وداعا المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم! لك المجد والخلود!



يوسف بوستة
2017 / 8 / 14

تلقينا بأسف عميق نبأ وفاة المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم، أحد أبرز القادة التاريخيين لحركة التحرر الوطني بالسودان وللحركة النسائية العربية والعالمية، وبرحيلها تفقد الحركة الديمقراطية واليسارية السودانية والعربية والعالمية، أحد أعمدة النضال الوطني التحرري، واحد النساء الرائدات في العالم من أجل تحقيق مجتمعات الحرية والكرامة والمساواة بين الرجل والمرأة والحرية لجميع الشعوب، وهي أحد أبرز القادة في الحزب الشيوعي السوداني حيث انتخبت عضوة في اللجنة المركزية منذ 1967، وقادت إلى جانب رفاقها ورفيقاتها العديد من الثورات الشعبية بالسودان على مدى أكثر من نصف قرن، وواجهت خلاله عبر مسيرة نضالية طويلة كل أشكال القمع والديكتاتورية والهمجية السلطوية للأنظمة الاستبدادية، سواء في عهد نظام عبود الذي اغتال رفيقها وزوجها القائد العمالي والشيوعي أحمد الشفيع، أو في عهد السفاح جعفر النميري الذي ساهمت مرة أخرى في إسقاط نظامه هو الآخر، وبعدها واجهت تحالف الترابي والبشير سواء من داخل الحزب الشيوعي الذي ظل محظورا لسنوات او في اطار التجمع الديمقراطي المعارض.

وشكلت فاطمة إبراهيم مثالا للمناضلة والقائدة التي كرست جهدها وحياتها للنضال الطبقي بشكل متوازي مع النضال الديمقراطي النسائي التحرري، بالكفاح من أجل إقرار المساواة الفعلية بين الجنسين، والدفاع عن قضايا المرأة فكرا وممارسة ومواجهة كل أشكال التمييز والاضطهاد والاستغلال المزدوج للمرأة السودانية والعربية.

تلك النضالات والتضحيات جعلت من فاطمة أحد أبرز قادة الحركة النسائية العربية والعالمية، حيث تم انتخابها رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي سنة 1991، مما جعل نضالها يشمل مساحات أوسع وأشمل في التأطير والمرافعة والكفاح من أجل العدالة والمساواة لنساء العالم وإبراز وضع المرأة العربية، دون أن تغفل عن استكمال المهام النضالية داخل الوطن المسيج بالأغلال والقيود الرجعية والظلامية، ورغم المرض والوهن الذي حد نسبيا من تحركاتها في الآونة الأخيرة، فقد ظلت واقفة بشموخ قل نظيره في الدفاع عن قضايا المرأة العادلة وعن الحرية والكرامة للشعب السوداني، الا ان رحيلها المفاجئ لم يمهلها حتى تحتفل بالنصر للمرة الثالثة وإسقاط الديكتاتورية العسكرية لعمر البشير.

لقد رحلت دون أن تبلغ ذلك الحلم المتجدد باستمرار، رحيل بلا شك سيشكل خسارة كبيرة يصعب تعويضها في هذا الظرف الدقيق، الذي تتصاعد فيه نضالات الشعب السوداني وقواه الديمقراطية من أجل إسقاط نظام البشير ومن أجل دحر الطغيان الذي أنهك الوطن والشعب، وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي العادل لمجتمع متحرر، وهي الأهداف التي كرست حياتك من اجل تحقيقها بصمود وإصرار.

وأمام هذا الخطب الجلل لا يسعنا وبقلوب مفجوعة إلا أن نتقدم باحر التعازي للشعب السوداني الشقيق ولكل النساء المناضلات وكل الديمقراطيين والاحرار، خاصة منهم رفاق الدرب والتضحية والنضال، رفاقك ورفيقاتك ايتها المناضلة الخالدة فاطمة أحمد إبراهيم. فلك المجد والخلود وانت ترحلين إلى متواك الأخير مع الشهداء والابرار.

وداعا ايتها الشامخة ولترقد روحك بسلام!