وماذا عن الجنس (الجزء الثاني)؟



احمد عبدول
2017 / 4 / 7

استكثر علي احد الاصدقاء كوني استخدمت مفردة (ثورة ) في اخر ما نشرته ضمن موقع الحوار المتمدن في مقالي الموسوم (وماذا عن الجنس ؟) وقد تعهدت ان تكون للموضوع تتمة لما يشكله من خطورة واهمية بالغة اقول لهذا الصديق العزيز والذي اشكل علي استخدامي لمفردة الثورة اقول وهل الجنس الا تلك القوة التي تسعى للاشباع ما استطاعت الى ذلك من سبيل ؟ وهل الجنس الا تلك الرغبة المحمومة التي تصرخ داخل الجسد البشري ولسان حالها يقول هل من مزيد وكانها جهنم الحمراء ؟ وهل الجنس الا تلك اللذة التي لا تقف بوجهها الحواجز ولا تحول دونها الموانع ؟ لذلك كله فالجنس هو في حد ذاته ثورة بل هو ثورة كبرى وفتنة عظمى لا تؤمن بالقيود ولا ترضخ للواقع , لكنها تنتظر الفرص وتتحين الوقت كما هي البراكين التي تنطوي على حمم مهلكة تقوم بقذفها متى ما وصلت الى ساعة الصفر .
نعم انا اصر على تسمية ما يشهده مجتمعنا العربي اليوم بشكل عام والعراقي بشكل خاص بالثورة الجنسية والتي اخذت تعبر عن ذاتها بشتى الاشكال والالوان , الا انها ما تزال تمارس اغلب ادوارها من وراء الكواليس خوفا من مؤسسات الضبط الاجتماعي التي تكثر داخل مجتمعنا العراقي وهي مؤسسات على درجة عالية من القسوة والبطش والقوة .
وقد يقول قائل ان الثورة لا بد لها ان تعبر عن نفسها على ارض الواقع بشكل ملموس وواضح دون ان تكتفي بالتعبير عن انشطتها عبر فعاليات ضيقة فاين كل هذا مما تدعي اقول نعم لقد عبرت تلك الثورة عن طبيعة توجهاتها واسفرت عن حقيقة ما تريد ان تحققه داخل المجتمع العراقي في اكثر من حقبة زمنية .ولعل اول محطة ظهرت بها تلك الثورة على ارض الواقع المعاصر هي ما تمثل بصعود اليسار العراقي ابان نهاية خمسينيات القرن الفائت الى بداية الستينيات حيث مارست كامل حريتها في التحرر والانفتاح والاختلاط والتثقيف , وقد قطعت اشواطا بعيدة وسجلت ارقاما قياسية في مجتمع ما يزال حديث عهد بالتحضر والمدنية . حتى ان مدينتين مقدستين مثل (النجف وكربلاء )كانتا تحت مرمى نيران تلك الثورة . مما حدا بالمؤسسة الدينية وبالتعاون مع المؤسسة السياسية (نظام الحكم ) ان توجه ضربة قاصمة لتلك الثورة لتسحقها بكل قوة ووحشية لتعود ادراجها الى ممارسة انشطتها من وراء الحجب خوفا من سطوة القوانين والانظمة والمرجعيات الدينية والعشائرية.
لا نريد ان نختزل اليسار بتلك الثورة – الجنسية - التي ننوه عنها في هذا المقال الا ان تلك الثورة قد تنفست الصعداء من خلال تقدم ذلك التيار التحرري والتجديدي على شتى الصعد بل انها كانت تتلاءم الى حد كبير مع متبنيات اليسار على اعتبار انه يهدف الى كل ما هو تقدمي ومغاير .
.بين عامي 2006 ـ2007 ظهرت داخل العاصمة بغداد ظاهرة ما يسمى (بالايمو) وهم مجموعة من الشباب الذين اضطرتهم ظروف قهرية (وراثية في الاعم الاغلب منها أو اجتماعية ) الى ان يتبلور لديهم ميل نحو التشبه بالنساء فما كان منهم الا ان اعلنوا عن حقيقتهم بكل قوة وثبات ليمثلوا بذلك جانبا من جوانب تلك الثورة المؤجلة لكن هؤلاء الشباب تم سحقهم باشنع الطرق واكثرها بشاعة عندما تمت تصفيتهم عبر تهشيم رؤوسهم بقطع الحجر الكبير المسمى باللهجة العراقية (البلوك ) وهو امر لا يقره قانون ولا يذهب اليه شرع .
ان التغاضي عن طبيعة تلك الثورة الجنسية المؤجلة التي تمور داخل القاع الاجتماعي العراقي اليوم والتي تسلحت اليوم باسلحة جديدة ومتطورة ( وسائل التواصل الاجتماعي ) وعدم الاخذ بالاسباب الواقعية والمعالجات الجذرية للحيلولة دون اندلاعها تعد امرا بالغ الخطورة اذ انها سوف تندلع عاجلا ام اجلا اذا بقي الحال على ما هو عليه .