امرأتان من العراق



امل كاظم الطائي
2017 / 5 / 9

امرأتان من العراق
واقع الحال
سمعت عنها الكثير لكني لم التقي بها يوما ابدا، وكنت اتساءل من هي هذه التي تتحدثون عنها باستمرار، يضحكن ويقولن فلانة معقولة لا تعرفيها، ارد ابدا لا اعرفها.
لحين التقيتها يوم شابة في مقتبل العمر انوثتها طاغية ولبسها فاضح، مكياجها صاخب كأنها ذاهبة لحفة ليل وليس لدوام وظيفي، لون شعرها غريب وطوال الوقت تتحدث همسا بالموبايل، تخرج وقتما تشاء وتعود متى احبت.
لا تنجز الاعمال المناطة بها ابدا فهي مشغولة بحالها، عرفت بعد مدة انها ارملة ويقولون انها مطلقة وعندها طفلين ،لا ادري متى دقة وصحة المعلومات. لاحظت وجود اشخاص قريبين منها ويأتون يجالسونها اثناء الدوام
- بادرتها بالسؤال ،عذرا من هذا الشخص ؟ مراجع
- لا خطيبي
- آها الف مبروك، الزواج ستر.
- نظرت لي نظرة استغفال ودارت ضحكتها، حسبتني مغفلة...
- سكت ولم ابح لها باني اعرف انه ليس خطيبها، وانشغلت بإنجاز العمل الذي لا ينتهي، احب العمل واقدسه .
- بادرتني القول العمل لا ينتهي والراتب غير مجزي، لم تقتلين نفسك من اجل العمل
- اجبت هو مناط بي وعلي انجازه، لابد ان نعمل بضمير
- قهقهت عاليا وخرجت بصحبة من تدعي انه خطيبها.
- لم ارد عليها كي لا انزل لمستواها، فقط ابتسمت ببرود وقلت، لكل انسان اخلاقه ومبادئه
- والى اين ستوصلك المبادئ، لم تنالي أي من حقوقك، عزيزتي العلاقات كفيلة بحل كل المشكلات.
- صمت ولم ارد عليها، كثير من كلامها حقيقة، لازال الدولة تعاني من الفساد الاداري والمالي ويجلس في قمة هرم الدوائر حاشاكم الله مومسات واصحاب موبقات.
بقيت اتحاشاها وتحاول هي التودد لي، ولكني حذرة بالتعامل، فهذا هو المجتمع يحوي شرائح كثيرة، ولو في الماضي كان لا يقبل تعيين أي شخص الا بشهادة حسن السير والسلوك "لكل زمان دولة ورجال"
غابت مدة من الزمن تساءلت اين هي ؟
قالوا مريضة وعملت اجازات مرضية متتالية، قلت ربي يشفي الجميع، طال غيابها ولكن الامر سيان في وجودها وعدم وجودها فهي لا تعمل اصلا و تأخذ كامل حقوقها المالية، واكثر من شخص يسع لإنجاز عملها ومراضاتها، على رايها علاقات...
تساءلت كثيرا في سري أي نوع من العلاقات والى أي مدى شدتها، لم اجد جواب شافي ولم ارد ان اسرح بعيدا، استغفرت وانكببت على انجاز الاعمال المناطة بي، تلك الاعمال التي لا تنتهي وتزيد يوم بعد يوم، يسموني الجندي المجهول، اكد واعمل والاخرون يستفادون ويعتلون المناصب بالصعود على الاكتاف والنفاق.
في يوم جاء امر ترقيتها، تعجبت ليس حسدا وانما لا تستحق فهي غير مواظبة على الدوام ولم تنجز أي عمل، قال المسؤول استحقاقها ولابد من ان تأخذه.
- صمت وقلت في سري ولكنك لم توافق على تمشية استحقاق الاخريات، نظرت له وفهم ما يدور بخلدي ولكننا لم ننبس ببنت شفة.
- صادف ان مرضت مرض ثقيل وعملت اجازة، لا يجوز هكذا اجازاتك كثيرة ومن ينجز هذه الاعمال، لكني مريضة جدا ولا اقوى على العمل ومن حقي الاجازة المرضية.
- من يبق بالشعبة فلانة مريضة ايضا، مسكينة ذهبت للعلاج خارج العراق!!!
- كيف استطاعت ذلك العلاج مكلف والاجازة وووو
- علاقات يا عزيزتي، تبنى موضوعها فلان وفلان وعملت لجنة طبية وافقت على علاجها خارج الوطن وعلى حساب وزارة الصحة!!!
- وانا مرضي اخطر منها ولا احصل حتى على اجازة! من حقي ان استريح بعد عناء طويل
- علاقات عزيزتي، انت ليس لديك علاقات دافنة نفسك بالعمل والمعاملات!
اما هي فاستثمرت طاقتها وعادت عليها علاقاتها بالفائدة
صورتان حقيقيتان لامرأتين تعيشان بالعراق!!!

المهندسة أمل الطائي