الإنسان مثل لجنة حقوق الإنسان في باكستان، والمنظمات غير الحكومية المحلية، مثل ريوان كردستان العراق. تصدر هذه المنظمات تقارير منتظمة عن سجلات الشرطة والمأوى وتقديرات حكومية وتقديرات أخرى تشير إلى حدوث العنف وحالات معينة، فضلا عن التقدم المحرز في الإصلاح القانوني .
بالإضافة إلى تقارير حقوق الانسان ، فقد تطور عدد كبير من المنح الدراسية ليتجاوز وصف العنف الى استكشاف تداعياته وحركيته السببية. فبالإضافة إلى تقارير حقوق الإنسان هذه، فلقد اصبح هنالك عدد متزايد من المنح الدراسية التي تتجاوز وصف العنف الى استكشاف تداعياته وحركيته السببية. دراسة نموذجية ركزت على كيفية ارتباط الوضع الصحي للنساء والعنف الأسري بالبدو في هذه الدراسة الصغيرة نسبيا، أجرى الباحثون مقابلات وجها لوجه مع 202 امرأة عربية بدوية تتراوح أعمارهن بين 22 و 75 عاما. وقد استفاد الباحثون من تقارير ذاتية من النساء عن وضعهن الصحي، وتأثير صحتهما على سمتين من سمات العادات الاجتماعية العربية البدوية المعاصرة: القبول الاجتماعي للعنف المنزلي، والتركيز على المحافظة على معدل مرتفع من الخصوبة. ومن بين المجيبين، أفاد 48 في المائة منهم بأنهم تعرضوا للعنف البدني مدى الحياة، وأن 30 في المائة منهم أفادوا بأن العنف العائلي يساهم في ضعف الحالة الصحية العقلية ومشاكل أمراض النساء. ويرتبط العنف المنزلي بعدد كبير من الأطفال، وهناك بعض المؤشرات على أن مستوى العنف العائلي ينخفض خلال فترة الحمل .
خلال السنوات الأخيرة تبنّت بعض الدول ومناطق الحكم الذاتي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضا بعض التشريعات أو الأنظمة الخاصة بالعنف الأسري، وتشمل الجزائر والبحرين وإقليم كردستان العراق والأردن ولبنان والسعودية. تتباين تلك القوانين في درجة التزامها بالمعايير الدولية. هناك دول أخرى منها المغرب وتونس تفحص حاليا مسودات تشريعات للعنف الأسري.
خلال السنوات الأخيرة تبنّت بعض الدول ومناطق الحكم الذاتي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضا بعض التشريعات أو الأنظمة الخاصة بالعنف الأسري، وتشمل الجزائر والبحرين وإقليم كردستان العراق وإسرائيل والأردن ولبنان والسعودية. تتباين تلك القوانين في درجة التزامها بالمعايير الدولية. هناك دول أخرى منها المغرب وتونس تفحص حاليا مسودات تشريعات للعنف الأسري