المرأة بين القانون والشريعة الاسلامية



ماجدولين الرفاعي
2006 / 2 / 11

خبر طريف نشرته احدى الصحف يقول:زوجة اردنية في الثمانين من عمرها تطلب الطلاق من زوجها.
قد يبدو الخبر عاديا .. ربما طلبت ذلك اثر مشاجرة بينها وبين زوجها وتحت وطأة الغضب طلبت الطلاق لكن الطريف بالامر انها ارادت الطلاق خوفا من ان تكون زوجته في الاخرة اذ وكما يقول رجال الدين فللرجل سبعين حورية ومن بينهن زوجته ذاتها ,,,,,,
لهذا وجدت ام حاتم وهو اسم تلك المراة انها مع زوجها دون ضرائر لم تكن سعيدة ومرتاحة فكيف مع سبعين حورية !!!!
وقد وجدت ام حاتم في هذا الامر اجحافا لها ووجدت ان الطلاق الطريق الوحيد للتخلص من الوقوع في فخ تواجدها مع زوج سئمت الحياة قربه في الحياة الدنيا فكيف تعود في الاخرة اليه !!
وهنا يلح علينا سؤال هام كم تتحمل المراة في حياتها وماهوحجم الضغط الذي يقع على كاهلها لكي تصل الى هذا الحد من الاشمئزاز من العيش مع زوجها والخوف من تواصل هذا العيش في الاخرة وهل هذه الوعود للرجل التي تفزع المراة حقيقية ؟
ان كانت كذلك فمعنى هذا ان المراة قدر لها ان تعاني دنيا واخرة وهي بالتالي غير مخيرة ومسلوبة الارادة حتى بعد موتها . لقد كرست بعض القراءات الخاطئة للقران والتطبيق الخاطيء لتعاليمه على ابقاء المراة في ظل الحياة بعيدة عن مشاركتها الفعلية والفاعلة في مجتمعها اضافة للقوانين المستقاة من التشريع والتي حرصت الحكومات على تطبيقها خلال السنوات الطويلة والتي لاتتناسب ومكانة المراة التي اثبتت ورغم جميع الظروف على انها قادرة على اثبات وجودها كنصف فاعل للمجتمع
من المعروف أن جميع القوانين والتشريعات في سورية هي قوانين وضعية باستثناء قانون الأحوال الشخصية الذي يستند في جل أحكامه إلى الشائع من المذهب الحنفي المستقى من التشريع الاسلامي، وأهم هذه القوانين سنت بعيد الاستقلال وغالبها اعتمد القانون الفرنسي (كقانون العقوبات والقانون المدني وأصول المحاكمات و قانون التجارة والبينات ..) ولعل دولة المؤسسات المدنية ذات التوجه العلماني لا يمكن أن تستند في تشريعاتها على النص الديني الذي أضحى لا يتلاءم مع تطور الحياة وقوننة الدولة . وبقيت قضايا الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والمواريث تعتمد على النص الديني على أساس أنها حق من حقوق الله ، ولما كان العمل بالقوانين الوضعية يتعارض في بعض منه مع أحكام شرعية بل ونصوص قرآنية ، فإن ذلك يدعو للسؤال لما هذه الازدواجية في الأخذ بالتشريع ولما يحلل القانون حكما شرعيا ويحرم الآخر, إن أكثر مسالة ملحة يجب مناقشتها في القانون السوري مسالة عدم توريث المراة كامل الميراث في حال أنها لم تنجب ابن ذكر وإعطائها هي وبناتها جزء من الميراث وتوزيع الباقي على أهل الزوج حسب القانون المتبع المعتمد في أحكامه على التشريع الإسلامي باعتبار أن هذه القضايا قد نزل فيها نصوص قرآنية لا يجوز الحياد عنها ، ولكن لدينا في التاريخ شواهد تدل على مخالفة النص القرآني حتى من الخليفة أو الحاكم ، فالخليفة عمر بن الخطاب ألغى أسهم المؤلفة قلوبهم رغم وجود النص ، كما ألغى قطع يد السارق في عام الرمادى نتيجة القحط والجوع الذي زامن تلك الفترة ، .فهل يستطع المشرعون من خلال ذلك تجاوز هذه المسائل بسبب تغير الظروف والتطور الحاصل في المجتمع فقد نزلت الآيات القرآنية الكريمة في زمن لم تكن تعمل المراة فيه ليل نهار الى جانب الرجل لتأمين المسكن الذي يورث لأخوة الزوج دون أن يكون لهم أي تعب في تلك الثروة التي جمعتها بصرف أجمل سنين عمرها وعمر زوجها لأجل تامين الأطفال في المستقبل ، هذا القانون يعتبر من القوانين الظالمة للمراة والتي تلحق بها الضيم وقد تسبب في تشردها وتشرد أسرتها لماذا لا يهتم المشرعون والفقهاء بإيجاد اجتهاد ينصف تلك المراة كما فعلت بعض الدول مثل تونس التي سنت نصا جريئا منعت فيه تعدد الزوجات لما فيه من ضرر للزوجة رغم وجود نص قراني يبيح الزواج بأكثر من امرأة (انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع الى آخر الآية الا ان القانون التونسي رأي أن الضرر من الزواج بأكثر من واحدة أكثر من فوائدة فاقر منعه لذا علينا في هذه المرحلة تجنيد جميع الجهود التي تساعد في تحقيق العدالة والدعوة الى
المساهمة في تغيير قوانين الأحوال الشخصية والتي تتشكل غالبيتها من بنود تعزز انتهاك حقوق المرأة والحط من كرامتها وتكرس النظرة الدونية لها بالاستناد إلى النصوص الدينية والعادات والتقاليد القبلية و الذكورية ,فرض الالتزام بالاتفاقات والمعاييروالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق المرأة ومساواتها .