شارع القبط التكوين6



مارينا سوريال
2017 / 5 / 4

خرجت من محلات روبرت هيوز لاحذية عادت ايزيس ابنة هدية مثل ما كانت فى الماضى ..شعرت بالراحة كان عليها ان تسرع بسياراتها قبل ان تغلق المظاهرات الشارع من جديد ..لاتدرى لما مرت على كاتدرائية القديسين فى بولاق وتذكرت زوجة سمعان هيلانة واصرارها على الذهاب اليها كل احد ..
العجوز اراد العودة لبيت هيدرا والموت ..انه مثل كل من ولد فى هذا البيت يعرف تمام ميعاد الرحيل وحينها يرحل فى هدوء فى اروقة البيت الواسع كذلك حفيد عزيز فعل وهناك فى المساء كان خادما برسالة يدلف الى بار شيبرد يبحث عن الشخص الموصوف ليرسل اليه برسالتها ..من قال اننا نعرف انسنا ؟ بل كل بضعه سنوات نتعجب كيف كنا واصبحنا كذلك ايزيس هاقد ضاع منها البيت وسكنت شبرا واختلطت بالاخرين وعاد اليها بيت جدها من جديد ..نزعت عنها ثياب المعلمة وتزوجت لاجل امنية تمناها غريب بيت هيدرا والان هو هناك بذلك الفندق الخاص لانجليز يرتاده كما قيل لها بشكل يومى ويسهر فيه حتى الصباح يقال ان من اراد معرفة الاوامر القادمة فى الصحراء سيعرفها هناك فى الليل ..كما قيل للخادم اتجه الى البارمان السويسرى جو وسأله فأشار اليه انه فى الرواق الغربى حيث تمثالى الكاهنتين الابنوس ..
لم يعد صوت فاطمة يعود فى الليل اختفى مع ابنها الاكبر الذى قبض عليه فى احدى التظاهرات لم يعد اصبح الثانى مثل ابيه ..
كان اخرها ما يربطها بحفيد عزيز هو حصانه المسن لذا ارسلته لمستشفى بروك تلك المراة المجنونة ربما احبتها هدية لو كانت على قيد الحياه هى ايضا كانت تحب قططها كثيرا وتدللهم مثل اطفالها حتى خافت عليها امها واخذتهم فى الليل بعيدا عنها وباعتهم من يوم لم تربى هدية حيوان لديها مرة اخرى حتى لايختطف منها فى الليل لوكانت حية لضحكت من دورثى بروك التى تشترى الجياد المريضة وتطعمها جيدا قبل ان تعدمها حتى انها صنعتها مع جياد الحرب التى كانت لدى الجنود البريطانين فى الشرق ثم انشأت مستشفى لعلاج البغال والحمير لفقراء المصريين مجانا ..لذا صبيحة يوم وفاته ارسلت حصانه الذى عامله بدلال وكانه ولدا وحيد لديه ..لو فكر بالانجاب لما تزوج ايزيس تعلم هذا اراد ان يكون بلاذرية بلاشأن اخبرها انه اقسم على هذا فى شبابه وحافظ على قسمه ..كل يوما يقتل المزيد فما حاجتنا لاطفال لنضعهم فى عالما ربما يعذبهم ..
