جنسية الام حق لابنائها



حنان بديع
2006 / 2 / 9

منذ مدة ليست بالبعيدة كانت بعض الدول العربية وخاصة في بلاد الشام تنسب الزوجة الى الزوج
بإضافة اسمه كلقب الى اسم الزوجة الاول بدلا من اسم الاب وهو الامر الذي يبدو بغاية الاهمية اذ يصبح معه وضع الزوجة في جواز سفرها مماثل لوضع الابنه في الانتساب الى اسم الزوج ورب الاسرة، لكن رغم هذا وما يتبعه من اشكالات الا أنه لم تقم الدنيا ولم تقعد كما لم يتبرع أحد الاقلام للكتابة عن هذا الموضوع أو نقده أو تحليله وكأنه تم بتواطؤ اجتماعي تدعمه موروثاتنا الثقافية وهذا الامر يتكرر اليوم بثوب آخر وبصورة أخرى مما يؤكد أننا مجتمعات لا زالت ترفض التطور والتغيير متجاهلة ربما عن عمد المشاكل والحالات الانسانية المعقدة التي تحتاج الى علاج جذري بدلا من التمسك بما نسميه قاعدة لا نحيد عنها.
أهم هذه المواضيع أو الاوضاع الاجتماعية التي طرحت مؤخرا اضافة الى موضوع نسب الابناء المولودين من زواج عرفي أو علاقات غير شرعيه موضوع حق الام في منح الجنسية لأبنائها من زواجها من أجنبي (من غير جنسيتها) والقانون يحظر أو يمنع الاعتراف بحق الابناء في التمتع بجنسية الام كما الاب أو الاختيار بين جنسية الام والأب وهو القانون الساري في معظم الدول العربية .. وبعيدا عن كون المسألة ثقافة ذكورية بحته وهو ما حاولت بعض الاقلام نفيه واعتماد اسباب أخرى لم تكن مقنعه أو موضوعية اذ كيف يمكن ارجاع هذا الرفض والحظر الى اعتبار الاب هو الاقدر على تربية الابناء وتنشئتهم تنشئة وطنية وهو ما ينافي الحقيقة كلية..فليس خافيا على أحد أن الدور الغالب في تكوين عقلية الولد بالتربية يعود للام ، اذ أن للام الدور الاعظم في التربية والتنشئة بلا منازع ولهذا السبب كانت الحضانة للام في السنوات الاولى لمرحلة الطفولة وهي المرحلة التي تشكل شخصية الانسان فيما بعد، هاذ اذا افترضنا أن الاب يقوم فعلا بدوره الطبيعي والفعال في ظل ثقافة تعتمد على الام في كل تفاصيل التربية والتنشئة وتمنح الاب سلطة أبوية يمارسها اذا ما لزم الامر.
ينادي أصحاب الاقلام المؤيدة لهذا الحظر أو المنع لمنح جنسية الام لأبنائها بما يسمونه توحيد الاسرة وعدم تشتتها في حين لا يعتبرون زواج الرجل من زوجة أجنبية(من غير جنسيته) أمر يؤدي الى التشتت وهي الام نصف المجتمع وعماد الاسرة وذات التأثير الغالب في شعور الابناء بالانتماء مما يجعل مسئولية الام والأب مشتركة ومتساوية في تشكيل الاسرة ووحدتها خاصة في عصرنا الحالي الذي باتت فيه الزوجة تشارك زوجها في مسؤولياته اجتماعيا واقتصاديا بلا تمييز.
يخشى الكثيرون من اهتزاز هذه النظره التميزية وزحزحتها مما قد يجر مستقبلا الى منح هذا الحق لبعض الحالات التي تستدعي أو بعض الابناء الذين يفضلون جنسية الام بحكم ولادتهم ونشأتهم في بلد الام حيث يؤكد الواقع أن الوطن هو شعور الانتماء وليس مجرد جنسية أو جواز سفر.
في النهاية لا يمكن أن يكون منح الجنسية لأبناء الام وتقديم الحل لمشاكل حقيقية بل مأساوية للذين يستحقونها رضوخا أو ركوعا كما رآه البعض ذلك لان الانسان أهم وابقى من القواعد والقوانين وليس هناك قاعدة مخلدة الى الابد أو قانون قادر الى ما لا نهاية على حل مشاكل الامم والشعوب دون مراعاة عامل الزمن والتطور والنمو والا كيف بعد كل هذا الاصرار على اقصاء الام وتقنين دورها اجتماعيا لا تكون مسألة ثقافة ذكورية ؟
فالنفكر بالموضوع..
أو لنجرب على الاقل.