ربا مسلم الجزء الاخير



سعد محمد مهدي غلام
2017 / 5 / 8

سألتك هبني ما يكفي من النسيان
كي أتذكر
أن ثمة وطناً يستحق أن نعيشه
هبني أجنحة أرفرف بها فوق حطامي
أنقض بها على النهار
من ثقب أغنية
تتغلب الحاجة والرغبة بالارتواء وتمتزج مشاعر كلي الحس بالفقد والمسك بخاصرة حضور المرجو من الشوق بحرارة تعيد النداء اشد مرتبة في شاهق الطلب وأقسى في ما تطلب لكون المقبلة عليه موقف وصال .هنا تقارب ، تجاور تماس مع الآخر ولذلك تطلب لتتمتع باﻻرتواء تريد أن يهبها كما من النسيان للواقع والمتحصل
من هوجاء الخراب الذي يعيق متعتها لان ارتواء يباسها ليس سد حاجة جسد وحسب ولا إقفال أحضان ذراع تطوقها لتمتاح الحنان وتشبع الشوق. هي تريد أمان السكن وأمان الأبناء حكاية عن طلب وطن معافى سليم . ينقل جمال الغيطاني عن أودونيس*التعبير شعريا بما أصطلح على تسميته ب"قصيدة النثر"أمرلا عودة عنه ،
فهو ليس جزءا من أشكالنا الشعرية وحسب وإنما هو كذلك جزء من لغتنا الشعرية ذاتها والشعرية لا الوزنية هي ما يميز اليوم بين قصيدة وزن وقصيدة نثر *نأخذ على هذا القول ،الكثير ونشكل عليه لانه إقتصر الآمر على التوزين ، ونحن لا نقول ، بذلك بل نقول ، كلية المنجز النصي لقصيدة النثر مختلف عن أي نوع شعري آخر .وسنقدم دراسة رغم إننا قدمنا عشرات الدراسات ولنا كتابين فيهما دروس عن رؤيتنا لقصيدة النثر .ولكننا وجدنا الحاجة للتوسع الخاص بتقنيات الجنس وخصوصا بالتمييز بينه وبين الشعر الحر. البعيد البعيد في قصيدة النثر ملموس محسوس بالتخاطر والتراسل والتواصل الباراسيكولوجي . لا جنس يمنح ذلك . في لحظة وصال واتصال تريد *كي أتذكر /أن ثمة وطنا يستحق أن نعيشه * يتبادر للذهن المعوق في هذا برود ذهني بالتماهي مع حالة الوصال ولكن شاعر النثر إنسان دون أغطية ودثار من أكاذيب وتغليف لدواعي تصريف سلعي . هو هكذا الإنسان . لو كل من المخلصين للاوطان وهم من العشاق لو هم من الشعراء لنقلوا لنا هذا التجاور وهذه الحواضن لمتناقضات متجاذبة ومتنافرة ، دون قصور في الأداء الفسلجي أو الفيزيولوجي لأداءالوظائف المؤدية للإشباع المتبادل مع الآخر .
ربا تطلب ان يهبها أجنحة في جذبة أوركازم أو تجاوب حميم أو حس بالنشوة . ولكن كل ذلك لم يوقف لهف ولا اسبغ على لهفتها منع الإستعصاء تريد أجنحة ترفرف بها فوق حطامها متحصل الاحتراق؛ الرماد . تريد -هنا تناص غاطس- ترتفع خارج رمادها مزدوج المبتعث هو جراء الإشباع وهو حاصل مايجري لوطنها
هو منتج الرضا عما حصدته في اللقاء وهو مآل ما أصابها جراء ما حصل لبلدها ووضعا في حيرة وذهول أوقف إتمام لهفتها ..تطلب البعث لتنقض على النهار نلاحظ أنقض فعل عنفي على جسد باعث للحياة والوضوح تلك متناقضة ما تعيش.
ما تبتغي ؛ثقب أغنية تعيد ما مر من جديد في اللقاء الحميمي لان اللهفة لاتزال تلبسها بفعل الاستعصاء ولوطنها لانه يرزح تحت نير ما يحصل ، هي تريد الأغنية قارب تعبر به بحر النار وتعلم إنه
واسطة تأكلها النار هكذا هو الإنسان لا يكف عن الأمل واليقين في دوامة الشك ليواصل الحياة ...

أين يمتحن الحب ...؟
في الحرب .....
