كارت أحمر ل 308



ندا الخوّام
2017 / 8 / 8

على الرغم من التقدم الذي تشهده بلدان العالم الثالث تزامنا مع الثورة الإلكترونية والانفتاح الكبير على العالم والتعاطي معه ، إلا أنه لازالت المرأة وقضاياها طرفاً مضطهدا في تلك المجتمعات لا سيما في ظل ما تشهده المنطقة من صراعات وحروب بعد ما يسمى ( بالربيع العربي ) وتواجد الارهاب في نسب متفاوته في تلك البلدان ، مما أفقدها جزء كبير من قوتها. إذ تعد الكائن الأكثر ضررا من الحروب والصراعات المتواجدة على الأرض بشكل فعلي والضحية الأولى لها، فضلا عن قضايا المجتمع وحوادثه الدورية التي تقع يوميا نتيجة التحرش الجنسي وضياع الشباب العربي بين ضغوطات الحياة والانحلال والمخدرات وما شابه ذلك.

تفاجئنا المملكة الاردنية بخطوة متقدمة وملحوظة في قوانيينها لاسيما قوانيين الاحوال المدنية وقضايا الشرف وجرائم الاغتصاب وهتك العرض والافعال المنافية للحياء، إذ صوت مجلس النواب الاردني لإلغاء المادة 308 التي تنص على ارغام المغتصب من الزواج بالضحية الذي اغتضبها . وقد تم إلغاء المادة المذكورة بعد مطالبات واسعة من قبل ناشطات وحقوقيات ومؤسسات المجتمع المدني ، والتي تعفي المغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية حتى لو كان عمرها 15 عاما.
بهذا تنضم الاردن الى قائمة الدول اللاغية لهذا القانون على مستوى الشرق الأوسط العربي والذي يعد من القوانيين القمعية المساعدة للجاني بالخلاص من العقوبة والنفاذ منها ، وارغام الضحية على العيش مع جلادها حياةً كاملة تحت مسمى عقد الزواج وإبرام اتفاقية التستر على العرض وابتداء رحلة معاناتها وأضطهادها تحت سقف يجمعها بمجرم لم يرحمها يوما ليستمر بأغتصابها عمراً .

يعد هذا الانجاز نصراً كبيراً للفتيات الأردنيات اللواتي يمكنهن الآن البت بالرفض القاطع بوجه الجلاد والمجتمع والقوانيين على حد سواء، دون الرجوع للأثر المحبط لقضيتهن والشعور الدائم بالخذلان بقمع حقوقهن المشروعة. والاعتزاز بحق التمييز في كسب المرأة كافة حقوقها أسوةً بالرجل؛ إذ ليس بغريب أن يصدر مثل هذا الانجاز من دولة متميزة كالأردن تقود نسائها السيدة الأولى (الملكة رانيا) التي عُرفت بشخصيتها المتميزة والفريدة والقوية ، والداعمة في الوقت نفسه للمرأة وقضاياها.

وتُعد هذه خطوةً تحفيزية ومشجعة لتعمم على سائر البلدان العربية من أجل استقلالية المرأة ودعمها في الدفاع عن حقها وكسب المزيد من الثقة في التعامل مع القضايا التي تدينها ليس لشيء إلا لأنها كائناً مداناً بالأنوثة .