شارع القبط التكوين1



مارينا سوريال
2017 / 5 / 2

لااتذكر متى تركت بيتى ؟ ربما من شهر من عام لم يعد وقتى يحتسب ..رحل البيت مع من عاشوا فيه يوما وصرت بذلك البناء الضيق استمع الى الاصوات تدخل من نوافذى الخشبية الضيقة..اعيش وسط حارتى الجديدة لااحد فيها يعرف ايزيس بل ينادى المعلمة بتلك البناية القديمة اقدم بيوت الحارة ..هنا فى طابقى الثانى اراقب انطفاء الاضواء ليلا وانا من تخاف الظلام ..الليلة الماضية عادت الغارات الى هنا من جديد لكن لم اركض مثل الجميع الى المخبأ ..ايزيس لاتريد البقاء منذ ان اغلق بيت هيدرا الوعد الذى قطعته لم تستطع ان تحققه ..اشتم رائحة البخور مختلطة بالحيوانات المجهدة وصاحبها طيلة اليوم ..تضرر صدرى كثيرا لم اعد افتح نافذتى قدرالمستطاع ..زالت حديقتى كلما عبرت الميدان تطلعت من خلفى الاسوار لبيت جدى وابى وهناك حيثكانت تجلس امى وهنا حيث ولدت وعشت بين حديقتى التى جفت من قله الاهتمام ..لم اصدق انه بعد سنوات سياتى من ضلع هيدرا من ارضا بعيدة لياخذ بيتاويصيرخرابا لم اصدق ان ايزيس تعيش بعيدا عن بيت هيدرا وحيدة قلت ان صاحب الميراث طامع ولكنه اثبت نسبه كان ابن هيدرا التائه من زمن وزوجته عزيزة كان ولد انجب ولدا لم ينسى ان هذا البيت بيته ايضا ..اصبحت القاهرة خانقة تعدت المليون ولكن الفتيات المتعلمات لميزدن بالقدر الكافى لكل هؤلاء ..رحل من رحل وعدت لمدرستى بعد الثورة ..فقدت ايمانى بحزب الوفد وجدوى الحديث فى الصحف ماتت ملكة سعد وبلسم عبد الملك .رحلت فاطمة من بعد الثورة ولم تعد هناك الكثير تغير مرت سنوات لاحظت خصلتى البيضاء الاولى ثم الثانية لم يتبقى لى سوى مدرستى والفتيات .لم يعد الطريق الذى عرفته من قبل اراقب عربات الترام المجهدةمثلكل شىء فى القاهرة الان .اثار الحرب على كل وجه .اراقب مسز سارة وهى تضرب الحارة الضيقة بسياراتها فيات لميكن يملكها سوى ندرة من المصريين جوار الاجانب بها بينما عربات الكارو تغزوالحارة من الجانبين وصياح بائعى الخضروات لاينتهى ..لم تكن قادمة لايزيس التى عرفتها من قبل بل لعجوز متهالكة خائفةمن الحرب مثلها برغم انها فى القاهرة وليست فى لندن ..فى اخر زيارة لها ابلغتها انها خائفة الاتصالاتقد قطعت مع لندن ولايمكنها التواصل مع اخيها البرت وزوجته منذ سنوات عندما قررت سارة القدوم الى الشرق واستكشافه لم تبارح القاهرة وقررت العيش فيها هناك فى مكتب ملكة اسعد تعرفت عليها كنت اغار من سارة هى تسير رافعة الراس ربما حققن نحن بعض الشىء فلم تعد النساء تغطى وجوهها بعد ان رفعت هدى هانم شعراوى ومن معهن غطاء الوجه ولكن نزع غطاء الوجه وحده لايكفى ..اتهمتنى فاطمة بالجبن لانى لم اكن واحدة منهن لم اشارك فى تظاهرات النساء برغم انها كانت مأمنة جيدا لاازال احمل خوف امى..