أم تحت ظل قبلة.....؟؟
يقول ، إيجلتون في النظرية الأدبية *يستطيع الناقد الأدبي أن يسبر طبقات النص المنفتح Secondary revisionويكشف شيئا من النص التحتيsub-textالذي يخفيه العمل ويظهر معا في ذلك شأن أمنية لا شعورية ، وذلك بأن يلتفت النقد إلى ما يبدو سكوتا عنه * الرد الإنشائي بالعمل الأدبي تجاوز الخوانق التي لا جواب لها . نلوء إلى عوالم اﻵسئلة الكونية الحيوية . لم ترغب في التعرف على الحب في كل معانيه جربته . تريد معرفة نوعه وكمه وكلية الماهوية فيه . تريد أمتحانه فتسقط همها المتعس بسؤال لطالما تعرض له كبار العشاق وكبار من بحث في التأطيرات الأنطولوجية ، هو الحرية والمصداقية .هو المصيرية في اﻹجابة المحرجة لان أي جواب هو حيرة مضافة تعاظم المأزق الكياني .د. السيد إبراهيم في المتخيل الثقافي *فالعمل الأدبي ما هو إلا تعبير عن عقل الكاتب الباطن .ومن ثم يجب معاملته معاملة الحلم وتطبيق تقنيات التحليل النفسي عليه للكشف عن دوافع الكاتب الدفينة وأمنياته المقموعة * وسبق لعالم النفس الفرنسي لا كان *المرتبط بعلم نفس الانثروبولوجي الثقافي والبنيوية اللسانية أن أكد بشدة على أهمية التمييز بين الرغبة Desireوالحاجة Needوالطلب Demand أين تقع اللهفة وهي حدوث الحاجة لطلب إشباع الرغبة وأي عائق هو فعل منع هو اﻻستعصاء .هو عائق القمع القسري الذي يولد الألم بالحصر والفقد والمنع تخرج مرحلة نظرية المرآة في العقل الباطن لا ثبات الذات ومحاولة الآخر في اﻹسقاط الحواري الداخلي وإحداث فعل الإنجاز الحلمي وهو معطى الإبداع الشعري. وكلما كان سلسا تلقائيا لا تجعده تموضعات ما تتطلبه اللغة
كلما كان انجع في تليين ما يعتورنا من شعور بالإحباط . الإبداع يوظفها لتمسي أدق في تنفيس الإحتقان الحسي بالإضطهادي عند الشاعر ونقش ترميز ما تحصل تكسبا ترميزيا عبر إبداعه المطبو ع كأوشام على القراطيس أو المفرج عنه بالكلام . تكون العاطفة والمشاعر الجنسية والحسية تكيفات وتأطيرات بروازية منفلتة كألوان في لوح التعبير الأدبي والفني . وتكون عند الأنثى لدواعي الحبس الجندري أوضح .يستوقفنا البعد الجندري الذي نحن نبحث عن حيثياته في عطاءالمبدعين اﻷنثوية الطاغية في نصوص ربا مسلم *يطبعها الرضا والقناعة وقد يكون مبعث ذلك ان المقابل النوعي لها مكمل يلبي مكنون ما تتطلبه .هو فعل الحب ، عبر التاريخ . وحتى هذا لم يوقف بحثها عز مصاديق ما جعل الغصة تلازم الفرح ولهفتها عاصية . فتوجه سؤالها الذي يخرج عن تأطير الأدب والشعر بل عن حيرة الإنسان العادي . أين يمتحن الحب .في الحرب أم تحت ظل القبلة ؟ في حديث للرسول ص* -القبلة سلطان لولوج عالم اللقاء بين الذكر والأنثى...فالمعنى للحب الذي تعنيه ربا مسلم هو ليس بالمفهوم الشرقي والمعجمي .إنها تريد به لقاء الوصال وهو المرحلة الأكثر تقدما في تمدد فكرة حضور الحب .ولذلك تكمن متضمنات السؤال هنا في أين يكتمل الحب؟ مجرد تقديم السلطان، خاتمة عبورسجف دخول
الوصال .يطيب الوصال ؟ بل أترى يكتمل تحقق الحب بمجرد دفع
السلطان ، الإمتحان هنا كنه ما تطلب الإجابة عنه ظل السلطان كاف ودليل على صدق ما قاد للوصال أو في الحرب والموت
والتصادم والدمار وركام الحطام تتوقف حياة الناس أم هو أختبار
ﻹنسانيتنا ، هو استعلام خارج المدار الجندري ، ﻷنه لا يمثل
