وضعية المرأة قي مدونة الشغل



حسن الصعيب
2017 / 9 / 27


صدرت مدونة الشغل ،لتعوض قانون الشغل في إطار حكومة التناوب لسنة 1999،من أجل تكريس تحولات اقتصادية واجتماعية،عنوانها العريض هو التحويل السريع في عملية الخوصصة وما نتج عنها من تأثيرات خطيرة مست في الجوهر مفاهيم “الشغل”والتشغيل “و”المقاولة”،بالإضافة إلى مأسسة النقابة أو الجمعيات والمنظمات المهنية لتتحول إلى شريك اقتصادي لا يخل بالتوازنات الاجتماعية والاقتصادية وحرمان الطبقة العاملة من سلاح الإضراب لخوض الصراع النقابي من أجل الدفاع على حقوقها الاجتماعية،ثم فصل النضال النقابي عن النضال السياسي لإفراغهما من محتواهما تسهيلا لمأمورية البرجوازية المفترسة كي تحكم بقبضة من حديد وتؤبد سيطرتها الاقتصادية والسياسية والاديولوجية لأمد طويل.
هكذا تم فرض عقد عمل محدودة التي أصبحت هي القاعدة في حين أصبحت عقد العمل القارة هي الإستتناء(الباب الخامس من خلال المواد32و33و34)،وتسهيل التسريحات الجماعية وإغلاق المؤسسات ولو بشكل تعسفي(الفرع السادس من خلال المادتين 66و67).
ناهيك عن تقليص ساعات العمل وما ينتج عنها من تقليص في الأجور، وتحرير الأجور (إلغاء السلم المتحرك للأجور) وعدم أخد بعين الاعتبار غلاء المعيشة.
غير أن التحول الجوهري في نظام الشغل ،داخل المصنع أو الشركة هو تمثيلية العمال عبر مناديب بدل ممثلين نقابيين وفتح باب السمسرة في اليد العاملة عن طريق شركات توظيف (وكالات عمل) أو شركات الوساطة .
وفيما يرتبط بانعكاس المدونة على وضعية المرأة العاملة،فالنساء هن الأكثر عرضة للتسريح بمبرر المرونة ،أو يتعرضن للتمييز على مستوى الأجور ،فضلا عن تضايق أرباب العمل من توظيف النساء الحوامل والمرضعات ،علاوة على ظروف الاشتغال والتحرش الجنسي وغيرها من ضروب العمل الحاطة بالكرامة.
ورغم التنصيص في المادة 163″على إنشاء دار للحضانة بمساهمة عدة مقاولات متجاورة بمنطقة معينة مع تجهيزها وفق الظروف الملائمة” فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد دعاية ،وفي الوقت الذي تستفيد الأم العاملة في التشريعات الغربية ،بأجرة مدفوعة مسبقا لمدة سنة لتربية مولودها ،فإن الأم العاملة في المغرب ما تزال تناضل من أجل الشروط الصحية لإرضاع مولودها ،ويتلكأ أرباب العمل في توفيرها لأسباب تافهة.
والمدونة ليست صريحة في حماية العاملات الزراعيات اللائي لايتوفرن على حقوق مماثلة في النشاطات غير فلاحية ،إذ تنص المادة 172على أنه”يعتبر شغلا ليليا في النشاطات الفلاحية ،كل شغل يؤدي فينا بين الساعة الثامنة ليلا والخامسة صباح”
ولعل المثال الصارخ والدال في هذا المجال “الشركة المدنية الفلاحية لاكليمونتين بأزمور ،فعدد العاملين بالشركة يصل إلى ألف عامل وعاملة /بينما الثلثين منهم نساء ،يشتعلن بدون حد أدنى للشغل وبلا بطاقة عمل ولا ورقة الأداء ولا عقد شغل ولا صحة ولا سلامة ولا حق في العمل النقابي والتمييز في الأجر والعمل (الأعمال الهامشية مخصصة للنساء)وأخيرا الطرد والمحاكمات ممن حاولن المطالبة بالإنصاف.
وبصورة مجملة فالمدونة تساهم في تكريس وضعية المرأة الدونية والهامشية، علاوة عما تعيشه من أوضاع الفقر والبطالة والأمية والعنف بكافة أشكاله.