المرأة العربية: ضحيّة مجتمع ذكوري



ضياء البوسالمي
2017 / 7 / 17

نص: أميرة المستوري / ضياء البوسالمي


ستضاف هذه السطور الى الاف النصوص التي كتبت لمناصرة حقوق المرأة في المجتمعات العربيّة. لعلها لن تغير شيئا ولكنها متنفس للضوضاء التي أعيت مخيّلتي. هذه الكلمات هي مجرّ شهادة على عصر طغى فيه النفاق والزيف. كلماتي رسالة لكل فتاة عربية تكبت رغباتها وترفض التمرّد على السائد، ولكلّ من تتّبع الرّكب ولا تفكّر. لن أناقش فكرة المساواة بين الرجل والمرأة ما دمت متيقنة أنّ هذه الحرب، رغم ايماني الراسخ بوجوب خوضها، الا انها محسومة فصاحبات الحقوق خائفات متخاذلات. النساء في اوطاننا كائن عجيب، تبدأ القصة منذ الصغر عندما تتبجح أمك امامك بمدى سعادتها بإنجاب الولد، اما انت فتكملة عدد. للذّكر دائما نصيب الأسد وان اعترضت أو تذمرت ينظر اليك بعين اللائم. تنتهج الام نهجين مختلفين في تربية ابناءها من الذكور والإناث. من هنا تبدأ بترسيخ فكرة دونيتك وحاجتك لوجود رجل لتكتمل حياتك وان أكبر احلامك يجب ان يكون زوج غني " يصون شرفك ". حياتك قائمة على الرجال او لنقل من اجلهم، وجودك لا معنى له دون رجل ولدت من صلب رجل مكلفة بصيانة اعراض اقربائك من الرجال لتزوجي رجلا وتنجبي رجلا.
في مجتمعاتنا، ورغم المستوى العلمي المحترم الذي تتحلى به أغلب النساء، إلا ان تفكيرهن لا يختلف كثيرا عن امهاتهن اللاتي زرعن في عقولهن بذرة الدونية والخنوع. في سنّ العشرين عندما ينشغل الفتى بخوض جميع تجارب الحياة وينهمك في تطوير نفسه تبدأ أمك في نقر جرس الخطر " يجب ان تشرعي في مهمة البحث عن زوج والا أصبحت عانسا" وتكلمك بين الفينة و الاخرى لتعلمك بان فلانة التي لم تتحصل حتى على شهادة ختم التعليم الاساسي فازة بجائزة الموسم و تجوزت فلان صاحب محلات المصوغ " اما انت و شهاداتك العليا فإلى الجحيم! رويدا رويدا ننخرط في المنظومة وترانا نطلق بكل تبجح على بنات جنسنا جميع انواع النعوت فقط لأنها تمردت. ستقبلين ان الخطيئة ان ارتكبت من قبل الرجل فهي تجربة وان ارتكبت من طرف المرأة فهي نهاية المطاف. وتقبلين بزوج لا يشبه فارس احلام الصغر فقط لان الوقت حان ولربما تنجبين فتاة لتزرعي بدورك في عقلها ان الدمى خلقت لنلعب بها كما نشاء.
أنزل الله ادم وحواء معا ونحن فرقنا بينهما. تكمن تعاسة هذا المجتمع ومن خلفه كلّ المجتمعات التي لم تخرج بعد من ظلمات التخلّف والجهل في اضطهادها لنصف المجتمع. ولا تغرك تلك القوانين الثوريّة التي تحمي حقوق المرأة، فالثورة الحقيقيّة تحصل على مستوى العقليات لا في الدساتير والمجلات القانونيّة. في مجتمع لا يحاسب فيه الرجل كالمرأة ولا تتمتع بحقوقها كاملة فترث نصف ما يرثه لا يمكن ان نتحدث عن تطوّر. لمجرّد أنها أنثى، تقضي المرأة حياتها في صراع ابديّ مع منظومة قيميّة اتفق عليها الأجداد منذ عصور غابرة وتوارثتها الأجيال وحافظت عليها. شرف العائلة لا يرتبط بأفعال مشينة يقوم بها الرجل بل بخروج الفتاة متأخرة أو وقوفها مع صديق أو حبيب.
تقزيم المرأة وتحقيرها نابع من مجموعة الخرافات الدينيّة والتقاليد البالية. تلك القنوات التي زحفت من بلدان الرمال ورسّخت فينا ثقافة "العورة" و"تعدد الزوجات". أصبحت درجة الايمان تقاس بغطاء الرأس او بطريقة اللباس. مجتمعاتنا لا تحمّل الرجل أي مسؤوليّة ولكنن المرأة لا يحق لها ان تمارس حياتها الطبيعيّة ذلك لمراعاة غرائز الرجل. كبت يتزايد كل يوم، وعلاقة متوترة بالمرأة لأننا نعتبرها رمز الخطيئة. هي دائما في قفص الاتهام والرجل ضحيّة. والحقيقة اننا ضحايا مجتمع ذكوري لن ينهض قبل ان يعالج عقده ويعامل المرأة بنديّة.