أنثى ولا ذكر هو موجه للكائن البشري من كائن بشري لا السائل ولا المسؤول متعين الجندرية . هو النضج ليس الشعري بل الإنساني والوعي المتقدم لأنثى غير معنية بالحراك للتحرر من ربقة التمييز والفصل العنصري جندريا للمرأة عن المجتمع الذكوري لم تبال بالعرف والقانون وبعين الوقت لم تخلع عن ذاتها التقيد والإنضباط ، حصن قيادها حب وطنها وتصلب قناعتها بصدقية القيم للمجتمع لوطنها ، وإن لم تتخل عن الحب واللهفة للقاء والوصال بل وضعت الشرط الإجابة عن أين مكمن الصدق في المقاربة لما يحصل أم هدر ما يحصل وأقتراف العشق والمضي قدما إلى خواتيم ما يؤول إليه الحب الطبيعي دون توريات ومواربات ومخاتلة ؟ هكذا بكامل عريه البشري .ولذلك ما يتمخض هوالآخر
سيكون مجردا من الأكسية والأقنعة هنا الموقف وهنا حقيقة مايتوجب بحثة وهو من علامة الرفعة المهذبة للفكر الذي تتكأ عليه
ربا مسلم * . ووجدت ضالتها في طرق الدرب الذي يقود لتجسيد
موقفها هذا الجنس دون ان تكون مجبرة إلى تقريرية أو نوع من الأجناس التعبيرية غير قصيدة النثر . هذا مكسبها الملموس والذي يدفعنا لنقول، لها عززي مكانتك فيه فالشعر الغرضي الحر أو الخواطر الشعرية ، لست مضطرة إليها إلا أن كان متوجب لضرورة وهو ما يقوم بها غالب شعراء العالم ، ولكن يمكن لك أن تشملي كل مراميك ومبتغياتك عبر هذا الجنس . وهو يحتاج إلى
تعميق الفكر وثراء المعرفة أبستمولوجيا واستحضار كلية معطيات ما تقدمه الأنثروبولوجيا في متناولات العصر مابعد ما بعد الحداثة (نقصد الراهن العصري) وتمتلكين المؤهلات عليك تعميقها . ولا تلتفتي لتأشير العابر والمغرض والفقير في الفكر والإيمان بمجمل خط ما تؤمنين ، وبذلك تنجزي التقدم في الجنس الأدبي وفي الحضور عند خط شروع الدفاع عن وطنك وفي التموضعات المتقدمة في صراع الجندر والذي سواك ربما لا يمتلكون أ صل المحفز على الإقدام وهو السليقة المطبوعة وجزالة
اللسان ، والتحرر في شجاعة الإفصاح عن مكنون الشعر حتى في
المسكوت عنه ....

سألتك اسحب ظلك من طرق
تتلوى من وقع خطاك
يا رجلي يا لوزي وسكري
مات الذين أحبهم
وعزائي
سيعيش وطني
يقول د. عبد الرحمن بدوي *في الزمن الوجودي :لان اﻹمكان
الحقيقي هو ذلك الذي في مقابل الواقع أو المتحقق أو ما هو بالفعل
،وهما لفظان متضايفان ،فلا معنى إذن للإمكانية دون الواقعية . *شاعرتنا سارت في النص سير الممكن المتحقق مع تحميل مشتغل بالفطرة الذكية والأريبية لتطرح ذاتها كأنثى وتتعاطى مع الحب في معناهوالبشري دون لف ودوران خاصت في الحواضن الوطني وحضر البعد البيئي وكانت الأنثروبولوجي في كل حراكها السايكولوجي والسوسيو لوجي وحتى الثقافي متواجد داخل حركة الدوال وأنزلاقات البؤر لم تفقدها سطوة قيادة موضوعية ما تحققه قصيدة النثر كثافة كما في إستخدام أسم
مثل الحب أو فعل مثل أشتهى تحديد في زج الضمائر وإقتصاد
أدوات التشبيه أو العطف والإستدراك والتوظيف للمعنى العامي وألباس مفردة معجمية إياه ....إلخ لا قسرية إيقاع ولا تنغيم أمر سجلها يتطلب منها الإصغاء مليا لمتطلبات هذا الجنس عبر تعميق
الفهم وإثراء المعرفة والتوسع في النأي عن التداخل لتنعيم مدببات التراكيب والومضات والمداميك . والإبقاء على عفوية المفردة وعلى عذرية سوقها دون صقل ولا تدوي زواياها ....