كنت اغار من نبوية موسى واراقب تقدمها فى عملها ومقالاتها فقداصبحت ناظرة المدرسة بينما تقدمت انا كمعلمة فى السن الكل يتحدث عنها ويتابع ما تكتبه لها الكثير من الاعداء فى نظارة المعارف اعرف فهى فى النهاية امراة لكنها واصلت كتابة كل شىء كل ما يحدث معها..فكرت الان كيف تراقبنى امى فى الاعلى ايزيس التى اضاعت كل شىء وتركت البيت خرابا ..متى اخرج متى ؟!

تراقبنى من الاعلى لاتزال ايزيس كما هى ساخبرها عن رحيلى الى لندن اعرف اننى صديقتها الوحيدة ومارجريت الان كليهما ستغضب منى لكن لايمكننى البقاء هنا ولندن تتعرض ربما للقصف الان وامى وحيدة وربما اخى وزوجته وطفليه محاصريين الان ستصالان ستصرخ ايزيس بوجههى وتتهمنى بالجنون وتردد كيف ستسافريين والخطوط الاتصالات مقطوعة بينا ..سأجد طريقى ..منذ ان دخلت الحارة علمت ان ايزيس تعانى الخوف اكثر ..كثيرمن النساء يتحررن الان لكن هى لاتزال قابعة فى ملابس الملعمة فحسبولا تريد الخروج فى اخر زيارة لها جلبت لها اسطوانة جديدة لانسة ام كلثوم اخبرتها انها ستحب صوتها كثيرا كما فعلت انا فلديها صوت قوى وكلمات شاعرة منذ ذلك الحين وهى تطالبنى بمزيدا من الاسطوانات احضرت كل ما وجدت لها ..قلت لها ان هناك صوتا اخر وجدته لاجلها اسمهااسمهان انها ليست من مصر بل يرددون انها اميرة من جبل الدرز هى تغنى برغم عادات اهل الجبل فهمت ما اريدقوله ادارت الجرامافون من جديد لنسمعها ونحن نرتشف قهوتنا ..مارجريت ايضا احبت صوتها
.تناولنا العشاء فى فندق شيبرد واخبرتهن على ما عزمت قلت لهن ليس وداعا ساغادر واعود بعد انتهاء الحرب
ردت ايزيس ومن يعرف متى تنتهى الحرب هل تقولين وادعا الان يا سارة كلتاكما سترحلان الان
مارجريت:انا لن اغادر احببت هنا مثل هناك اعلم انى ولدت هناك لكن لن اغادر سأعلم الفتيات رائحة تلك المدينة اصبحت رائحتى كيف اغادرها
ساعود يا ايزيس انظرى يمكننى ان اجد افضل الازياء لدى شيكوريل وشملا والصالون الاخضر القاهر لم تعد كما كانت فى الماضى حينما اعود ساجدها مدينةاخرى ايضا احب ان استكشفها من جديد حينها وربما اجد ايزيس اخرى ..ساشتاق للبن المحمص والحلويات هناتعرفين لقد طبق تقنين التموين بانجلترا ربما لن اجد زجاجة شمبانيا فاخرة مثل تلك انها من فلسطين حينما اعود ساذهب الى الجلجثة والكنيسة سنذهب سويا لقد وعدت امى ان افعل حينما قررت ان اغادر الى الشرق .