كانت وحيدة من جديد فكل من اظهر صداقته لانجليز اصبح منبوذا ..لكنها لم تعتقد فى مشاهدة المدعوة الكسندرا امامها من جديد منذان رحلت باشيائها الباقية بعد ان اقسمت ان تحافظ على قلادات هدية قدمت تلك البولندية واختطفتهم ليلا ..لولا عودة عزيز لما استطاعت ان تنسى انها اضاعت ما تبقى من هدية..اقسمت انها ستعيد قلادتها ولكن بمرور الوقت شعرت بالخوف والوحدة من جديد تحاوطها فسارة ومارجريت غاضبتان منها انها تخاف منهما هل هما لصتان لتتهمهم بالسرقة ..عرفت انها لم تعد معلمة ليس بعد الان غاضبة نادمة لانها كانت منهن حتى تلميذاتها نسيتهن تمام وكأنهن لم يوجدن فى حياتها يوما حتى كان ذلك العشاء فى شبرد هالة حسن مندور اخر تلميذاتها ..اختبأت منها حتى لاتراها ما لخطأ فيما تفعلين ايزيس انها لاتعرف سوى الخوف ماذا لو رأتها بملابس السهرة بعد سنوات لاترتدى سوى زى المعلمات لاتخفى غضبها من ادارة انجليزية للمدرسة ..هاقد تركتها ماذا يريدون منها ؟رددت وهى تعبث بالمياه فى دورة المياة ..الفتاة رأتها حدقت بوجهها رات حاجبيها يرتفعان ترى بماذا فكرت هل احتقرتها الى هذا الحد ؟ولكن هل المعلمات مقدسات لسن من البشر اوليست امراة ؟ ولكن لاايزيس فى الاربعين امراة عجوز ووحيدة من دون زوج او اولاد او عائلة انها وحيدة وكان لعنة اصابت بيت هيدرا لتقضى على كل فروعة الباقية وتتركها فى يد امراة وحيدة لتنهى بيدها اخر الفروع لقد مضى الوقت ولن تستطيع ان تعطى ذرية لبيت هيدرا ..ستموت ويموت معها البيت هل هذا ما يغضبها من الفتاة ؟ لا تدرى مما تخجل كل هذا القدر تضرب المراة بالمياة وكانها تمحى الصورة تنفست اغمضت عيناها لتخرج كان تشارلز هناك حيث تركته يراقبها بقلق لم يعتد ان يسالها فهو ينتظر ينتظر لانه يعرف نوبات غضبها السابقة تلفت من حوله سألها هل نغادر الان؟ عبست لا عليك ان تقابل الكولونيل كما اردت الى متى سيتجاهلون طلبك ؟ كانت خائفة ماذا لو نقل لجبهة القتال هناك فى اوروبا تعلم انه لن يرفض فرفضه جبن فى الدفاع عن وطنه انه هنا فى بلد ثانى يؤدى مهمات لاجل وطنه الام بينما هى هنا جالسة الى جواره لاتدرى ماذا تفعل ولكنه تشارلز فرصتها الاخيرة حتى لاتكون وحيدة تفكر سيجد فتاة انجليزية صغيرة يمكنها الانجاب وسيترك ايزيس وحيدة مع امراض الشيخوخة ستموتين من الخوف والوحدة مثل مى زياده ستفعلين وربما تبحثين عن طعام من الفتات لم يترك عزيز كثير من مال كان مجنونا يزهد مال والطعام والنساء قال بيت هيدرا لابد ان يظل طالما هناك فرد منه لايزال حيا فتزوجا ..
تراقبها ترقص من بعيد مثل الفتيات الاجنبيات مع احد الظباط تشعر بالقشعريرة ..تعلم انها تغادر من تلك الفتاة الصغيرة الفتاة التى ارادت ان تكون عليها ..لايجب ان تلتقى عيناها مع تلك الفتاة وتفكر هل سقطت من نظر الفتاة ماذا ستقول عنها عجوز متصابية ام خائنة تعلم انها سوف تكون فى نظرها خائنة اما ماتفعله هى فهى امورطبيعية لفتاة مثلها ..كانت تعلم ان تلك الفتاة ستتزوج من احدى الباشوات لن تكون الزوجة الاولى له بل الثالثة لذا تستمتع بما تستطيع الحصول عليه الان..ليسوا خونة فحسب لانهم يتعاملون مع انجليز بل ايضا امام اخريين ينتظرون قدوم الالمان ..هى ايضا تفكر ماذا سيحل بهم اذا حدث هذا ؟ هل ستقتل ؟ اخبرها ان دخول هتلر الى هنا سيكون اخر ما يراه فى هذا العالم وهو صادق هل ستفعلها حينها ام ستخاف وتنتظر ان يقتلها احد جنود الالمان او ربما اسوأ من هذا ..