مجتمع سافل!



عمرو المصري
2017 / 4 / 7

جرائم التحرش الجنسي التي وصلت لأبعاد خطيرة في مصر مؤخرا تستدعي من أجهزة الدولة القيام بدراسة هذه الظاهرة دراسة جدية وإعلان نتائجها ويجب في هذا الصدد أن تتضافر جهود المؤسسات البحثية الاجتماعية والجنائية إلى جانب مشاركة السلطتين التشريعية والقضائية حتى يتم الخروج بقوانين رادعة تساعد على القضاء على هذه الظاهرة التي جعلت من الشعب المصري شعبا سيئ السمعة في هذا الصدد، حيث نحتل – مع أفغانستان – صدارة قائمة الدول التي تنتشر بها ظاهرة التحرش بالنساء.

ومؤخرا وقعت جريمة هزت المجتمع المصري وهي قيام عدد من الشباب بالتحرش الجنسي الجماعي بفتاة الزقازيق، هذه الطالبة الجامعية التي كانت ترتدي فستانا قصيرا أثناء عودتها من حفل زفاف شقيق أحد أصدقاءها، ثم صدر بعد الحادث بيان كارثي قالت فيه مديرية أمن الشرقية إن "الفتاة كانت ترتدي ملابس قصيرة جدا أمام أحد الكافيهات، فتجمع عليها الشباب محاولين التحرش بها"،

ويأتي الحادث بعد أيام قليلة من دعوة شاذة أطلقها أحد من يسمون ب "الدعاة" وقال فيها "اللي يشوف بنت لابسة قصير ولا يتحرش بيها ميبقاش راجل" ...هكذا!!! في جملة واحدة منح هذا الداعية المزعوم الرخصة للتحرش بالنساء إذا كن لم يرتدين الحجاب، وهو صدى لفتوى قال بها من قبله المفتي السابق علي جمعة.

وقبل هذا الحادث بأيام قليلة اهتز المجتمع المصري على خبر قيام رجل يبلغ من العمر 35 عاما بالاعتداء جنسيا على رضيعة عمرها سنتين أو أقل، فيما يعرف بقضية "طفلة البامبرز"، بلا أي وازع من أخلاق أو ضمير أو حتى دين يحلو للشعب المصري الطنطنة به ليلا نهارا ولا يفقهون منه شيئا ولا يؤثر في أخلاقهم بالإيجاب على الإطلاق، حيث تجد على مواقع التواصل الاجتماعي من ينشر لنفسه صورا بجوار الكعبة أو بملابس الإحرام، أو ينشر الآيات والأدعية والأذكار بشكل متواصل في محاولة للإيحاء للغير بأن صاحب هذه المنشورات هو ممن أخذت التقوى منه مبلغا وأكل الورع على قلبه وشرب!

ثم تطالعنا الصحف أيضا بخبر غريب ألا وهو اعتداء سائق توكتوك على سيدة تبلغ من العمر 69 عاما ومحاولة اغتصابها بمنطقة البساتين.

وهذه النوعية من الجرائم تكذب بشكل فاضح كل من يقول بأن جريمة التحرش سببها ملبس النساء، وتهدم نظرية "الحلوى المكشوفة" من جذورها، والتي تقول بأن المرأة التي تغطي نفسها لا تجتذب الذباب، والتي تكشف نفسها تجتذبه، وهي مقولة متخلفة ممعنة في حمقها ومدى سطحيتها وتفاهتها وتهافتها، إذ أنه يتم التحرش الجنسي بالفتيات المنقبات والمحجبات أيضا، وخاصة في فترات الأعياد بشكل سافر وسافل حتى أصبحت سمعة مصر كلها في الوحل، كما أن لو هذا الأمر صحيح، فما الذي اجتذب شخص مريض للاعتداء جنسيا على رضيعة لم تبلغ العامين بعد، وشخص آخر أكثر مرضا حاول الاعتداء على سيدة في سن جدته؟!