لم تخفى سعادتها حين علمت بفشل وسائلى فى السفركانت الحرب قد بدأت واصبح هناك قصف على بريطانيا بينما انا هنا لااعرف سوى ان اسرتى قد هربت الى الريف بعيدا عن لندن بعيدا عن الخطر ..اشعر بالذنب وانا اجد الزبد والسكر وانواع من البرتقال وانواع الخضروات التى تزرع فى الدلتا بكل احجامها وانا اعلم انهم هناك يقتصدون فى تناول الطعام بعد فرض تقنين التموين ..كان ريتشارد عابثا مثلى انه موظف بالسفارة البريطانية بالقاهرة تعرفت عليه منذ ثلاث سنوات فى حفل للجالية الانجليزية كان كما اتمنى طويل وعريض اكتسب سمرة اخبرنى انه عاش فى منطقة الصحراء بعض الوقت لم يخبرنى بالمزيد قال ان هناك الكثير من الامور السرية بعمله ولم اشك للحظة فى ذلك او طبيعة عمله اردت الا افكر فى انه مواطن بريطانيا يعمل لمصلحة بلده والتى ولدت فيها ..انا من هناك ومن هنا اخبرته كثيرا كان يصمت ثم يجيب ان من هناك فحسب نحن نعمل من اجل وطننا فى كل مستعمرة نرسل اليها فى خدمة بريطانيا والملكة انه ليس شعار بل حقيقة اخبرنى انه من عائلة كانت تعمل خدما فى قصر باكينهام وان جده كان يخدم الملكة شخصيا وقد توارث الابن عن ابيه بعمله وانه الابن الثالث لابيه والاصغر الذى قرر السفر لروية العالم قبل ان يحبس داخل القصر وتكون مهمته هى خدمةالعائلة المالكة اخبرها بغضب جده وابيه منه لانه لايحترم العمل الذى توارثته العائلة انه لايعلم كيف تكون حياة الخادم بالقصر الملكى انها رحلة طويلة على الخادم ان يخوضها حتى يرتقى ويصلح لعمله انه عالما اخر حيث ترى ربما ما لايجب ان تراه او تسمعه ..لكنه هرب من كل هذا وذهب الى افريقيا والجزائر وفلسطين والاردن قبل ان ياتى الى القاهرة ..لم يخبرها عن رحلته فى الصحراء او كيف اصبح يعمل فى السفارة البريطانية لكنها علمت ان عليها الا تسأل .
هل يمكن لايزيس ان تحب ؟ قالتها لى مستنكرة لم اخبرها عنه او كيف حدث هذا احببت ان احتفظ بذلك اليوم الى نفسى هى لن تفهم وليس على احدهم ان يفعل ايضا لم اكن اعرف انه عسكرى كان يتدى زيه المدنى فى احدى الاحتفالات اعتقد انه يونانى كيف لم اميز انه انجليزى تذكرت مسيو هانت الذى كتبت امى عنه فى السابق ربما لدى ميراث فى دمى ان احب الغرباء عنى حبا لن يحتمله احد فالكل يحتمل وجود اخريين هنا من كل الجنسيات لكن عسكرى انجليزى لا..الملعمة المصرية التى تحب عدوا مستعمرا صوت فاطمة يرن فى اذنى بعد سنوات لاتريد ان تتركنى بعد كانت تخبرنى بما لااحب ان اسمع ولكن انا احببته فقط احببت الانسا وليس العسكرى كلانا ولد فى وطن واصبح جزءا منه ..كان يضحك عندما اقابله مرتدية الملاية ومغطاه الوجه كان يسميها الزى التنكرى هناك بعيدا عن الاعين التى تراقبنى فى حارتى لم اعتد بعد على ملاحظات الغرباء كانوا يقلون المعلمة فحسب عندما سكنت هنا قبل سنوات كنت احظى باحترام الموظفين فيها ممن لديهم فتيات فى المدرسة يتعلمن اما الاخرون فكنت اسمع نكاتهم اللاذعة ونسوة يتهامسن ويضحكن بصوت مرتفع ..لم تجد زوجا لها كيف تمنع من الزواج لما تريد واحدة الاتتزوج لتصبح معلمة ؟ لما اتت الى حارتنا ؟لولا زوجة نصحى افندى الذى وجد لى هذا السكن بالقرب منه لما استطعت العيش بعد ان تركت بيت هيدرا.كنت اذهب معها كل احد الى حيث القداس بالكنيسة مارجرجس لى سنوات لما اذهب ولم تكن امى او احد اخوتى يفعل ..اعتدت الذهاب معها كل اسبوع فى اجازتى الاسبوعية وبعد الظهر كنت اراه انه بروتستانتى ولكن لم اهتم سوى به فحسب فان تخطيت كونه عسكرى انجليزى يخدم فى الجيش وحدها سارة علمت بالامر كانت تردد انه الحب وحينما اخبرتها اننى فكرت فى ترك عملى كانت تبتسم