اتلك هى حياتك يا ايزيس خوفا لاينتهى قلقا من كل شىء وكل احد يقترب ربما هو عميل للالمان يخبرهم بكل شىء عنهم وسيعرف انها حبيبه ذلك الظابط الانجليزى الذى يتحدث مع قادة ويذهب الى احتفالتهم الخاصة وهى بصحبته ..هل ستشرب معه من ذلك السم الذى احتفظ به لتلك اللحظة التى لن يخون فيها فردا فى الجيش البريطانى لينجو بحياته من يد الالمان ام هربه الى منطقة بعيدة فى الصحراء اخبرها مازحا ذات مرة ساعرفك على حبيبتى البدوية ربما نعيش هناك معا بعيدا عن كل هذا لاتعرفين السحر الذى يفوتك هنا اتعليمن ربما نعيش بالقرب من المعابد منذ زمن تمنيت ان ارى الاهرامات المصرية وان استكشف حضارة الفرعون لكن طريق اخر اراده له القدير لاخدم به بريطانيا ومن يعلم ربما ذات يوم تتنهى من تلك الحرب وحينها سنرحل الى هناك استرحلين معى حينها ام ستخافين من الصحراء مرة اخرى؟ يخبرها ان عزيز المصرى يفضل الالمان وهو معلم الملك فاروق فلا امل لو دخل الالمان بالنجاة اذن ..سترحلين معى ؟ الى الصحراء قالت فى تردد قال ماذا يخيفك هناك اخبرتك انه مكان لامثيل له وسنعرف عن حضارتك ايضا ..هيا انت لست مثل بقية النساء انت ايزيس لو لم تكونى هكذا لما احببتك ولما كنا الان نحب بعض فى مجتمع يرى هذا الامر معيبا لك لاتخافين منى وتخافين الصحراء..اخاف الليل الصحراء مظلمة لايمكن ان اعيش فى الظلام ..ولابالقرب من معابد الاموات هنا موتى دفنوا جثامين انا لااذهب الى المقابر ..الموت عدوى انا ايزيس الا تفهم هكذا اسمتنى امى انا وهى نكره الموت
ولكن معى لاموت بل البقاء حينها هو الموت هناك بشر مثلنا يعيشون جوار المعابد وهو احرار بلاخوف ..من سيعرف انك مصرية سنقول زوجان اجنبيان سنختفى هناك وسط العشائر فقط قولى نعم
على ماذا ؟ لاتزال الحرب مستمرة ولم ينتصر المحور بعض
ولكن لم تقولى انك سترحلين معى مثل المرة السابقة اتعلمين انت لن تفعلى ربما تهربين من النازى ولكن لاتهربين مع تشارلز الى الصحراء ..انت امراة مجنونة
عاد ليختفى من جديد كلما شعر بالغضب منى انه رجل لايحب الصراخ فى وجه امراته كثيرا عندما يغضب يرحل فى هدوء ثم يعود مثلما رحل من جديد بمفرده ولكن كما كان فى السابق ..لايشبه ابى او اخى او احدا من رجال بيت هيدرا ولا رجل مما اخبرتنى عنه زميلاتى فى المدرسة ربما لهذا احببته لانه لايشبهم لو كانت هدية هنا لاحبته مثلى ..من يعلم لو هربت منذ زمن اى حياة كانت ستكون لها فى تلك الحرب هناك..سيعود ربما بعد يوم او اسبوع او اثنين او حتى اشهر ستنتظر هنا فى بيت هيدرا وسيعود حامل باقة من الورد ..ولكن ماذا لو غادر لبريطانيا الان او احد مهماته الطويلة ماذا لو لم يعد ثانيا ماذا لو دخل فى غضون ذلك الوقت النازى الى الشوارع ماذا ستفعل هل ستختبأ فى سرداب بيت هيدرا الى الابد وتموت هناك وحيدة ولن يكتشفوا جثتها سوى من الرائحة النفاذة وربما يتحول هذا البيت لسكنى الالمان وينتهى اسم من بناه الى الابد ..لما لم تقول له عنم فحسب ارحل معك ماذا دهاها لما لاتقولها انها مجرد كلمة لااحد يعرف متى تنتهى الحرب ولمن؟ الكل ينضم لفرقته الخاصة به..
ولكن الصحراء ..لايمكنها ان تعيش فى العراء لاتتحمل برودة الهواء ولا ظلام الليل ولا اخريات يكن بالقرب منه انه ليست واحدة من نساءه انها الوحيدة التى لابد ان يكون معها ..لاتريد ان تعيش فى قبيلة بل مدينة ولا بيت سوى بيت هيدرا لتسكن فيه منذ ان رحلت عن تلك الحارة لم تفكر بزيارة اهلها برغم اخبار ابن هيلانة التى بدات تنشر فى صحف الوفد انه عضو شاب بارز ينزل المظاهرات ويلتف من حوله الشباب سيكون مثلما ارادت له سيعلو شانه ربما يصير وزيرا او رئيس وزراء مثلما حلمت ..