تعرج لتطرح أمر مداف بكأس مترع بالنعومة والمذاب القناعة وتكون واثقة من إن المقابل أرضته تقول ، له: اسحب ظلك من طرق /تتلوى من وقع خطاك . ولانهوتعي حساسية الأمر في مجتمع ذكوري تحيط طلبها الأمري بهالة من الدلع والتهشيك للمقابل مع التغنج ليقبل دون تمنع وبلا شعور بجرح ذكورته بدوي *في نفس المصدر المشار إليه يقول : ما ينسبونه إلى الحب من أنه فناء للذات في الغير ليس بصحيح إطلاقا
، إذا فهم عل أنه فقدان لوجود الذات ، بل المحب يحيل المحبوب إلى طبيعته ويقينه فيها ،ولذا يتصور ه دائما عل نحو ذاته :فالصورة التي لديه عن هذا الغير صادرةعن ذاته وتكاد أن لا تتشابه في شيءمع صورة الغير الموضوعية ؛فعشيقنا دائما من نسج خيالنا ،أو بعبارة وجودية ، عشيقنا داخل وجودنا وعنصر مكون له في ذاته * أننا درسنا النص بتقويضه وطرد اللوغوس منه بمعنى مفهوم السبقية للكلمة المنطوقة استبعادنا كرسناه لما يفسر العربي فيه اللوغوس بإعتباره تمركز المنطق وتسليط البساط الجمالي ، ولذلك تعملنا كديدننا مع النص منجز لا يتحقق كصيرورة نصية في محليته بل في عالميته Universality والمحلية في سوق الإبحار إلى أبعد الأعالي في المحيط ومغادرة الجروف القارية للمعطيات اللسانية حينها لا مبالغ في أن الوطنية والمحلية تعميق إنساني وإنجاز أنثروبولوجي يبقى مدى قصيدة النثر شاسع ليشمل كل المتحقق البشري وعبر كل تاريخه ومصيره الوجودي ، هي منجز ثقافي معولم Cultural G lobalization متضمن النسوية والتاريخاني والبراكسيسية مشتمل على كوجيتو وعلى ألنشنية وإنشطارية ومكتنز بظواهراتية فينومينولوجية تمنح تعويل فهم الإبداع في التجلي التنويري Enlightenmentوتكون معالجاتنا ثقافية ولذلك في كل مباحثنا نهدر مركزية فكرة إرتباط الصوت بالسيمانتيك لا نقر متماهين مع دريدا بان الكتابة ملحق وإضافة على اللفظ وتابع مشتق منه مهمته تبريز مكانة إشارة الصوت علاماتيا . نبحث عن الأثر التفكيكي ولكننا نخالف دريدا في أن الحوار ملزم وفق نظرية القول الفعل والأث والتكرار في الإرجاء والإختلاف الذي مررنا عليه ، والإضافة Supplementنفهمها غير ما يسود التفكير اللوغسي التقليدي بالمنطق ما بعد الصوري والذي نتأسف أن غالب أهل الاختصاصات لدينا لا يزالون يغرقون فيه ومنهم النقاد المهنيون من الأكادميين فتخيب دراساتهم النقدية في سبر كنه قصيدة النثر ..وعوضا عن تطوير عقولهم وتهذيب أفكارهم تخلفوا عن المبدعين بمراحل .ترجمته ربا مسلم * بالقفل المنزلق وتلخيص رحلة ولو
إبتسارية عن مصاعب أوديسيوس ولكنها تختم بأغريقية ، خلاصة
مفتوحة تجيب بثقة ان الكاثارسيس أنجز مهمته .تقول *،مات الذين أحبهم /وعزائي /سيعيش وطني .* ملحمة القفل المفتوح على مدى يسع كلية إنسانية فيها المحلي والقومي والبشري .لنرى ما كان مطلع النص
سألتك
هز بأبتسامتك
غصن وطني الموجوع
وانظر كيف ختمت بتدوير خلاصة ما تمخض عن الرحلة ومقارعة بوسيدونية واستعانة بأثينا بلاس وثمة غوارق . ولكن
ثمة ثوابت رصيف اﻷبحار بالحب لم تحنث بما تؤمن فعدت واقعة إخلاص بنلوبي لتجيب على مطلعها بقول ، يحتمل شساعة تأويل مع وضوح دالي تقول :
مات الذين أحبهم
وعزائي
سيعيش وطني
قد نخصص لها مبحث آخر ضمن سلسلتنا حالها حال من وعدنا بالعودة إليهم إلا من وجدناه لا يستحق العودة إليه لكوننا غطينا نصه وليس لديه ما يتوجب تكرار درس لا جديد لدين أو خالف معايير موضوعية ما يتطلب ممن نضع نصوصهم على طاولة بحثنا ....