السعودية من الأمر بالمعروف إلى رعاية حقوق المرأة



أحمد محروس
2017 / 6 / 21

كتب أحمد محروس
في بيان صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بهيئة الأمم المتحدة أنه قد تم الاقتراع على عضوية لجنة حقوق المرأة ،وأسفرت النتيجة عن اختيار المملكة العربية السعودية كعضو من بين اثني عشر عضوا جديدا لدورة عمل مدتها أربع سنوات تبدأ في العام 2018 وحتى العام 2022.
وقد أكدت المصادر الإعلامية عن المجلس أن 5 دول أوروبية على الأقل قاموا بالتصويت لصالح المملكة لتصبح عضوًا بلجنة تضم 45 دولة تهدف خطة عملها في المقام الأول إلى صياغة معايير المساواة بين الجنسين، وتعزيز دور المرأة المجتمعي في شتى أنحاء العالم، وقالت هيلين كلارك رئيسة وزراء نيوزيلندا و المديرة السابقة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمرشحة بقوة لخلافة بان كي مون سكرتير عام الأمم المتحدة تعليقا على نتيجة هذا الاقتراع ،أن هناك تغييرًا ملحوظًا في وضع المرأة السعودية ونيلها كامل حقوقها (لكنه يسير ببطء). ،والجدير بالذكر انه وفى وقت سابق كان البرلمان السعودي قد ناقش تعديل عدة نقاط في قانون الأحوال الشخصية بما يضمن حق المرأة الحاضنة تحت ولاية وليها دون تشريع قانوني يضمن استقلالية وحق النساء في تولى مسؤولياتهن بشكل تام،وقد اعتبر القائمين على تلك التعديلات أن ذلك تقدما كبيرا على طريق المساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
لقد أثار ضم السعودية لقائمة الدول الأعضاء بلجنة حقوق المرأة استنكارا وجدلا كبيرا على المستوى العالمي ،حيث أن خبراء حقوق الإنسان في أنحاء العالم يضعون المملكة العربية السعودية في مقدمة البلدان الأكثر انتهاكا لحقوق النساء والأسوأ بالنسبة للمساواة بين الجنسين و تدنى الوضع المجتمعي للمرأة ،حيث يحظر على النساء السعوديات الحصول على تعليم عالي،أو الحصول على جواز سفر بدون إذن ولي الأمر(الذكر) ، كما في الزواج ، والعمل أو السفر،ولا يسمح لهن بشكل قاطع بقيادة السيارات لأن المجتمع السعودي يتعامل معهن كمخلوقات فاقدات الأهلية ،ومواطنين درجة ثانية أو حتى دون ذلك.
وكان مفتى المملكة قد صرح أن قيادة المرأة للسيارة قد تفتح عليها أبواب الشر، ولا تستقيم أمورها ومن الواجب ألا نقر هذا الأمر ،لأنه شئ خطير يعرضها للشرور وخاصة من ضعفاء البصائر الذين يتعلقون بالنساء وربما سبب خروجها وحدها وذهابها إلى كل مكان من غير علم أهلها به شر كبير نسال الله السلامة والعافية(حسبما قال).
السؤال الملح في تلك الحالة هو لماذا وقع الاختيار على بلد لا يراعى حقوق المرأة ليكون راعيا لتلك الحقوق؟؟......والإجابة البديهية هي أن هناك هدفا غير معلنا وراء هكذا قرار لأنه بشكل قاطع لم يكن القرار ناتجا عن قصور معلوماتي عن أحوال المرأة في ذلك البلد وان التصنيف الذي نالته المملكة كأسوأ بلد في معاملة النساء ليس خافيا عن المعنيين بحقوق الإنسان عامة ووضع المرأة بشكل خاص.
إن الولايات المتحدة الأمريكية والتي تسيطر سيطرة تامة على هيئة الأمم المتحدة وقراراتها وأنشطتها المختلفة وتتحكم بسياساتها قد دأبت مؤخرا على التنويه بأن المملكة العربية السعودية قد أصبحت الشريك الاستراتيجي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وبناء عليه فإنها سوف تقدم الدعم الكامل لهذا الحليف كما أنها تنتظر أن يقدم هذا الحليف كل الدعم لراعيه (أميركا) ،وفى هذا السياق لم تستح الإدارة الأمريكية أن تضغط كعادتها على هيئة الأمم المتحدة لتمرر قرارا كهذا في تحد سافر لكل مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية الراعية لتلك الحقوق.
لقد دأبت الإدارة الأمريكية على التفريط في حقوق الإنسان بدعوى الحفاظ عليها، ولم تتوان يوما عن دعم أيما نظام فاشيا كان أو رجعيا ،طالما يصب ذلك في المصلحة العليا للولايات المتحدة ،وهناك أمثله كثيرة على دعم السياسة الأمريكية لدول ومنظمات أو حتى أفراد دأبوا على إهدار حقوق الإنسان وارتكبوا جرائم إنسانية كبيرة كل ذلك في مقابل ما تجنيه أميركا من مكاسب مادية ولا عزاء لحقوق الإنسان.