لقاء مع ناجية تتنهد لهموم المجتمع .



داود مراد ختاري .
2017 / 9 / 17

لقاء مع ناجية تتنهد لهموم المجتمع .
الباحث / داود مراد ختاري .

عند تجوالي في مخيمات النازحين من أهلنا في شنكال ، سألت عن عنوان إحدى الناجيات ، ثم التقيت بها ورأيتها في حالة نفسية صعبة جداً فلم أطلب منها التحدث عن رحلتها المأساوية لدى الدواعش بل حاولت أن أقلل من بعض همومها... وسألتها لما كل هذه الهموم يا أختاه ؟!
فردت الناجية (س. م) قائلةً:
القي القبض علينا في اليوم الأول من الكارثة والآن عائلتنا بالكامل لدى الدواعش ونجوت لوحدي فيما بعد ، والآن أنا بانتظار الجميع، ولكن يبدو ان الشمس لا تود أن تشرق وهي في غيبوبة .
وقد سألتها عن أسباب بؤسها وهناك الكثير من أهلنا يمرون بنفس المعاناة ؟
فردت قائلةً: هناك مجموعة من المناظر لا تغيب عن نظري ومنها :
- ساعة القاء القبض علينا.
- وجوه العائلة .
- أطفالنا الصغار حينما كنت أحملهم الى صدري.
- إخوتي وشقيقاتي كانوا طلاب علم وأراهم يعودون من المدرسة وهم حاملي حقيبة الكتب .
- والدي الذي علمني الحياة بكل تفاصيلها وعلمني معنى الشرف، وقد فقدت كل شيء..
ومناظر أخرى رأيتها لدى الدواعش :
- صرخات الفتيات حينما يتم أخذهن وبيعهن الى الوحوش .
- تجوال المشترين داخل قاعات الفتيات ويتم اختيارهن كسوق الغنم .
- أهل القتل والذبح يدعون بأنهم أهل الله وانتم الإيزيدية كفرة .
- فتاة ايزيدية حافظت على شرفها وتغتصب رغماً عنها دون ذنب يذكر.
الا تكفي هذه المناظر كي أكون تعيسة الوجه ؟!!! ، والآن أنا هنا بانتظار أهلي يعودون أو اسمع رنين الهاتف النقال (الموبايل) من أحدهم كي أطمأن أن البعض منهم مازالوا أحياء وعلى قيد الحياة.
وهنا أرى أن أكثر أبناءنا الإيزيدية يودون الرحيل عن وطن الأجداد ... وطنٌ تمسكوا به منذ الاف السنين وقدموا ملايين القرابين، وطن أجمل بقعة في الأرض جمالاً ومناخاً، لنا فيه بصمات ومقدسات وضعها الله في الارض خميرة ، حافظنا على ديمومتنا ولغتنا، عاداتنا وعقيدتنا منذ زمن بعيد واليوم نود منه الرحيل.
تنهدت وتنهدت ثم بكت فبكيت معها ، في دموعها تصوير لمأساة شنكال والإيزيدية بكل تفاصيلها ، دموع الحنين الى الأرض قبل مغادرتها، بعد أن كنا سلاطيناً وأهلاً لها سنصبح ذكريات تاريخية تذكرها بعض صفحات كتب التاريخ والآثار فقط ، ونلتجىء كدخلاء الى أرضٍ وشعبٍ سنصبح خدماً لهم مقابل الأمان، ونمد أيادينا للصدقة.
وهناك هل سنتحدى الصعاب ، بالرغم من التشتت والإغتراب ؟!!!! ، وسنذوب في كأسهم الذي سنشرب منه يومياً الكثير الكثير!!! .

عن ماذا أحدثك ؟ عن حملات الابادة المتوالية دون انقطاع عبر قرون وسنين طوال ومن متعدد السلطات والولاة ؟ عن الذين كانوا معشرٌ لنا وخانوا الملح والزاد في لحظة أصبح لهم السلطة وكشفوا عن نياتهم السوداء ؟.
اليس من حقنا أن نفقد الأمل في البقاء على هذا الأرض.
في عصر التقدم والازدهار ومعشرنا يبحثون عن عقليتهم الصحراوية المتصدئة بالبحث عن وسائلٍ لذبح الناس وفتح أسواق النخاس لبيع النساء !!! .

لذا اختلطت أوراقنا، ولا نعلم شيئاً عن مستقبلنا.

كيف لي أن لا أتنهد ولا أبكي ....
أنا اخجل حتى من نفسي.